الكرمل العربيّ ونظرية الاستقبال في الأدب!

تاريخ النشر: 19/01/13 | 22:33

افتتح منتدى الحوار الثقافيّ في مركز البادية  عسفيا الكرمل عامَهُ الجديدَ بلقاءٍ أدبيٍّ ثريّ، حول كيفيّة ممارسة المحادثة والحوار في تعزيز حرّيّة الإنسان، من خلالِ كتاب “نظريّة الاستقبال في الرواية العربيّة”، للباحثة د. كلارا سروجي شجراوي، المحاضرة في جامعة حيفا.

استهلّ اللقاءَ الشاعر رشدي الماضي  بكلمةٍ ترحيبيّة بعنوان” مع كلارا سروجي على قمّةِ الصمت:

الكلمة هي أمّ فنون القول العربيّ، رغم أنّها مرّت على امتداد العقود بأطوارٍ تتفاوت بين روعة المدّ، ولوعة الجزر والانحسار، ومرارة الانكسار. الحقّ أنّ الكلمة العربيّة تجتاز اليوم واحدًا من المنعطفات الحادّة في مسيرتها، تعكسه روح العصر، والإيقاع الحضاريّ السريع، ونبض التغيّر اليوميّ في الوسائل التقنيّة وثورة المعلوماتيّة ومستحدثاتها، وهو نبضٌ يلهث إنسان العصر وراءَه.

ولأنّ الكلمة هي ذلك النتاج الإبداعيّ الخلّاق، تصبح عمليّة القراءة بالنسبة لها، لا يراد بها تلك القراءة السريعة، بغية المتعة العابرة أو الاستطراف أو التسلية، كما لا يُراد بها استقبال تلك الكلمة استقبالًا تلقائيًّا، نابعًا من الذوق الشخصيّ وحده، بل يُقصد بها ذلك الجهد الواعي الذي تمارسه الذات المثقفة، حين تتلقى الكلمة كعمل أدبيّ، فتحاول إدراك العلاقات التي تربطه بمَثل أعلى خاصّ، كما تحاول اكتشاف كلّ أو بعض معطياته الجماليّة، نافذةً من خلال ذلك إلى إيماءاته النفسيّة والفكريّة، ومن ثمّ قد ترتقي عمليّة التذوّق إلى درجة النقد المنهجيّ، أو فنّ تمييز الأساليب، وهذا يُثري ساحتنا الأدبيّة بمناقشات نقديّة مستفيضة في مفهوم الأدب، وطرق استقباله وتقبّله، ليشكّل بالنتيجة الرائعةَ الحقيقيّة لتنمية وعي الإنسان ذوقًا وإبداعًا.

هذا الحوار برأيي المتواضع لم ولن يُحسم، وما كان له أن يُحسم، فالخلاف النظريّ حول قضيّة الاستقبال لم يُفضِ إلى اتفاق وجهات النظر والرأي حول مفهوم موحّد، أو شبه موحّد لهذه النظريّة في الأدب، وترتّب على هذا، أنّ مشكلة منهج التذوّق الأدبيّ ما زالت قائمة، فالعمل الإبداعيّ تدخّلُ في محاولات الوعي به تشكيلةٌ من العوامل النسبيّة، مثل ثقافة من يريد سبر أغواره ومعالمه، ومكوّنات ذوقه الخاصّ، وإلهامات زمنه ومحيطه الاجتماعيّ وانتماءاته المختلفة.. إلخ

هذا غيضٌ يسيرٌ من فيض غزير للأسئلة والتساؤلات حول نظريّة الأدب وكيفيّة استقباله، وهو مُحفّزنا الذي نادانا أن ندعو باحثة أكاديميّة بامتياز، لا يُرعبها الطير الأسود في ليل إبحارها في عباب العمل الإبداعيّ، بل يوقظها قاربًا وصارية وبوصلة، كزرقاء اليمامة رائية، لا تخشى أن تسكن خلال رحلتها السندباديّة، إن سكّن الصمت مجدافها، لأنّها شاء الصمت هذا أم أبى، ستواصل رحلة قراءتها للعمل الأدبيّ قراءة أوركستراليّة شاملة، لتضع باصرتنا وبصيرتنا على المنابع التي استقى منها هذا الإبداعُ روائعَه شكلًا ومضمونًا، ونحن حين نفتح وثيقة هُويّتها، سوف لن نجد اسمَها عنترة، بل كلارا سروجي شجراوي، الباحثة والمحاضرة الأكاديميّة في جامعة حيفا. 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة