وداعا أيها الشيوعي المعتق

تاريخ النشر: 06/04/15 | 15:41

فارق الحياة المناضل الشيوعي الأردني المخضرم المعتق الدكتور يعقوب زيادين، بعد حياة واسعة زاخرة بالنشاط السياسي والحزبي، وبالكفاح والعطاء والتضحية والدفاع عن مصالح وحقوق الجياع والمسحوقين والكادحين. وبوفاته تخسر الحركة الوطنية والشيوعية واليسارية الأردنية احد مناضليها الأفذاذ الأشاوس، واحد أعلام النضال والعمل السياسي والنقابي، واحد أبرز قادة الفكر الماركسي في الأردن وفلسطين والمنطقة العربية.
يعقوب زيادين سنديانة حمراء وارفة الظلال، وشخصية وطنية وشيوعية مكافحة ومقاتلة بارزة، ومناضل وطني وأممي كبير وعريق، وإنسان صاحب وجدان وضمير صافٍ، ومواقف وطنية جذرية صلبة وراسخة، وتضحيات جسيمة، تجسدت فيه الروح النضالية الوثابة، وعرف بالجسارة والاستقامة والنظافة والمبدئية والنزاهة والصلابة والنقاء الثوري والعناد والشموخ والتمسك الشديد بالكرامة الشخصية والوطنية والإنسانية، ولذلك كسب ثقة ومحبة الناس والجماهير ورفاق الدرب، وحتى ممن كانوا على خلاف معه في أرائه ومعتقداته وأفكاره.
ولد زيادين في الكرك العام 1922، نشأ وترعرع في الكرك وسط البادية، التي تركت أثراً واضحاً على حياته وفكره ونفسيته. عاش حياة بسيطة ومتواضعة، حياة كفاف، وعمل في الفلاحة ورعي الأغنام لمساعدة الأهل.
نهل من ينابيع الفكر الماركسي والمعارف الفلسفية العلمية الجدلية والثقافة الإنسانية الجمالية التقدمية، وآمن بالنظرية الماركسية، وتسلح بفكر الفقراء والعمال والطبقات الشعبية الكادحة، وظل وفياً لمبادئه وقناعاته الفكرية والسياسية، قابضاً على جمرها، رغم الهزات العنيفة التي أصابت الحركة الشيوعية العالمية.
انضم زيادين للحزب الشيوعي السوري اللبناني أثناء دراسته الطب في سوريا، ثم أًصبح مؤسساً في الحزب الشيوعي الأردني الذي انبثق وتأسس في الحياة السياسية والحزبية الأردنية في بدايات الخمسينيات. وفي العام 1970 اختير ليكون عضواً في المكتب السياسي للحزب الشيوعي الأردني، وفي العام 1977 أصبح أمينه العام حتى العام 1997.
تعرض زيادين كثيراً للاعتقال السياسي والتعذيب الجسدي والنفسي، وقضى اثنا عشر عاماً خلف القضبان في سجون وزنازين النظام بتهمة الانتماء للحركة الشيوعية، لكن ذلك لم يفت من عضده، ولم ينل من عزيمته القوية وإرادته الثورية العنيدة وإيمانه الراسخ، وبقي متمسكاً بالمبدأ والفكر والعقيدة، مغلباً القضايا الوطنية والطبقية الكبيرة لشعبه على رغباته ومصالحه الذاتية والشخصية. وقد أمضى عمره وحياته، إلى جانب عمله في الطب، في النضال والكفاح الشرس ضد الفقر والظلم والاضطهاد والاستغلال والعدوان والاحتلال والاستعمار، ولأجل تحرير وخلاص الإنسان من كل صنوف وألوان الاستعباد، وفي سبيل الحرية والتقدم والسلام والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية.
ولزيادين مجموعة من المقالات التحليلية والكتابات السياسية والفكرية والتاريخية من عباب الذاكرة، وبعض المؤلفات والكتب، منها ” البدايات، ليست النهائيات، شاهد على العصر، لو عادت بي الأيام “.
يعقوب زيادين مثقف ثوري ومناضل جسور، تمتع بشخصية إنسانية من الدرجة الأولى، وبرؤية واضحة، وارتبط بقضايا شعبه الوطنية والطبقية وذاد عنها، وسيبقى مثالاً للعطاء والنضال والمثابرة والتضحية والجسارة والالتزام الفكري العقائدي، لأجل مجتمعه وشعبه ومستقبل الطبقة العاملة الكادحة، التي ستبني بدمائها وعرقها وقبضتها، مجتمع العدالة والمساواة والتعايش السلمي والديمقراطية.
رحل يعقوب زيادين ولكن إرثه النضالي والسياسي والفكري باقٍ لنا نحن معشر الناس الثوريين الحالمين والمقاتلين من اجل تحقيق الأهداف النبيلة السامية التي نؤمن فيها ونناضل ونستشهد في سبيلها، وإننا نستلهم من التزامه الثوري بقضايا شعبه نموذجاً لنا وذخراً للعد والمستقبل الجميل الزاهي الآتي لا محالة.
فوداعاً يعقوب زيادين، أيها الشيوعي العنيد، والمفكر الأصيل العميق، والقائد الشجاع، وسيظل اسمك محفوراً في سجل الخالدين، فأمثالك لا يموتون.

شاكر فريد حسن

shakerfred

‫2 تعليقات

  1. بعدين معك؟؟ انت مثل البدوي الي نزل عالمدينة كنك سامع جديد بالشيوعية المحروقة ونازل تمدح فيهم زي حدا حلالي يا مالي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة