حُكْم الْجَمْع بَيْن الْصَّلَوَات…

تاريخ النشر: 13/03/11 | 23:47

إعداد: الشيخ أحمد بن عبد الكريم بن أحمد مصري

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وأفضل المرسلين، وعلى أزواجه وذريته وأصحابه أجمعين؛ وبعد: فإن الأصل في الصلوات التي تؤدى في وقتها؛ ما لم يعرض عارضٌ مُعتبرٌ يُبيح إخراج الصلاة عن وقتها تقديماً أو تأخيراً (من خوف، أو مطرٍ، أو سفرٍ، أو مرضٍ، أو بردٍ، أو ريحٍ أو أي شاغلٍ). والأصل في الصلاة أن تكون تماماً غير مقصورةٍ؛ ما لم يعرض عارضٌ يُبيح للمسلم أن يقصرها (من سفرٍ، أو خوفٍ، أو حربٍ). وأوقات الصلوات معينة بالشرع – أي توقيفية وليست توفيقية – ولا يجوز العبث بها. وهي على النحو الآتي:-

1-الفجر: من الفجر الصادق حتى طلوع الشمس.

2-الظهر: من زوال الشمس عن وسط السماء – أي بعد أن تخرج من كونها عامودية – وإلى أن يصبح ظل كل شيء مثليه.

3-العصر: من آخر وقت الظهر وحتى تغرب الشمس.

4-المغرب: من غياب الشمس وحتى غياب الشفق الأحمر.

5-العشاء: من غياب الشفق الأحمر وحتى منتصف الليل، دون قيام الحاجة – أي في الزمن الإختياري – وأما عند قيام الحاجة من مرض شاغلٍ مُعتبرٍ، فحينئذٍ يمتد وقتها إلى ما قبل صلاة الفجر؛ ويُسمى هذا الوقت بالإضطراري. وأما أوقات الصلوات المشتركة عند وجود الحاجة وقيام الحذر، من حيث الجمع تقديماً وتأخيراً، أو تماماً أو قصراً؛ فهي على النحو الآتي:-

6-وقت مشترك بين المغرب والعشاء كذلك مثل سابقه.

تنبيه: أما وقت الفجر فلا تقديم فيه ولا تأخير، وذلك أنه لا إشتراك له مع أي من الأوقات الأُخر. وكما هو معروف فإن الفجر يؤدى في وقت الغلس، وهو بداية الفجر الصادق وعند إختلاطه بشيء من الظلمة، ولكن جاز أن يؤخر إلى وقت الإسفار، وهو وقتُ إنفجار الفجر بالكلية فيملئ الطرقات والوهاد والجبال والودية – وليس المقصود بشروق الشمس، ولكن قبلها – وإعلم يرحمك الله أن الأوْلى في الأداء وهو آخر فعل النبي – صلى الله عليه وسلم – هو التغليس لا الإسفار، وعليه إستقر حاله هو والذين آمنوا معه.

ودليل ذلك من كتاب الله؛ فوله تعالى: ((وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ…)) (هود:114). فذكرت الآية ثلاث أوقات وهي: طرف النهار، وزُلف الليل، أما طرف النهار فهما الفجر والظهر والعصر معاً، وأما زلفتا الليل فهما المغرب والعشاء.

وفي آية أخرى: ((أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا…)) (الإسراء:78). فقد ذكرت الآية الثانية الأوقات الثلاثة مبتدأةً بغير ما إبتدأ به الآية الأولى. ودلوك الشمس هو الزوال أي وقت الظهر والعصر، والغسق هو إجتماع الليل وظلمته وهو وقت المغرب والعشاء.

تنبيه ولا تعارض بين الايتين: فإن إبتداء الآيات وإنتهاء كلٍ منهما على غير حال أختها لا يقتضي المغايرة والتعرض الحقيقي وإستحال الجمع بينهما إذ لا مشاحة في أن نبتدئ ذكر الصلوات من أي صلاة شئنا ما لم نُلغ ترتيبها المُعين من قِبل الشرع.

آراء المذاهب في الجمع:

1-عند أبي حنيفة وأصحابه لا يجوز الجمع مطلقاً لا بعذرٍ ولا بغيره ولا بحضر ولا بسفر إلا بعرفة – الظهر والعصر جمع تقديمه قصراً -، وفي مزدلفةٍ – المغرب والعشاء جمع تأخيرٍ قصراً – (في كلتا الصلاتين وجوباً).

2-أما جمهور أهل العلم وسائر الأئمة مالك، الشافعي، أحمد بن حنبل يجيزونه في السفر، ويجيزونه في الحضر بعذر مبيح: من مطر، أو ثلج، أو برد، أو وحل، أو مرضٍ، أو شاغلٍ محوج، شريطة ألا يُتخذ عادةً.

تنبيهات مهمة:

1-أساس الخلاف بين الحنفية والجمهور ناشئٌ من إختلاف أصول كلٍ من الفريقين عند تعارض النصوص، وفي الصحيح وتضعيف بعض النصوص الحديثة، وفي تأويل بعض الآثار، وفي تجويز القياس في العبادات، وفي إشتراك الأوقات.

والراجح ما أخذ به جمهور العلماء لما قام عندهم من أدلة صحيحةٍ وصريحةٍ، وإنتفاء المعارض الحقيقي لهذه النصوص.

2-قيد الظلمة في الجمع بعذر المطر لاغٍ ومنتفٍ؛ لثبوته عن النبي – صلى الله عليه وسلم -، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: رأيت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء‘‘ رواه مسلم وأحمد.

3- والشافعية إشترطوا المطر للجمع، وذلك لتاولهم في بعض الروايات أنه لأجل المطر، وهذا معارضً بروايات أخرى، كأثر ابن عباس – رضي الله عنهما – لما سُئل عن سبب جمع النبي – صلى الله عليه وسلم – فرد أنه لم يُرد إحراج أمته.

شروط الجمع بين الصلاتين:

1-ألا يكون الجمع بين الفجر وغيرها، ولا بين العصر والمغرب.

2-وجود النية ولا تشترط عند الصلاة الأولى على الراجح بل جاز عند إبتداء في الثانية، دون إعلان النية.

3-أن تكون الصلوات مرتبة.

4-وجود الجمع، فلا يجوز الجمع من غير عذر.

5-أن يكون الجمع في المساجد أو المصليات التي تقام فيها الجماعات وليست مصليات البيوت.

فوائد وتنبيهات:

1-الأصل في الجمع أن يكون مع الإمام الذي له حق الأخذ بهذه الرخصة أم لا ولو كان وحده في المسجد.

2-الراجح في السنن الرواتب – أي السُنن للصلوات المفروضة – أن تؤدى ولا تترك، والسنة في ذلك أن تؤدى على الترتيب.

3-جواز جمع العصر مع الجمعة تقديماً وتأخيراً، وعلة ذلك الإشتراك في الوقت يشترط أن تؤدى الجمعة بعد الزوال – أي في وقت الظهر -، كما أنه يجوز الجمع بين الظهر خلف المقيم تماماً، وقصر صلاة العصر، وكذلك المغرب والعشاء. فإذا صلى المسافر خلف المقيم أتم صلاته، وإذا لم يصلِ خلفه أو صل خلف مسافرٍ مثله قصر صلاته.

4-جاز لمن جاء متأخراً عن الجمع فأدرك الركعة الأولى من صلاة العشاء، أن ينوي صلاة المغرب ثم يُسلم، ثم يقوم ويلحق بالإمام للعشاء إن أدرك شيئاً من العشاء، وإن لم يُدرك لم يجز له أن يصلِ العشاء وحده جمعاً.

5-يجوز لمن صلى في بيته الصلاة الأولى ثم حضر المسجد فوجدهم يجمعون أن يجمع معهم الثانية، وكذلك جاز لمن صلى في مسجد لم يجمعوا فيه ووجدهم يجمعون في مسجد آخر فله أن يجمع معهم.

6-لا يجوز الإنسحاب من المسجد أو الجلوس فيه دون صلاة إن لم ترض عن جمع الإمام، ولكن يجب كما دلت النصوص الحديثية أن نصلي مع الإمام ولا نخرج أو نقعد فتقع لنا هذه الصلاة نافلة.

7-لا يجوز الإعتراض على الإمام إن لم يجمع في كل الصلوات، ولكن يراجع في فعله سِراً ودون التعريض فيه أو التصريح.

8-لا يجوز الجمع عند المشقة المعتادة التي يطيقها أدنى الناس.

9-لا يجوز سؤال الناس من قِبل الإمام أن يجمع أم لا، بل يسألهم إن كانت تُمطر أم لا، إن أراد سؤالهم والأولى عدم ذلك.

10-على الإمام في الجمع أن يعمل بالعلامات الموضوعة للجمع ولا يلتفت لرأي أحد كائناً من كان، إلا عن كان رأياً لأهل العلم.”.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وزوجاته وصحبه أجمعين.

 

‫7 تعليقات

  1. أنا شابة اواظب على الصلاة وعندما قرأت العنوان انجذبت للموضوع لكن….كان لي مشكلة مع الفحوى وخاصة ان الكلمات كتبت بلغة صعبة حتى انني لم افهم في الاخر ما الممنوع وما المسموح …ومتى ولماذا.
    شكراً لكم ويهمني تلقي الجواب
    زادكم الله كل خير

  2. جزاءك الله كل خير يا اخي الحبيب الشيخ احمد واناره الله مستقبلك بالعلم المفيد والقيم وسلام لك ولاهل البيت عندكم يا غاليين

  3. السلام عليكم
    انا عندي مشكله مع الصلاه يا ريت يا شيخ اجد جوابببببببببببببببببب لمشكلتي
    والله اني تعبت وابحث عن حل منذ فتره بعيده قريبه
    اذا امكن اجد جواب من حضرتكم

    انا كنت اصلي واواضب على الصلاه ولكن يوم من الايام في وقت صلاه العشاء وقت على ظهري واصبت اصابه بالغه ومن سيومها يا شيخ وانا في دوامه اصلي ولا اصلي في ايام اصلي الصبح وباقي الصلوات متقطعه ولكن مرات لا اصلي ولا يوم والله في داخلي شيء يمنعي وانا اعاتب نفسي على تقصيري بالصلاه انا اريد ان اعود كما كنت قبل ان اقع على ظهري ليس وجع ظهري ما يمتنعي ولكن شيء داخي ما بعرف ايش هو زمان كانت الامهات تقول لما يقع الشخص ارشق الماء مكان الوقعه وسمي باسم لله ولكن انا لم افعل هيك شيء يمنعيييييييييي ان اصلي عايزه حل سريعععععععععع يا ريت عم الحذف لازم ارجع اصلي بالله عليك ان تجد لي حل
    وفي كمان شيء عندي ماء وزيت مقرؤء عليه وشيء ما يمنعي ان استعمله عايزه حل سريععععععععععععععععع

  4. بارك الله بك وجزاك كل خير سيد احمد

    كفر قرع تفتخر بك وبامثالك الشباب المتعلمين – بالنجاح —-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة