نمير وقبّعة العمّ سمير

مرحبا، أنا نمير، أدهنُ الآنَ بالأزرق، ارسمُ سماءً صافيَة، وبالأصفر سأضيف شمسًا حاميَة، وماذا لو خلطتُ هذين اللَّونين معًا..سأمزج الأصفرَ والأزرقَ معًا جيّدًا جيّدًا ،وَ……… واوووْ حَصَلتُ على لونٍ آخرَ جديدٍ انظروا…
سأرسم بهذا اللّون خيارة أعطيها لأرنوب وأعشابا لحديقة ميسون،

– “انت فنّانٌ، رسمُك جميل”.. تردِّد أمِّي حين ترى رسمي وفنّي ..
تحضنني وتقبلني.. اشعر بالفرح لانَّ أمّي راضية وتحبّني..

لكن هذه الأحوال لا تستمرُّ دائمًا..فأحيانا تتّسخُ يداي بعد تناولِ البوظة، فأسكب عليها الصابون والماء الغزير، تعلو الفقّاعات فأرغبُ في سكب المزيد ، وما ذنبي إذا تراشقت قطرات الماء في المحيط ، تحضُرُ أمي مسرعةً وتصيحُ:
– ما هذا ! نمير!.. أنت ولد شقيّ..
لماذا تنفعل امّي هكذا؟ أأترُكُ يديّ مُتَسِختين بالبوظة؟

أذهبُ أحيانًا وألعبُ في السّاحة، وأعودُ مُسرِعًا وأفتَحُ الثلاجة، وفورًا اريد أن أشربُ من فوّهة الزّجاجة، فيصيحُ أبي:
– ممنوع! نمير! هذا عملٌ غيرُ جميل..ينبغي أن تشرب من كأس ٍ.. تأدّب!
أعرفُ هذا،، ولكن أأنتظر بعطشي حتّى يصير الماء ها هنا في الكوب..!! اهكذا اكون مؤدبا…!!!

نادتني مرّة امّي وقالت:
..تعال يانمير واذهب إلى الدكان، واشتر الأجبان من عند العم سلمان.
رأيتُ في الدكان أشياءً بل وأشياء، فنسيتُ ما طلبتهُ أمّي وأحضرت المسليات..
غضب أبي وصاح:
– نمير! تصرفك مثير.. وللغباء يشير..

شعرتُ بغضب والدي فجلستُ حزينا في حديقة الدار.. رأيتُ حينها زائرا قد حضر ذاك النّهار..انّه العم سمير.. يتقدّم.. باتّجاهنا، ويسير..
سألني عن سبب قلقي وحزني ، شرحت له مشكلتي وهمّي.. قلتُ له ما العمل يا عمّي.. ساعدني وأعنّي ..

وصف لي وصفة سحريّة غريبة، بأن البس قبّعة من عنده عجيبة، قال:
– خُذ هذه القبعة والبسها الآن.. تشعُر أنك مرتاح في الحال..
لبستُ قبّعة العم سمير.. وصرت ارقص وأميل..

دخلتُ البيت لأشرب فتذكرت أن اسكب الماء في الكأس..
ابتسم أبي وقال:
-ممتاز يا نمير.. هكذا أفضل بكثير..
فرحت في نفسي وقلتُ: آه ربما كان ذلك بتأثير القبعة السحريّة..

تناولتُ مع والداي الطعام، وبعد الأكل غسلتُ يداي ، بقليل ٍ من الصابون وماء غير غزير.. كي لا تغضب امي وتصيح كوحش شرير..
قالت امي : ” ما أشطر نمير”..
– “حقا انها قبعة سحريّة” – فكّرت..

احسست بعدها بعمل امّي الشّاق ..حاولتُ مساعدتها في ترتيبِ البيتِ وأعمالِ النّظافة، وضعت،ألعابي المبعثرة في الصّندوق ، فرِحَتْ امي ولصدرها ضمّتني، وابي عانقني وقبلة أهداني..
– فالسّحر ما زال يرافقني، وقبعة العم سمير تساعدني..

في اليوم التالي، نهضتٌ من فراشي نسيتُ القبّعة في دُرج خزانتي ، رتّبتُ فراشي ، تناولتُ فطوري..
ذهبتُ برفقة والدي الفرحان..إلى دكّان العم سلمان، شعرتُ بحبّه، ورفقِهِ معي، اشترى طائرة ولعب معي.. وردّد لي:
– أنت حبيبي يا نمير…..
آه …فورا تحسّستُ رأسي..
عجبتُ .. قلتُ: لا ….. لا يا أبي…. قبعة العم سمير.. ليست معي!!

نظر لي أبي نظرة غريبة
– وما شأن القبّعة يا حبيبي؟
هل تظنّ أنّ للقبّعة تأثير؟ أنت ذكيّ لا حاجة للتّذكير..
نحن نحبّك… نحبّك الكثير..ولا نحتاج لأي دليل.. ولا تفسير.

فكّرتُ في نفسي … فعقلي هو مرشدي..
أنا لست بحاجة لقبعة، وليس هناك سحر للأدب وحسن السّمعة…

وفي البيت- عدت فرحا لأوراقي وألواني، سأمزج الأصفر والأحمر معا، هل يعرف احدٌ ماذا سأرسم الآن!