سرُّ زقزقة الدُّوري

تاريخ النشر: 22/03/15 | 0:00

يحكى أن امرأة عجوزاً رغبت في أن تعدَّ لنفسها خبزاً على الصّاج فوضعتْ في الموقدِ السّرجين، ولكنّ السّرجين كان رطباً فلم يشتعل، عندها حطّ بالقرب من العجوز عصفورُ الدُّوري، وكان معه بعض القشّ اليابس لبناء عشّ له وخاطبها بلغة الإنسان:
– ماذا تفعلين يا جدّتي؟
– أحاولُ إشعال النّار في الموقد.
– خذي يا جدّتي هذا القشّ اليابس، وأشعلي فيه النّار، وضعيه تحت السرجين ليشتعل!
– شكراً لك أيّها العصفور الطيب.
ولمّا أشعلت العجوز القشّ اليابس زقزق الدُّوري وناداها:
– أعيدي إليّ قشّي يا عجوز، أعيدي إليّ قشّي!
– كيف سأعيدُ إليك قشّك بعد أن احترق؟
– أعيديه وإلا سأشتكي عليك للسلطان!
– خذ هذا الرغيف السّاخن بدلا عن قشّك.
– لا، لن أرضى عن قشّي إلا بسبعة أرغفة.
عندئذٍ لبّت العجوز طلب الدّوري خوفا من أن يشكيها للسلطان فأخذ الدّوري الأرغفة وطار بها، وبينما كان محلقاً في الجو أبصر راعيّاً قد ملأ وعاءً حليباً يريد شربه فهبط الدّوري سريعاً وحطّ قربه وناداه:
– مهلاً أيّها الرّاعي كيف تريد شرب الحليب دون أن يكون معه خبزاً تأكله؟
– كما ترى ليس لديّ خبز!
– إليك هذه الأرغفة!
وما إن أكل الرّاعي الأرغفة السّبعة حتى صرخ فيه الدُّوري قائلاً:
– أريد أرغفتي.. أريد أرغفتي!
– ومن أين سأعيد إليك الأرغفة بعد أن أكلتها؟!
– أعطني عوضاً عن الأرغفة سبعة خراف وإلا سأشتكي للسلطان!
أعطاه الرّاعي سبعة خراف مكرها، فقاد الدّوري الخراف السّبعة إلى أن بلغ قرية كان فيها عرسٌ، ولمّا رأى الدّوري العريس يحاول ذبح الدّيوك للضيوف، صاح الدّوري للعريس قائلا:
– رويدك.. ماذا تفعل يا هذا؟ ليس من اللائق أن تذبح لضيوفك الدّيوك!
– ماذا أصنع أيّها العصفور؟ ليس لديّ سوى الدّيوك!
– خذ هذه الخراف السّبعة واذبحها لضيوفك!
ولمّا ذبح العريس الخراف وقدّمها طعاماً لضيوفه صرخ الدّوري:
– أريد خرافي، أريد خرافي.
– كيف سأعيد إليك خرافك بعد أن صارت في بطون الضيوف
– إمّا أن تعطيني عروسك بدلاً عن الخراف أو سأشتكي للسلطان!
لم يبقى أمام العريس حلٌّ إلا أن يتخلى عن عروسه، فمضى الدُّوري بالعروس إلى أن صادف راعيّا يعزف على المزمار، فتنبعث منه أنغامٌ شجيّة لا أحلى ولا أعذب، فتوقف عنده الدّوري وناداه:
– أيّها الرّاعي ألا تبادل مزمارك بهذه العروس الجميلة؟
– هل أنت جاد بكلامك أيّها العصفور؟
– نعم أيّها الرّاعي، فأنا لا أمزح!
بادل الدُّوري عروسه الجميلة بالمزمار فمضى الرّاعي بالعروس وقلبه يرقص فرحاً وفي نفسه كان يسخر من حماقة الدّوري الذي سرعان ما ندم ولكن بعد فوات الأوان، ومنذ ذلك الحين أخذ عصفور الدُّري يتنقل من سطح منزل إلى آخر باحثاً عن تلك العروس الجميلة وهو يردد دائماً:
بادلت بالأرغفة السّبعة قشّي اليابس وبالخراف السّبعة أرغفتي وبالعروس الجميلة خرافي وبالمزمار عروسي!
ما أغباني… ما أغباني
فغبائي ضاعف أحزاني
بادلت عروسي مزمارا
بعزوبة لحنه أغراني
أتلوى حزنا من ندم
لا ينفعني بعد أوان
سأظل أزقزق من قهري
ما أغباني… ما أغباني
فغبائي ضاعف أحزاني
ويج… ويج… ويج!!!

4

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة