السامريون في نابلس أعرق طائفة في العالم
تاريخ النشر: 31/10/12 | 10:46تعيش الطائفة السامرية التي تتخذ قمة جبل جرزيم جنوب مدينة نابلس مأوى لها في منطقة لا تتعدى مساحتها مائة دونم ، ولا يتجاوز عدد أبنائها عن 370 نسمة في نابلس.وتعد الطائفة السامرية أقدم وأعرق طائفة عرفها التاريخ بحسب السامريين أنفسهم، ويعيش نصفهم الآخر في مدينة حولون قرب تل أبيب.
وعن تفاصيل حياة الطائفة قال مدير المتحف السامري الكاهن حسني واصف : “إن الطائفة السامرية تضم خمس عائلات هي عائلة “الكاهن” وتتولى الشؤون الدينية للطائفة ويكون أكبرها سنا من الذكور هو الكاهن الأكبر وتنتمي لسلالة ( سبت لاوي) وعائلات “الدينفي” و”سراوي” و”صدقة” و”مفرج” والتي تنتمي للسلالتين ( السبتين أفرا يم ومناشي).
وحول الفروقات بين الطائفة السامرية واليهود، ذكر السامري، أن أبرز الفروق بينهما تتمثل في أن الطائفة السامرية واليهود وحسب الديانة الحقيقية لبني إسرائيل تعتبر أن المكان المقدس لها الذي يحوي هيكلهم يقع على قمة جبل جرزيم كونه ذكر في التوراة 13 مرة، في حين يؤمن اليهود بأن المكان المقدس لهم الذي يوجد به هيكل سليمان يقع في القدس رغم عدم ذكر القدس في التوراة ولا مرة واحدة.
واستعرض تاريخ الطائفة الذي يمتد لأكثر من 3600 سنة، مبينا في الوقت ذاته، أن التاريخ السامري بدأ منذ أن دخل قوم سيدنا موسى فلسطين وهم ” بني إسرائيل”، وبعد فترة حدثت انشقاقات وخلافات أدت لانقسام مملكة بني إسرائيل إلى مملكتين هما مملكة السامرة وعاصمتها سبسطية في الشمال ومملكة يهودا وعاصمتها القدس.
المعتقدات السامرية
وقال الكاهن السامري : “إن الطائفة تؤمن “بالتوراة” باعتباره كتابها المقدس وأسفار سيدنا موسى، لافتا إلى أن الديانة السامرية ترتكز على الديانة الإسرائيلية الحقيقية بأركانها الخمسة وهي” الله واحد، وموسى رسول، والإيمان بخمسة أسفار سيدنا موسى، والإيمان بجبل جرزيم ، والإيمان بيوم الحساب”.وأضاف: “أن أبرز المعتقدات في الدين السامري ” الديانة الإسرائيلية الحقيقية” هي “الوصايا العشرة” وهي ” لا تشرك بالله، ولا تحلف بالله كذبا، ولا تشهد الزور، ولا تسرق، ولا تزن، واحفظ يوم السبت، وأكرم أباك وأمك، ولا تقتل، ولا تشتهي امرأة قريبك أو بيته أو ناقته أو كل شيء يخصه وقدسية جبل جرزيم”.
وبحسب ما ذكره، فإن السامريين يولون الطهارة والنجاسة أهمية كبيرة حسب معتقداتهم ودينهم، ومن أمثلة ذلك عزل الفتيات والنساء في فترة الحيض مدة سبعة أيام في غرفة خاصة، تأكل وتشرب وتنام لوحدها، لكن يحق لها الذهاب لمدرستها وعملها كالمعتاد.
وأوضح أنه يتم عزل النساء اللواتي ينجبن أطفالا ذكورا مدة 41 يوما، في حين تعزل اللواتي ينجبن إناثا مدة 80 يوما، ويكون ختان الطفل في اليوم الثامن من ولادته وإلا يقتل.
وذكر الكاهن السامري أن مرحلة تلقي علوم الدين وأساسياته من الحروف والقراءة، تبدأ من عمر خمس سنوات وحتى عمر السابعة ويكون حينها الطفل قد ختم التوراة. وتبدأ بعد ذلك المرحلة التعليمية في المدارس والجامعات الفلسطينية في نابلس.
وللسامريين صلاتهم داخل كنيس خاص بهم وصلاتهم تكون عبارة عن سجود وركوع باللغة العبرية القديمة وليس بالعبرية الحالية. وتكون ضمن المعتقدات جملة من الإجراءات بحيث لا يخلط السامريون في طعامهم (بين روحين) وذلك بعدم تناول اللحوم مع اللبن أو أي من مشتقاته، بمعنى إذا تناول أحدهم اللحوم فإنه لا يتناول اللبن إلا بعد ست ساعات أي بعد أن يهضمها، وإذا تناول اللبن فإنه لا يأكل اللحوم إلا بعد ثلاث ساعات، تجنبا للجمع بين الروحين.
كما لهم طقوساً خاصة عند الذبح حيث لا يأكل السامريون الذبائح إلا إذا كانت ضمن معتقداتهم بحيث يشرف على ذبحها شخص سامري بالغ وطاهر وضع على رأسه غطاء ويقرأ على الذبيحة قبل ذبحها “التسمية” ويشترط أن لا يقل طول السكينة عن 25 سم وذلك ليكون الذبح بنحره واحدة وإذا تكرر النحر فإن الذبيحة تعتبر محرمة عليهم.
ومن بين الطقوس المتعارف عليها بين السامريين عند الزواج ذكرت بدوية السامري، أن هذه الطقوس تكون نابعة من تعاليم الدين وأبرزها عقد قران “ملاك” بين وكيل الفتاة والشاب، وفي يوم الزواج يكون في الكنيس بحيث يتم كتابة مجلد على لوحة كبيرة يذكر فيها مناقب الزوجين وذويهما والدعوة لهما بحياة سعيدة والرزق بالأطفال والرزق الصالح.
وبحسب السامريين فإن الزواج ينحصر بين أفراد الطائفة فقط، وبسبب”قلة البنات” سمح للرجال الزواج ممن يدخلن في الطائفة ومعتقداتها بعد موافقة الكاهن الأكبر.
وقالت السامري: “إن الطلاق يقع في عدة حالات فقط وهي في حال وقعت خيانة زوجية أو نتيجة لمرض خطير معد أو إذا كان أحد الطرفين يعاني من العقم”.
وبالنسبة للأعياد عند الطائفة ذكرت السامري أن جميعها ” أعياد دينية وليست وطنية” وهي عيد الفصح وعيد الفطر، وعيد الحصاد، وعيد رأس السنة العبرية، وعيد الغفران، وعيد العرش، واليوم الثامن من نزول التوراة.
المتحف السامري … عنوان الطائفة
ويعد المتحف السامري عنوانا بارزا للطائفة كونه يضم ويحتوي آثارا لتاريخهم وسلالتهم، وقد حظي بزيارة سياح ووفود عالمية. ويحتفظ السامريون في متحفهم بأقدم نسخة خطية من التوراة، ويقدر الكاهن السامري عمرها ب3630 سنة، وكتبها “الرابع من هارون” وهو ” أبيشع بن فينحاس بن اليعازر بن هارون”.
ويحوي المتحف مخططا لسلالة الطائفة من سلالة أدم وحتى الكاهن الأكبر الحالي، ويقدر عددها ب 161 سلالة مفصلة وتحمل نواحي الحياة التي مرت بها سلالة الطائفة السامرية.
وكان المتحف قد أنشىء عام 1997 على قمة جبل جرزيم وهو اول متحف في تاريخ الطائفة السامرية، القديم منه والحديث. وبحسب الكاهن السامري فإن المتحف يروي قصة كفاح ونضال طائفة جار عليها الزمن بنكباته وملاحمه، وليسجل لها التاريخ كسلالة شعب قاسى اكثر من اي شعب من شعوب الارض قاطبة. ويضم المتحف المخطوطات الدينية والتحف الاثرية بالكتب العبرية، والانغام السامرية والصور المعبرة .
ويسهم متحف الطائفة بتزويد الباحثين والطلبة والمهتمين وعلماء الآثار بكل المعلومات الهامة. وتعتبر اللغة العبرية القديمة لغة الطائفة السامرية وهي تتكون من اثنين وعشرين حرفا، وتقرأ من اليمين الى اليسار.
الفلك عند السامريين
ويمتاز السامريون بالحساب الفلكي الذي يطلق عليه (حساب الحق) ، وهو حساب فلكي قمري منقول عن سيدنا ادم وحتى يومنا هذا، وهو متوارث مع عائلة الكهنة. وبحسب السامريين، فإن هذا النظام الفلكي مربوط بخط عرض جبل جرزيم “جبل الطور” ومن خلال هذا الحساب الفلكي يتم تحديد السنة العبرية والمقسمة الى اثني عشر شهرا قمريا، بحيث يكون الشهر ثلاثين يوما أو تسعة وعشرين يوما فقط. ويكون هذا الحساب تبعا للحساب الفلكي المعمول به، حيث يحدد كل شهر وفقا للترابط بين الشمس والقمر طبقا لجداول حسابية فلكية دقيقة جدا.وإذا حدث أن كان هذا الترابط ليس متأخرا عن ست ساعات قبل ظهور القمر، فان هذا اليوم يعتبر بداية للشهر الذي يتكون من ثلاثين يوما، لكن اذا حدث الترابط بعد ست ساعات بعد ظهور القمر فان بداية الشهر الجديد تحسب من اليوم التالي، وفي هذه الحالة يصبح الشهر الجديد تسعة وعشرين يوما فقط.
عنان ناصر ,عن الوطن