عاصي: سامِحيني يا غُفْرَانُ

تاريخ النشر: 10/03/15 | 14:17

غُفْرَان طفلةٌ يتيمَةٌ, طالبةٌ جميلةٌ ومؤدَّبَةٌ, تتعلّم في الصَّفِّ الثالثّ وتجلسُ الى جانب عاصي.

في حصّةِ الرَّسْمِ, رَسَمَتْ غُفْران منظراً طبيعياً ساحراً, في حين رَسَم زميلُها عاصي سيّارة جميلة.

فَتَحَ عاصي علبة الوانِهِ, والتي تحتوي على شتّى الأَلوان كالأَحمر والأَخضر والأَصفر والبنفسجي, وبدأ يلوِّنُ رَسْمَتَهُّ.

طلبَتْ غُفْرانُ مِنْ عاصي أن يعيرَها بعضَ ألوانِهِ ولكنَّه رفضَ, فحزِنَتْ كثيرًا وصمَّمت أن تطلبَ من امّها عند عودتِها الى البيتِ ان تشتريَ لها علبة الوان , رغم ظروفهم الماديَّة الصَّعبة .

بعدما انتهى عاصي من تلوينِ رسمتهِ, استأْذَنَ معلمتَهُ في الخروج لِغَسْلِ يَدَيْهِ من الالوان , فأذنت له, ولمّا عاد فوجىء بغفران تستعمل ألوانَهُ, فغضِبَ غضبًا شديدًا , ووجّه لها صَفْعَةً قويَّة, في الوقت الذي كانت فيه المعلّمة مشغولةً في التفرّج على رسوماتِ الطلاب.

بَكَتْ غفرانُ بكاءً حاراً هادئاً , وسحَّتِ الدموعُ على خدّيها . ولم يجرؤْ احد ٌمن الطلاب من اخبار المعلمة بذلك , فعاصي طالبٌ عنيفٌ ويهابُهُ جميعُ الطلاّب .

واثناء تجوال المعلّمة بين الطّلاب , لاحظتْ أنَّ غفران تبكي بهدوء, والدُّموعُ تسيلُ على وَجْنَتَيْها.

فسألتها بحنان:
– ماذا بك يا صغيرتي الجميلة , لماذا تبكين ؟

– لا شيء…لا شيء أجابت غفران .

– وفي أثناء الفرصة شعَر عاصي أَنَّ مُعْظَمَ الطلاب يبتعدون عنه وينظرون اليه نظرةَ لَوْمٍ وَعِتابٍ .

– جلس عاصي على المعقد البعيد وحيداً وأَخَذَ يلُوم نفسَهُ ويحدِّثها: كم انتِ مُؤَدَّبَة يا غفران وكم انا عنيف !

لماذا فعلتُ هذا ؟

…لماذا فعلتُ هذا ؟ …لا بُدَّ من تصليح الخطأ.

– عند انتهاء الدّوام المدرسيّ , غادَرَ جميعُ الطلاب مقاعِدَهُم عائدين الى بيوتهم , إلاّ عاصي فقد وقف عند الباب ينتظر المعلّمة , فلمّا رأته اقتربَتْ مِنْهُ وداعَبَتْ شَعْرَهُ قائلةً :ماذا تريد يا عاصي ….لماذا لم تَعُدْ الى البيت بعد؟.

– فنظر عاصي الى معلِّمَتِهِ نظرةَ انكسارٍ وقال: سامحيني يا مُعَلِّمتي, فقد قمت اليوم بفعلة سيئة, فقد ضَرَبْتُ واعتدَيْتُ على زميلتي غفران أثناء حصّة الرّسم لأنها استعملت ألواني .

– «إذن غفران لم تَكُنْ مريضَةً» قالت المعلّمة.

– لا لم تَكُنْ مريضةً… أنا السَّبَبُ, نعم أنا السَّبَبُ وانا مستعدٌّ أن أذهب اليوم لزيارتها وأُهديها علبةَ الوان جميلة, بل واعتذر لها أمام كلّ الطلاب .

– رَبَتَتِ المعلمةُ على كتف عاصي وقالت : الاعتراف بالخطأ فضيلة يا صغيري , والتسامح أجمل من العنف. ثمّ ما رأيك يا عاصي ان أرافقك اليوم السّاعة الرّابعة عصرًا إلى بيت غفران , لأني أريد أن أُهديها دَفْترًا خاصّاً بالرَّسْم .

– كادَ عاصي يطيرُ من الفرح, وَأَخَذَ يشكُرُ معلمته بحرارة , وهو يركضُ عائدًا الى بيتِهِ والحقيبة تقفز على ظهره وهو يقول :

– «اليوم ..اليوم في الساعة الرابعة …سامِحينِي يا غفران»

06

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة