علبة صغيرة

تاريخ النشر: 06/01/15 | 14:19

جلس سمير في حديقة المدينة مُنْتَظِرًا صديقه محمود.
كانا يُحِبَّان دوماً أنْ يبتعدا عن صَخَبِ وضجيجِ المدينة ويجلسان معاً في حديقة المدينة ويصطحبان معهما قصَّةً مُصَوَّرَةً يستمتعان بقراءتِها معاً.

ما هي إلا دقائقُ معدودةٌ حتى ظهر محمود قادماً من بابِ الحديقة مُتَّجِهاً لصديقِه سمير/ كان محمود يحمل معه حقيبةً بلاستيكيَّةً ممتلئةً بما لذَّ وطابَ.

جلس محمود بجوار صديقه سمير وأخذ يُخرج ما بالحقيبةِ، بعضُ الفطائرِ وبعض علب المثلجات والعصائر وبعض أصابع الموز الطَّازجة.

أخذ سمير يتأمَّل الأشياءَ التي جلبها صديقُه محمود مندهشاً قبل أن يسألَه قائلا: ألم تُحْضِرْ معك قصَّةً جديدةً كي نقرأَها؟

أجابه محمود بابتسامةٍ عريضةٍ: وهل أستطيع نسيانَ أمرٍ هامٍّ كهذا؟

وفي سرعةٍ امتدَّت يدُ محمود لتُخْرِجَ قصَّةً مصوَّرةً مِن حقيبتِه البلاستيكيَّة، وعلى الفور تناول سمير القصَّة وبدأ الصديقان قراءة القصَّة المُثيرة، لم يشعرَا بالوقتِ من روعة القصَّة، وما كادا يفرغان من قراءتِها حتى أمسك محمود بطنَه وهو يقول في مرح: لقد تناولْنا غِذاء العُقول والآن هيَّا نتناولْ غذاءَ البطون.

ارتسمتِ ابتسامةٌ مَرِحَةٌ على وجه سمير وهو يقول: أنتَ على حقٍّ.. هيَّا إلى الطَّعام.

أخذ الصَّديقان يتناولان الفطائرَ وهما سعيدان بهذا الجوِّ السَّاحر والطَّبيعة الخلَّابة التي تُحيط بهما، لاحظ سمير أنَّ محمود ما أنْ فرغ من تناوًل العصير حتى ألقَى بالعلبةِ الفارغةِ بدُونِ اهتمامٍ في أرضِ الحديقة.

رَمَقَ سمير صديقه محمود بنظرةِ عتابٍ وهو يقول: هناك مكانٌ مُخَصَّصٌ للقمامة يا صديقي.

ظهر الحرجُ على وجهِ محمود وهو يقول: إنَّها مُجَرَّدُ علبةٍ صغيرةٍ لن تُلوِّث الحديقة.

تكرَّرَتْ نظرةُ اللوم في عينَيْ سمير وهو يقول: هناك سَلَّةٌ للقمامة هناك.. ولو ألقَى كُلٌّ مِنَّا علبةً صغيرةً فستكون بعد أياَّمٍ جبالاً من القمامة.. أليس كذلك؟

أَوْمَأَ محمود برأسِه في اقتناعٍ ونَهَضَ مِن فورِه وحمل علبةَ العصير الفارغةَ وأسرع بوضعِها في سلَّة القمامة.

06

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة