تجليات الروائي مؤنس الرزاز

تاريخ النشر: 08/09/12 | 4:36

يعتبر مؤنس الرزاز من أبرز أعلام القصة والرواية والثقافة الأردنية المعاصرة، الذين احتلوا مقدمة المشهد الروائي الأردني. انطلق بقوة في عالم الكتابة والابداع الثقافي منذ منتصف الثمانينات ، وأمتاز بالجرأة والحيوية وغزارة الانتاج، ووصلت مجموع أعماله الى أكثر من 15 عملاً روائياً ، أبرزها:” الشظايا والفسيفساء، متاهة الاعراب، اعترافات كاتم الصوت، أحياء البحر الميّت، ليلة عسل” وغيرها.

خرج مؤنس الرزاز من بطن أمه سنة 1915 وغادر الحياة الى مرقده الأبدي في العام 2002، وبغيابه خسر القص العربي أحد فرسانه الكبار الذين ردموا الهوة بين الحكاية والحياة.

ينتمي مؤنس الرزاز الى جيل الأحلام والخيبات الكبيرة ، وابداعاته القصصية والروائية خير شاهد على تردي الوضع العربي العام، وقد استعان بالسخرية العميقة وأسلوب المحاكاة في كشف وتعرية عوامل الانهيار في الواقع العربي المهزوم والمأزوم، وأسباب التخلف والوهن المترسبة من حقبة الرجل المريض، فحكى لنا قصة الوطن العربي والانسان العربي، قصة أحلامه وطموحاته، وصوّر الهزائم والانتكاسات والخيبات المتتالية التي حلت بالعرب في الربع الأخير من القرن العشرين الماضي، وخرج عن المألوف في عالم الرواية وأغناها، هندسة ومضموناً، وهو حاذق وماهر في تسيير شخصياته باثارة وتشويق.

مؤنس الرزاز كاتب مؤدلج، لم يكتب أدباً متحيزاً للصنعة الأدبية والشكل الجمالي، وأنما زجّ بفكره وموقعه السياسي والأيديولوجي بشكل صريح وواضح، وتشرّب النزعتين القومية والانسانية من والده المفكر العربي والمناضل الراحل منيف الرزاز . أعتمد أسلوب الرؤية كوسيلة للوصول الى مبتغاه السياسي والاجتماعي، وفي جميع ما كتب عبّر عن وجهات نظره السياسية والفكرية والفلسفية ، ونبش الجرح، وامن بأن الكاتب يجب أن يكون ثورياً، تقدمياً، ليبرالياً، استفزازياً، رافضاً ومعرياً الواقع ومشاركاً في تغييره.

مؤنس الرزاز مثقف القلق والتوتر، ومثقف الأسئلة الواقف في وجه التيار، ولج مناطق العتمة والجدل في ثقافتنا العربية وشكّل حلقة مستقلة واعية وظاهرة في صدقها وأصالتها وتغلغلها في التراث الانساني، وهو أحد الأصوات القوية والمتمردة القابضة على الجمر في زمن القفز عن المراكب بحثاً عن أطواق النجاة وشواطئ الأمان.

صفوة القول، مؤنس الرزاز مبدع حقيقي، راحل أبداً ومتطلع الى الحرية، سعى دائماً الى هياكل الفن والابداع الحقيقي ومعابد الجمال، وعرف تماماً الواقع العربي الثقافي والفكري، وقد أضاء الفضاء الابداعي الأردني والعربي ثم أنطفأ سريعاً، لكنه بقي في الذاكرة والتاريخ الثقافي بأرثه الأدبي الانساني المتميز، بعناده وصلابة مواقفه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة