تأثيرات التغير المناخي على المنطقة العربية

تاريخ النشر: 10/12/14 | 14:44

تصنف الدول العربية على إنها دول نامية وبعضها تصنف ضمن دول العالم الفقيرة. تقع هذه الدول في مناطق جغرافية يسودها مناخ المناطق الجافة وشبه الجافة. تساهم الدول العربية بنسبة 4.2 % من مجموع إنبعاثات غازات الدفيئة عالمياً, تساهم المملكة العربية السعودية بأعلى نسبة بين الدول العربية تليها كلاً من مصر والجزائر. رغم المساهمة القليلة للدول العربية في الأنبعاثات الغازية العالمية إلا ان المنطقة العربية هي من أكثر المناطق تأثراً بالتغير المناخي الذي يسود العالمً. ارتفعت درجة حرارة الهواء في هذه المنطقة من 0.2-2 درجة مئوية خلال الفترة مابين 1970-2004 م.
يؤدي التغير المناخي إلى إرتفاع في درجة الحرارة مما يجعل فصول الشتاء أقصر وفصول الصيف أسخن وأجف وأطول, زيادة ملحوظة في نسب التبخر والنتح النباتي. تمر المنطقة العربية حالياً بموجات من الكوارث الطبيعية أهمها الجفاف, التصحر, الأعاصير, الفيضانات المفاجئة. تتوفر في المنطقة العربية مصادر مياه محدودة غالبيتها مياه سطحية تنبع من خارج هذه الدول ( النيل, دجلة, الفرات). تمتلك كلاً من العراق والسودان ومصر أكبر موارد مائية عربياً مقدارها على التوالي 58.65.75 بليون متر مكعب سنويا ً.
بينما تعتبر الكويت من أفقر دول العالم مائياً حيث تبلغ مجموع مواردها المائية 0.02 بليون متر مكعب سنوياً. تتفاوت المعدلات السنوية للتساقطات بين بلدان المنطقة حيث تكون أعلاها في لبنان 600 مليمتراً سنوياً وأقلها في الكويت 121 مليمتراً سنويا.
تقدر المساحة الإجمالية للوطن العربي بحوالي 1402 مليون هكتار (أي ما يعادل حوالي 14 مليون كيلومتر مربع)، وهي تمثل حوالي 10.2% من مساحة العالم. كما لا تتجاوز مساحة الأراضي القابلة للزراعة منها سوى 197 مليون هكتار وهو ما يعادل نسبة 14.1% من المساحة الكلية للوطن العربي. وتشير الإحصائيات إلى أن المساحة الزراعية الكلية في المنطقة العربية وصلت عام 2000 حوالي 70 مليون هكتار فقط, ويعني ذلك أن حوالي ثلثي الرقعة الأرضية القابلة للزراعة في الوطن العربي لا يزالان غير مستغلين، كما يعكس ذلك الطاقات الكامنة العربية للتوسع الأفقي في الأراضي المزروعة عندما تتوافر شروط ومقومات يفتقر إليها حالياً الواقع الزراعي العربي] (الكحل, 2004). رغم إرتفاع نسبة مساحة الوطن العربي ضمن المساحة الكلية للعالم الا ان موارده المائية لا تمثل سوى 0.5% من الموارد المائية العذبة المتجددة عالمياً. إن حصة الفرد من المياه العذبة في المنطقة العربية سنوياً تعادل حوالي 1000 مترمكعب مقابل حوالي 7000 متر مكعب للفرد كمتوسط عالمي.

مساحة الأراضي المروية بمياه الأمطار قد تناقصت من 35.037 مليون هكتار عام 1991 إلى 10.036 مليون هكتار عام 2000 وهذا يعود بالتاكيد لتناقص معدلات الأمطار في المنطقة العربية الأمر الذي يعكس وبوضوح التاثيرات السلبية لظاهرة التغير المناخي على المنطقة العربية.
يمكن تلخيص أهم أسباب أزمة المياه في المنطقة العربية بالتالي:
زيادة النمو السكاني في المنطقة وما يصاحبه من زيادة في إستهلاك السكان للمياه وبشكل خاص في مجال الأنتاج الزراعي والحيواني.
زيادة نسب التلوث المائي والملوحة في المياه العذبة يجعلها غير صالحة للاستخدام البشري والزراعي مما يفلل من كمية المياه العذبة المتاحة للسكان.
تخلف وقدم نظم الري يجعلها تستهلك كميات كبيرة من المياه العذبة مما يقلل إحتياطيات المنطقة برمتها من المياه العذبة.
تعد جميع الدول العربية مهددة بيئياً نتيجة التغير المناخي وأرتفاع معدلات درجات الحرارة فيها. تعاني دول الخليج العربي ودول شمال أفريقيا بشكل خاص من تفشي هذه الظاهرة ومن أخطارها على خطط التنمية المستدامة في هذه البلدان. سجلت درجات الحرارة إرتفاعاً ملحوظاً في الكويت في نهايات القرن الماضي بلغت أعلى درجة حرارة سجلتها دائرة الأرصاد الكويتية عام 1998 في الكويت 51.3 درجة مئوية. بينما بلغت أعلى درجة حرارة مسجلة بالكويت في القرن الحالي 53 درجة مئوية سجلت في منطقة مطربة شمال غرب مدينة الكويت عام 2008. أثرت قلة كميات الأمطار في المنطقة الرعوية في الصحراء الغربية العراقية وشمال شرق سوريا والأردن على دولة الكويت وتسببت في زيادة شدة العواصف الرملية التي تعاني منها الكويت والمناطق المحيطة بها.
تعتمد سوريا بشكل كبير على زراعة الحبوب في منطقة الجزيرة شمال شرق وكانت سوريا تعتبر من الدول المصدرة للحبوب عالمياً. مرت سوريا خلال السنوات الأخيرة بموجات جفاف إظطرتها لأستيراد القمح لاول مرة عام 2008 بسبب مرورها بعامين متتاليين من الجفاف.

تاتي السودان بالمرتبة الثانية عربياً بتوفر الموارد المائية لكنها تواجه نقصاً حاداً في كميات المياه العذبة في بعض المناطق الأمر الذي إنعكس سلباً على التنمية الإقتصادية والتعايش السلمي بين الأقوام والأثنيات التي تستوطن تلك المناطق. أدى تناقص معدلات تساقط الأمطار إلى إنتقال الحدود بين المنطقة شبه الصحراوية والصحراوية بحوالي 50-200 كيلو متر جنوباً مما يهدد هذه المناطق بزيادة معدلات التصحر. مر السودان بعدة موجات من الجفاف في العقود الأخيرة أضرت بالأمن الغذائي وادت إلى نزوحات بشرية وكانت سبباً في نشوب نزاعات داخلية أهمها النزاع الدائر في منطقة دارفور في جنوب السودان.
هناك إرتباط وثيق بين تدهور الأراضي والتصحر والنزاع القائم في إقليم دارفور. أدى التدهور البيئي والنمو السكاني المتضاعف والتنافس على الأراضي الصالحة للزراعة والرعي الذي يمر به إقليم دارفور إلى إنهياراً إجتماعياً ساعد على نشوب حروب أهلية وحروب تطهير عرقي في إقليم دارفور كانت نتيجتها موت الألاف من المواطنين الأبرياء ورحيل وهجرة الملايين من السكان من دارفور إلى مناطق أخرى. ليس من المصادفة أن يتزامن الصراع الدائر في دارفور حالياً مع الفترة التي ساد بها ألجفاف وقلة الأمطار والتصحر في دارفور.
منذ ثمانينات القرن الماضي تناقصت كميات الأمطار في جنوب السودان الأمر الذي قاد إلى نزاعات بين المجاميع السكانية على الأراضي الصالحة للزراعة والرعي. أدت هذه الصراعات والحروب الأهلية في جنوب السودان إلى مقتل 200 ألف مواطن سوداني وهجرة مليونين مواطن عن مناطقهم.

02

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة