سيّد الشهور

تاريخ النشر: 18/07/12 | 4:34

من عام إلى عام، يهلّ علينا شهر كريم عند الله، عظيم في معانيه وتجلياته وفضائله، مهيب بما يحمله لنا من رسائلَ لا يجيدُ العادُّ عدّها، ولا الناظر رصدها…

وهكذا وبعد غياب عام تامّ، تعود الأمّة الإسلاميّة من المحيط إلى المحيط، ومن الخليج إلى الخليج، في كلِّ أصقاع الأرض لتستقبلَ سفير الخير، شهر المحبّة والمودّة، رسول الأمن والسلام، طيّب الذكر شهر رمضان.

إنّه الشهر الذي فيه نزل القرآن، فأبصر الكونُ بهذا النزول النّورَ الذي بدّد الظلمات، فعمّت على أنقاضه الخيرات والبركات، وفيه تُفتّح أبواب الجنّة، وتغلّق أبواب النّار، وتغلّ فيه الشياطين، وتضاعف فيه الحسنات، وترفع الدرجات، وتغفر الخطايا والسيّئات……

وفيه قد تتابعت الأمجاد الخالدة، فغدت علامة فارقة في تاريخ البشريّة؛ يوم أن انتكس الشّرّ والكفر تحت رايات التّحميد والتهليل والتكبير، بقيادة حبيب الحق صاحب لواء الحمد، رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يومها وفي أرض بدر سقط الكفر وولى، وبزغ الحقّ وتولّى، وانتكس حزب الشيطان، وساد حزب الرّحمن.

وفيه فتّحت أزهار الإيمان، ونكّست بروج الشيطان، وزقزقت العصافير في سماء مكّة، يوم أن دخل رسول الله عليه السلام وهو يهتف عاليًا شامخًا في سماء مكّة:”قل جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقًا” ليسطّر للتاريخ بداية نور جديد، ويكتب في أصقاع الأرض بماء من نور بأنه قد فتحت مكّة.

وفيه فتحت عموريّةُ، والقادسيةُ من قبل، وفيه مكارم كثيرة، ومآثر عظيمة، ومنازل عالية شامخة، أبصرها العاملون، وأيقنها العابدون، ولذّت نفوس الصائمين بها…..

فهيعلا بك رمضان الخير، رمضان الصبر والعافية، رمضان النّور والانتصار، رمضان العطاء والبر، رمضان الصيام والقيام، رمضان الرّحمة والمغفرة، رمضان الجنّة والعتق من النّار…….

وها هو رمضان من عام إلى عام يجيء على قدر، ليجدد نفوسنا بهمّات العمل، ويشحذ قلوبنا بنور الإيمان، ويغدق عقولنا بحب الرّحمن، وفيه يبتعد المسلم عن قيل وقال وكثرة سؤال….. ولقد صدق سيد ولد آدم إذ قال:”رغم انف امرئ ثم رغم انف امرئ ثم رغم انف امرئ قال الصحابة”خاب وخسر يا رسول الله,من هو؟” قال “من ادرك رمضان ولم يغفر له”

فَهَبْ أخي الحبيب أخيّة نفسك لشهر الرّحمة، واستعدّ لأجواء التوبة وعبيرها ونسيمها، واكتنف من ميادين الخير الرمضانيّة ما يكون لك زادا في العاجل وملاذا في الآجل، واكثرَنَّ الجلوس بين دفتيِّ القرآن، واستعنْ بالدعاء على البلاء، وتزوّد من طول القيام، وجمّل الوجه بدمع ينسلُ من الأجفان يجوب في آلاء الرحمن، وعندها فقط قل: قد جاء رمضان ……

خالد اعبارية

الاصلاح والتغيير-ام الفحم

متمنين للأمّة الإسلاميّة صياما مقبولا …….

تعليق واحد

  1. الكاتب الرائع الاخ خالد اغباريه… كل عام وانت بالف خير وبعطاء دائم وصحه وعافيه يا رب… الى الامام دوما… دمت بكل خير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة