يافا تعيش "يومها الفلسطيني" بالثقافة والأدب والفنون
تاريخ النشر: 19/06/12 | 23:53تحت عنوان “اليوم الفلسطيني”، نظم كل من “المشروع العربي البديل في الشّيخ مونس”، و”شبيبة خطوة في اللد والرملة”، و”الشبيبة اليافية”، نهاية الأسبوع الماضي، يوما ثقافيا فنيا تناول نواحي عديدة من الثقافة الفلسطينية ما بين الحاضر والماضي، بمدينة يافا.
وتضمن برنامج “اليوم الفلسطيني” فعاليات وأنشطة متنوعة، ما بين محاضرات، وورشات، ومعارض، وجولات، وموسيقى ورقص شعبي فلسطيني، وغير ذلك.
جولة في يافا الحاضر والتاريخ
افتتح البرنامج بجولتين متزامنتين في مدينة يافا، إحداها كانت للتعرف على المدينة ومعالمها وتاريخها ما قبل النكبة وبعدها، بمرافقة المرشد رامي صايغ، والتي انطلقت من ميدان الساعة التاريخي بعد الحديث عن أهم معالمه ومبانيه وأهمية المدخل الشمالي للمدينة تاريخيا، ثم انتقل المشاركون إلى داخل أحياء المدينة، ليقفوا على ما تبقي فيها من مبان عربية قديمة، مثل الحمام، ومعصرة الزيتون ومصنع الصابون، والكنائس والمساجد، والميناء؛ واطلع المشاركون على تاريخ يافا خلال ثورة 1936 – 1939، والدمار الذي ألحقه الانجليز بها، ثم ما تعرض له أهلها الفلسطينيون من تهجير وسرقة ممتلكات وترويع وقتل خلال النكبة الفلسطينية عام 1948، على أيدي العصابات الصهيونية، وتعرفوا إلى عدد من أحيائها التي دمرت وأخرى بقيت، مثل حي المنشية، وحي العجمي.
مجال العدسة
أما الجولة الأخرى، فكانت حول التصوير الفوتوغرافي، أعدها وأدارها الفنان محمد بدارنة، فقدم خلفية تاريخية عن التصوير وتطوره في فلسطين، متناولا أسماء مهمة مثل المصورين خليل رعد وكريمة عبود، وجورج وعيسى الصوبنجي في يافا، والمصورين الأرمن في القدس، وتطرق إلى الأثر الذي تركه الاحتلال على فن التصوير كوسيلة توثيقية وفنية قيمة، تعتبر مهمة بالنسبة للفلسطينيين وموروثهم.
أما المحور الثاني لجولة التصوير، فكانت حول الاستفادة من اللغة التصويرية وتقنيات الكاميرا للتعبير عن القضايا الخاصة والجمعية وخصوصا التعبير عن ذاكرة المكان، وهو في هذه الحالة يافا، وقد قام المشاركون في الجولة بتصوير معالم يافا ومقارنة حالتها الراهنة بما كانت عليه من خلال استعراض صور التقطت للمعالم نفسها في سنوات متقدمة قبل النكبة.
ما قلناه وفقدناه نصًّا : الحركة الأدبية في فلسطين قبل النّكبة.
إثر ذلك انطلق المشاركون إلى مقر “الرابطة لرعاية شؤون عرب يافا”، ليكونوا على موعد مع الشاعر والباحث علي نصوح مواسي الذي قدم محاضرة عنوانها: “ما قلناه وفقدناه نصًّا: الحركة الأدبية في فلسطين قبل النكبة”.
أكد مواسي في محاضرته على أن وعي معنى “النكبة” وتذويته عميقا، يحتاج منا إلى معرفة حقيقة ما نكب، وقيمة ما كنا نملك وفقدناه ومن بين ذلك الأدب “الذي يجب أن يدرس وثيقة إنسانية وتاريخية فنية، تكشف لنا الكثير من الجوانب الحضارية والفكرية والاجتماعية التي ميزت سكان فلسطين وعموم بلاد الشام في ذلك الحين، فالأدب كأي أثر يتركه الانسان، مفتاح قراءته واستكشافه.”
وتحدث مواسي عن أهم معالم البيئة الثقافية التي نشأ فيها وتطور الأدب الفلسطيني، ودور الصحف والمجلات، والمطابع ودور النشر ومعارض الكتب، والإذاعة والمسارح في تعزيزه والنهوض به، وتطرق إلى أبرز السمات التي طبعت الشعر والقصة والمسرح والنقد في تلك السنوات، وتطورها على مدار أربعة عقود، وإلى المدارس المختلفة التي انتمى إليها الأدباء، مثل النيوكلاسيكية، والرومانسية والواقعية الاشتراكية، وأثرها في نتاجاتهم.
وتطرق مواسي أيضا إلى علاقة الأديب أو المثقف بالقضايا السياسية التي عاصرها، ومدى اهتمامه بها وانعكاسها في أعماله، مقدما نماذج عديدة لشعراء مثل عبد الرحيم محمود، وإبراهيم طوقان، وأبو سلمى الكرمي، وأخرى من الأدب الشعبي الفلسطيني.
وتناول مواسي ظاهرة قدوم الأدباء والمثقفين العرب إلى فلسطين، إقامة أو دراسة أو زيارة، ومن بينهم محمد مهدي الجواهري الذي زار يافا عام 1945، وكتب يصفها ومدينة اللد حينها، قصيدته الشهيرة “يافا الجميلة”.
وتضمنت المحاضرة حديثا عن المنتج النقدي الفلسطيني، الذي بدأ مع روحي الخالدي، وكان من أبرز المساهمين فيه أحمد شاكر الكرمي، وجبرا إبراهيم جبرا، وغيرهما، وكذلك عن القصة وأهم كتابها، مثل خليل بيدس صاحب “الوارث”، ونجاتي صدقي صاحب “الأخوات الحزينات”، وإسحق موسى الحسيني صاحب “مذكرات دجاجة”، وأسمى طوبي، ونجوى قعوار، وسميرة عزام.
وقد عرضت خلال المحاضرة مجموعة من القصائد المسجلة والمغناة، وصور للأدباء وكتبهم.
الرقص الشعبي الفلسطيني.. رسالة فنية
بعد ذلك، قدمت كل من “فرقة يافا للفنون الشعبية” بقيادة شحادة أبو شحادة، و”مجموعة الدبكة الفلسطينية في جامعة تل أبيب” بقيادة جاد قعدان، وصلتان من رقصات الدبكة الشعبية، وسط تفاعل كبير من الجمهور.
وقال جاد قعدان معلقا على مشاركة مجموعته في فعاليات اليوم الفلسطيني”: “لحسن حظّنا كشعب فلسطيني، فإن لدينا تراثا من الرقص الشعبي المميز والفريد، ولهذا لاقت دورة الدبكة الفلسطينية في جامعة تل أبيب إقبالاً ممتازا بعد افتتاحها في العام الماضي، إذ وصل عدد المشاركين إلى قرابة الـ 30 العام الماضي، والـ 40 في هذا العام، ونحن نشارك اليوم ممثلين عن المجموعة المشاركة في الدورة ككل.”
وتابع: “نبعت الفكرة من ضرورة الحفاظ والحرص على التراث العربي الفلسطيني، بعد ملاحظتنا أنّ عددا قليلا فقط من الأكاديميين العرب الشباب يعرفون الرقص التراثي الفلسطيني – الدبكة، ولا بد من الإشارة إلى أن التراث يعتبر بالنسبة للحضارة بمثابة جذور الشجرة، فكلما غاصت وتفرعت الجذور كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمان.”
وقال أيضا: “لدينا رسالتان نوجّههما من خلال رقصنا الشعبي، الأولى رفع صوت قضايانا أمام الرأي العام لكسب التأييد ضد المؤسسة التي تقمع أبناء شعبنا، والثانية هي رسالة داخلية نوجهها لقوى رجعية تهمش الفن الشعبي مثل كل الفنون، لا بل وتعمل على إقصائه من خلال فرض أفكار مزعومة، ونحن بدورنا نوضح أن الفن وسيلة لتمرير رسالة اجتماعية متنورة وتقدمية ضد القمع المؤسساتي وضد القمع المجتمعي.”
أما شحادة أبو شحادة فقال إن “فرقة يافا للفنون الشعبية” انبثقت عن “حركة الشبيبة اليافية”، والتي تأسست عام 2011، ومن أهم أهدافها “الحفاظ على الفولكلور الفلسطيني، ومن ضمنه الرقص الشعبي”، وأضاف: “تعمل الفرقة على إنتاج أعمال فولكلورية فنية تتسم بروح العصر، لتؤكد على حضورها وتاريخها وهويتها وإنسانيتها، وكان أول إنتاجاتها العرض المسرحي الراقص ’برتقالك يا يافا‘”.
فلسطين تشكيليًّا
الفقرة الثالثة من البرنامج، كانت محاضرة حول “تاريخ الفني التشكيلي الفلسطيني”، قدمها الدكتور حسني الخطيب شحادة، أستاذ الحضارة الاسلامية والفن الاسلامي بجامعة “بن غوريون” وأكاديمية الفنون “بتسل إيل” في القدس.
تناول شحادة في محاضرته، بالصور والتحليل، تاريخ الفن التشكيلي الفلسطيني منذ بداياته وحتى يومنا هذا، مشيرا إلى أهمّ الثيمات التي تضمنتها الأعمال التشكيلية الفلسطينية المختلفة، لفنانين وفنانات من أجيال عدة.
ومن أهم تلك الثيمات ثمان استعرضها شحادة: التكاتب مع التاريخ والفن الاسلاميين العريقين؛ والشخصية التاريخية المجسدة والأسطورة والحلم السوريالي؛ والنكبة والتهجير؛ والرمز: المرأة–الوطن، مفتاح العودة، الصبّار، الحجر الخ…؛ والحياة اليومية – الذكريات الجميلة والطبيعة الخلابة؛ وفن البورتريه؛ والجسد: الأنثى – وحكايات شهرزاد المعاصرة.
قد تفتخر الارض بانجازاتكم العريقه وانتم لها شاكرون اقدم لكم اعتزازي وشكري لانني من اكثر المعجبين بهذا المشروع .
نحتاج لمن يروي عطشنا بمثل هذه الفعاليات والتي تخلق فينا العبره والتجدد.
قدما والى الامام .