مملكة الأحلام
تاريخ النشر: 18/06/12 | 7:24على ضفتي نهر المحبّة، المنساب بهدوء بين الجبال والتلال والوديان ، تقع مملكتان: مملكة السّحر والخيال ومملكة الأحلام. والمملكتان تتمتّعان بجمال الطبيعة الخلاّب والخير العميم، في حين أنّ النهر يسقيهما من مائه العذب، ويُطعمهما من أسماكه الوفيرة, والمملكتان كانتا بالأصل مملكةً واحدة حكمها السّلطان نور الزّمان، الذي قسمها بين ولديه حينما شعر أنّ اجله يقترب، فأعطى مملكة السّحر والخيال الواقعة على الضّفة الغربية من النهر لابنه الأكبر ماجد، في حين أعطى مملكة الأحلام الواقعة على الضّفة الشرقيّة لابنه أمجد.
وما أن انتقل السلطان نور الزّمان إلى جوار ربّه، حتّى دبّ الخلاف بين الأخوين الأميرين: ماجد وأمجد، فساءت العلاقات وحلّت القطيعة بينهما، فما عاد الأخ يسأل عن أخيه أو يزوره أو يطمئن عليه، بل اشتدّت العداوة وسادت الكراهية، رغم محاولات الكثير من الملوك التوسّط بين الأخوين، إلا أنّ هذه المحاولات ذهبت أدراج الرّياح، فقد اتهم الأمير أمجد أخاه البكر بأنه استولى على كلّ ثروات أبيهما.
أنعم الله على الملك امجد بابنةٍ دعاها إيمان، حباها الخالق جمالاً ساحرًا وأخلاقا رفيعة. أحبّ الملك ابنته الوحيدة محبّة عظيمة، فتعلّق بها، خاصة عندما أضحت صبيّة تملأ العين والوجدان.
وكبرت الأميرة، وأضحت عروسا، وذاع صيت جمالها وحسن أخلاقها في كلّ أنحاء المنطقة، فلم يبق أمير أو ملك الا وتقدّم لخطبتها، وهي تتمنّع وتتغنّج وتقول: ما زلْتُ صغيرة…. ما زلت صغيرة..
وفي عصارى أحد الأيام وبينما كانت الأميرة إيمان تتجوّل في حديقة القصر، أحسّت بدوار، ثمّ ما لبثت أن سقطت على الأرض، وما أن رأتها الوصيفة حتّى هبّت تصرخ وتستدعي الملك والملكة, ساد الحزن القصر وكلّ أنحاء المملكة، وأسرع الأطباء من المملكة وخارجها الى القصر، والكلّ يحاول أن يجد دواءً لمرض الأميرة، ولكن دون جدوى، وأخذت حالتها تسوء يومًا بعد يوم، وما عادت تقدر على الوقوف على قدميها، وانطفأ جمالها وخبا بريق حُسنها، فاغتمّ الملك وزوجته غمًّا شديدًا، حتى ان الملك كثيرا ما كان يبكي في غرفته و يُصلّي لله أن يمدّ يمينه ويشفيها.
ازدادت حالة الأميرة إيمان سوءًا، وكاد الملك الأب أن يفقد الأمل، فأعلن أنّه سيُزوّج ابنته الأميرة إيمان من أيّ شخص يستطيع أن يداويها ويعيد إليها نضارة الحياة ، حتى ولو كان فقيرًا.
وفي صباح أحد الأيام وفيما كان أهل القصر والمملكة يغرقون في الحزن ويرفعون الصلوات الحارّة لله، حضر الحُرّاس الى القصر يقودون شابًّا جميل المنظر، أسود الشَّعر، رثّ الثياب، يحمل بيده حقيبة صغيرة، وأخبروا الملك أنّ هذا الشّاب الغريب يدعى” نور” وهو يدّعي انه يستطيع أن يشفي الأميرة عاد الأمل الى القصر من جديد، حين دخل الشّاب الغريب إلى غرفة الأميرة المريضة، وأخذ يفحصها بدقّة، ليعلن انّه فعلا يستطيع أن يُنقذها.
وصرخ الملك بفرحٍ: لقد سمع الله لصلاتنا.. ستشفى الأميرة.. نعم ستشفى…
ومرّت الأيام والأميرة إيمان تتناول الدّواء، وبدا التحسُّن يظهر رويدا رويدًا على مُحيّاها، إلى أن منّ الله عليها أخيرًا بالشّفاء التّام، لتعود البسمات إلى القصر، ويعود للأميرة ” إيمان ” جمالها وحيويتها وضحكتها الرّنّانة.
وأوفي الملك امجد بوعده، فحُدّد موعد عرس الشّاب الجميل نور على أميرة البلاد، فعلََت الزينات وتلألأت الأنوار، ولبس القصر حُلّةً جميلة، ووفد إليه الملوك والأمراء من بعيد ومن قريب. ولم ينس الملك أمجد أن يدعوَ أخاه ماجدًا إلى الحفل بعد قطيعة دامت سنوات كثيرة، فشفاء الأميرة أنساه العداوة وأنساه المرارة، وزرع في داخله محبة البشر.
وبينما كان الملوك والأمراء والمدعوون ينتظرون موكب العروسين، كانت الدموع تسيل على خدّي الملك ماجد، فقد تذكّر وحيده نور الزّمان الذي اختفت آثاره وانقطعت أخباره منذ أسابيع عديدة, وما أن دخل العروسان بلباسهما الجميل، يتهاديان بفرح ورشاقة، حتى صرخ الملك ماجد صرخة مُدوّية:
نور الزمان ….. نور الزّمان!!! أين كنت يا ابني؟ أين كنت فقد قلقنا عليك!! وعلت الزغاريد تملأ الأرجاء…. وانهمرت الدموع من كلّ العيون ……!!!!
قصه حلوه ومحزنه شوي حبيبتها♥
جميله