تعرفت إلى أديبة فلسطينية مميزة: حنان بكير

تاريخ النشر: 15/09/14 | 12:00

قرأت لها مؤخرًا كتابين وصلاني بعد مرور ست محطات غير بريدية من بيروت إلى باقة.
الكتابان هما: قصة الثائر محمد محمود المكنى (أبو جلدة)، بيروت: دار نلسن- 2014، وهو كتاب ينقصه التوثيق التاريخي، واعتمد على روايات شفوية غير دقيقة، لكنه صيغ على صورة رواية مثيرة للقراءة.

الكتاب الثاني: “إبحار في الذاكرة الفلسطينية”. بيروت: مؤسسة الرحاب- 2013.

ثم إنها أصدرت رواية ” أجفان عكا”. بيروت: دار نلسن- 2010.
ونشرت جزءا من كتاب باللغة النرويجية، ولها عدد كبير من المحاضرات في اللغة النرويجية حول الإسلام والإسلام السياسي والحوار بين الثقافات.

ما أذهلني، وخاصة في كتابها الثاني ” إبحار…..” أنها دقيقة الوصف درامية إلى أبعد حد، بلغة تجذبك نحو جمالية مدهشة حتى في المعاناة. لها نفس طويل في الأداء الحسي والحركي، مبكية على حالنا ومآلنا.
قدرتها على وصف الجزئية وبتفصيل يحاورك ويؤلمك، وذلك في قدرة مذهلة، وأستطيع أن أقول لا عهد لي في اللغة العربية بمثل حرارة طهيها في سردها، ونقاوة مادتها في عرضها.
سأختار نبذة مما كتبتْ في نصها “إبحار في الذاكرة”، فأرجو ممن يريد قراءة الملف الكامل للنص أن يخبرني في رسالة خاصة.

كم أرجو ألا تفوّتوا قراءتها، فقد أجادت وأعادت سرد حكايتنا جميعًا،
تلك التي تعكس معاناة الفلسطينيين، في كل مكان، وكم بالحري في المطارات وتحت أي نظام:

******
من نص “إبحار في الذاكرة”
حنان بكير
******
اقتادنا عسكريان الى غرفة التحقيق الذي استمر حوالي الساعة، انتقلنا بعدها أو نقلنا ونحن نجرجر حقائبنا، إلى غرفة أخرى، وانتظرنا حتى كان التحقيق الثاني ثم الثالث و الرابع…..و بلغنا بقرار منع دخولنا إلى القاهرة، و تسفيرنا بأول طائرة عائدة الى باريس…..نفد صبري و غادرني الهدوء فصرخت من حرقة، لماذا؟ لماذا؟؟
كان الجواب.. فلسطينية! لقد قتلني مرتين، ربما كانت هي من المرات النادرة التي أخرج فيها عن طوري و هدوئي… التفتت اليّ ابنتي التي لاذت بلعبتها الالكترونية، و قالت بهدوء دون ان تلتفت لأي منا “مامي، لماذا كل هذه العصبية؟ أليس هذا هو وطنك حبيبك الوطن الأكبر؟ الله يبارك لك بهالوطن، أما انا فعائدة الى باريس!!
……
اقتادنا الحرس هذه المرة إلى غرفة في طابق سفلي أي في القبو… سرنا في دهاليز، أدركنا من الروائح المنبعثة من بعيد، و خمنّا كيفية حال المكان الذي سوف نكون فيه.
فتح الحارس بابًا حديديًا قذرًا، و أشبه بأبواب السجون، و أشار إلينا بالدخول..
دخلنا و أغلق الباب خلفنا بسرعة.
صرخت للعسكري و قلت له: ” أنا عندي فوبيا الأماكن المغلقة، اترك الباب مفتوحا، نحن لسنا سجناء!!”
لكن ليس من مجيب.
…..
تأملنا الغرفة الصغيرة، مكتب حديدي قديم صدىء يحتل معظم حيز الغرفة و تعلوه تلة أو قبة، من البطانيات السوداء برائحة العفن.. البرغش المتطاير بأعداد كبيرة كان كبير الحجم، يشي بوفرة الغذاء من دم نزلاء هذه الغرفة.
انفجرنا في نوبة ضحك هستيري، غير مصدقتين ما يحدث معنا! ربما هو كابوس أفلت من هلوسات فلسطيني أدمن مواجهة الأبواب المغلقة!
جلسنا على حقائب سفرنا لعدم وجود أي كرسي في الغرفة.
تبادلنا الصمت والنظرات الحائرة، و جعلنا نغزل خيوط التكهنات و الاحتمالات لما يمكن ان يحدث.

ب.فاروق مواسي

7nanbkeer

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة