الدرس الرائع
تاريخ النشر: 16/11/14 | 18:35سميرُ لا يُخالط رفاقَه بالمدرسة.
دومًا يجلس بعيدًا عنهم ويتحدَّث إليهم بغُرورٍ إذا حاولوا أن يتحدَّثوا إليه، هكذا سميرٌ يرى نفسَه أفضلَ من الجميع.
لَاحظ التلاميذُ غرورَ زميلِهم سمير لذا فضَّلوا الابتعادَ عنه كي لا يؤذيَ سمعَهم بحديثِه الدَّائمِ عن ثيابِه الفاخرةِ وعطورِه الغاليةِ وأحذيتِه باهظةِ الثمن.
ذاتَ صباحٍ دخل معلمُ التربية الدينية للفصل ونظر لتلاميذِه نظرةً فاحصةً قبلَ أن يبدأَ حديثه قائلاً: سنتحدث اليومَ عن خُلقٍ كريمٍ من أخلاقِ رسولنا الكريم.
رفع أحدُ التلاميذ أصبعَه بأدبٍ فأشار له المعلم بالقيام وما أن قام التلميذُ حتى قال في حماسٍ: رسولُنا كان مثالاً للتواضع، ولذا نرجو أن تقصَّ علينا قصةً من سيرتِه العطِرة تحثُّ على التواضع.
ابتسم المعلِّمُ وقد أعجبه ذكاءُ تلميذِه ثمَّ بدأ يقصُّ عليهم قائلاً: ذاتَ مرَّةٍ خرج الرسولُ المتواضِعُ مع أصحابِه في رحلةٍ، وما أن أدركهم الجوعُ حتى قرَّروا أن يتعاونوا لإعدادِ طعامِهم، وكانت معهم شاةٌ فقال أحدُ الصحابة بأنه سيذبحُها، وقال الثاني بأنه سيسلخها، وقال الأخير بأنه سيَشويها لهم.
نظر الأطفالُ بلهفةٍ للمعلمِ وقال أحدُهم: وماذا بعدُ؟
أردف المعلم قائلاً: لم يجلسِ الرسول عليه الصلاةُ والسلامُ دون أنْ يُساعدَ أصحابَه ويُشاركَهم تعاونَهم لإعدادِ الطعام، بل اختار أشقَّ الأعمال ليعملَها، لقد قال لهم: وعليَّ جمعُ الحطب.
هتف تلميذٌ مندهشًا: يا الهي.. ذبحُ الشاةِ لا يأخذُ ثوانيَ، وسلخُها لا يحتاج لوقتٍ، وشيُّها أمرٌ سهلٌ، لكنها ستحتاج لحطبٍ كثيرٍ وهذا جهدٌ بالغٌ يقوم به رسولُنا المتواضعُ.
أشار المعلم للتلميذِ مصدِّقًا على كلامِه وواصل حديثَه قائلاً: كلامُك صحيحٌ.. ولذا قال له الصحابةُ: دعنا نجمع عنك الحطب، فرفض وأصرَّ أن يُعاونَهم بكلِّ تواضعٍ.
في تلك اللحظاتِ شعر سميرٌ بالندمِ الشديدِ على غرورِه وابتعادِه عن أصحابِه بالفصل لذا رفع أصبعه يطلب الحديثَ وحينما سمح له المعلم نهض سميرٌ قائلاً: أعترفُ أمامَكم جميعًا بأنني كنتُ تلميذًا غيرَ متواضعٍ، ولكنْ حين سمعْتُ قصةَ رسولِنا الكريمِ أعتذرُ لكم جميعًا وأعِدكم أن أكونَ متواضعًا منذُ اليومِ.