ذات القلب الرحيم

تاريخ النشر: 07/11/14 | 8:39

استطاعتْ سُعَادُ ادِّخارَ مبلغٍ مُحْترمٍ مِن المالِ، كانت تحلُم دوماً بشِرَاءِ ذلك الثَّوب الذي تراهُ في المتجر المُجاور لمنزلِهم، كُلَّما مَرَّتْ ووقعَتْ عيناها على الثَّوب في الواجهة الزجاجية للمتجر كانت تُصِرُّ أكثرَ وأكثرَ أنْ تَدَّخِرَ مِن مصروفِها الصَّغير لشراءِ هذا الثَّوْبِ الجميلِ،أخيرًا ستفتحُ حصَّالتَها الليلة كَيْ تَسْعَدَ بشراءِ الثوب الذي ظلَّتْ شهورًا تحلم به.

جلسَتْ سعادُ علَى طرَف فِراشها تُحْصِي ما بِالحَصَّالة من نقودٍ، كانتْ سعيدةً جِدًّا فما بِالحصَّالة يكفي شراءَ الثوب وأكثرَ، ستخرُج هذا المساءَ صُحْبَةَ والدِهَا لشراءِ الثَّوب كي تسعدَ بارتدائِه في أقربِ مناسبةٍ.

أعادتْ سعادُ نقودَها بحرصٍ للحصَّالة وأسرعَتْ تنضمُّ لأسرتِها بحُجرة المَعِيشة، كانُوا جميعاً يجلسون أمامَ شاشة التلفاز يُتابعون الأخبارَ، وفجأةً لمحتْ سعادُ تلك الدَّمْعَةَ السَّاخنةَ تسيل على وَجْنَةِ أمِّها، سألتْ سعادُ أمَّها في دهشةٍ: أمِّي.. لماذا تبكِينَ؟

أشارَتْ أمُّها إلى شاشةِ التِّلفاز وهي تقول بصوتٍ مُخْتَنِقٍ: هناك أخوةٌ لنا في بلادٍ بعيدةٍ لا يجدُون طعاماً ولا كساءً ولا دواءً.. لذلك أبكِي عليهم لأنَّنا في نعمةٍ كبيرةٍ لا نشعر بها.

ظلَّت سعادُ تُفكِّر لِلَحَظاتٍ قبل أن تسألَ أُمَّها مَرَّةً أخرى: أُمِّي.. وهل مِنَ المُمْكِنِ مساعدةُ هؤلاءِ النَّاس الفقراءِ؟

أجابتْها أمُّها: بالتَّأكيد.. يُمكن التَّبرُّعُ لهم.. ومَن سيتبرَّع فله عظيمُ الجزاءِ عند اللهِ؛ لأنَّهُ فَرَّجَ عنهم بعضَ كربِهم العظيم.

وهنا أسرعت سعادُ نحوَ حجرتِها وأخرجَتْ مَا بِالحَصَّالة من نقودٍ وأسرعَتْ تُعطي النُّقودَ لوالدِها قائلةً في إصرارٍ: أبي.. أُريد أنْ تتبرَّعَ عنِّي بهذا المبلغِ لهؤلاءِ الفُقراءِ.

نظر لها والدُها مُندهشاً وهو يقول: أليس هذا ثمن الثوب الذي ستشترينَه هذا المساء؟

أجابته في حماسٍ: كنتُ سأشتريه.. لكنَّني الآنَ أشتري ما هو أفضلُ.. أشتري رِضَا ربِّي عنِّي لأنِّي فرَّجْتُ كُرْبَةً عن هؤلاءِ الفُقَرَاءِ.

5

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة