من أجل قطة
تاريخ النشر: 02/09/14 | 0:03ما كاد سامح يدخلُ غرفته حتى ارتفع صوتُ أمِّه تُناديه قائلةً: لقد جَهَّزْتُ لك وجبةَ السَّمك التي تُحِبُّها يا سامح.
ما كاد سامح يسمع هذه العبارةَ مِنْ أمِّه حتَّى تَناَسَى تعبَه وإرهاقَه ووضع حقيبتَه المدرسيَّةَ سريعاً علَى فِرَاشه وأسرع إلى أمِّه التي كانتْ قد وضعتْ أطباقَ السَّمك على المائدةِ.
جلستِ الأُم ُّ وهي تدعوه قائلة: هيَّا يا صغيري.. تناولْ طعامَك المُفَضَّلَ.
أسرع سامح بالجلوس وعيناه تتأمَّلان أطباقَ السَّمك الشَّهِيَّةَ وامتدَّتْ أصابعُه لسمكةٍ كبيرةٍ تناولها وأخذ يأكلُ منها بتَلذُّذٍ واستمتاعٍ، سامح يُحِبُّ السَّمَكَ كثيرًا لذا تحرصُ أمُّه على تجهيز هذه الوجبة خِصِّيصًا من أجلِه.
وبينما سامح يتناول وجبتَه المُفضَّلة من السَّمك إذا بالقِطَّةِ تتمسَّح في قدميْه أسفلَ المائدة وتَمُوءُ بصوتٍ يملؤه الرَّجَاءُ والأملُ، لم يهتمَّ سامح بمُوَاءِ القطَّة ووَاصَلَ تَنَاوُلَ الأسماكِ بنَهَمٍ شديدٍ، ولكنَّ القطة الجائعة أخذتْ تموء بصوتٍ أعلَى فهي جائعةٌ مثله وتنتظر قطعةً صغيرةً من السَّمك كي تشبعَ.
وفجأةً ظهر الغضبُ على وجهِ سامح وتحَّركتْ ساقُه تَرْكُلُ القطة المسكينةَ التى صرختْ في فَزَعٍ قبل أن تبتعدَ في انكسارٍ مُتَّجِهَةً للمطبخ، لم تتحمَّلِ الأمُّ قسوةَ ابنِها فنهضَتْ من فورِها وحملتْ طبقاً من السَّمك واتَّجهتْ به للمطبخ ووضعتْه أمامَ القطة ثم عادتْ مرَّةً أخرى.
اندهش سامح من أمِّه التي لم تجلسْ لمُوَاصلةِ تناولِ طعامِها بل وقفتْ أمامَه وقد عقدتْ حاجبَيْها في غضبٍ، سألها سامح في حيرةٍ: ماذا حدث يا أُمَّاه.. لماذا تنظرين إِلَيَّ هكذا؟
أجابتْه أمُّه بلهجةٍ غاضبةٍ: لماذا ضربْتَ القطَّة المسكينةَ.. أليسَتْ تشعرُ بالجُوعِ مثلك؟
ضَحِكَ سامح وهو يقول: أتُعاتبينَني لأنَّني ضربْت قِطَّةً؟!
ازداد غضبُ الأمِّ وهي تقول: ألا تعرفُ أنَّ هناك امرأةً دخلتِ النَّارَ لأنها حبستْ قِطَّةً ولم تُطعمها ولم تترُكْها أيضاً تأكلُ مِن خَشَاشِ الأرض.
توقَّف سامحٌ عن تناوُلِ طعامِه وهو يقول في ذهولٍ: دخلتِ النَّارَ مِن أجل قِطَّةٍ!
أجابتْه أمُّه: وأنتَ لم تُطعم القطَّة بلْ وضربْتَها.. هل تُقلِّد امرأةً مِن أهل النَّار؟
شعر سامح بحَرَجٍ شديدٍ ممَّا ارتكبَه ولكنَّه لم يتحدَّثْ.. بل حَمَلَ هو الآخَرُ طَبَقاً من السَّمك وأسرعَ ووضعَه أمام القطة ثمَّ عاد سريعاً لأمِّه قائلاً: أرجو أنْ يغفرَ لي اللهُ هذا الذَّنْبَ.
احتضنَتْه أمُّه في حنانٍ وهي تقول: كَمَا ترحمُ مخلوقاتِ اللهِ وتَحْنُو عليها تأكَّدْ أنَّ اللهَ سيغفرُ لكَ.