فكّر بالموت إذا أردت حياة أفضل!
تاريخ النشر: 21/04/12 | 13:11“من الموت قدني إلى الحياة…” عبارةٌ تتردد في إحدى التراتيل الهندية القديمة، والتي يبدو أنها تحملُ -بعيداً عن معناها الروحي أو الفلسفي- حقيقةً علميةً وفق ما جاءت به إحدى الدراسات الحديثة, والتي تدفع الشخص لترتيب الأولويات في حياته فيهتم بصحته ويساعد الآخرين، ويشمل هذا التفكير بالموت الإشارات غير المباشرة كالمرور بجوار مقبرة أو مصادفة جنازة على سبيل المثال.
وهذه الدراسة تأتي لتخالف ما جاءت به الكثير من الأبحاث السابقة التي أشارت إلى أن التفكير بالموت مدمرٌ وخطير ويغذي الجشع والعنف والطمع لدى البشر، والتي تم تفسيرها وفقاً لنظرية “تيرور ماناغمينت” القائلة بأن سلوك البشر يحكمه الخوف من الموت وأن التفكير فيه يدفعهم لسلوكيات سلبية ومؤذية.
ويذكر الدكتور كينيث فيل من جامعة مينيسوري والباحث الرئيسي في هذه الدراسة “أفكار الباحثين التي تركز على المواقف السلبية المرتبطة بتأثير الموت على النفس البشرية في المقام الأول ترسخت في مجال الأبحاث بحيث افترض البعض مؤخراً أن التفكير بالموت ليس سوى قوة قاتمة تؤدي للدمار الاجتماعي، ولكن الفهم الكلي لكيفية تأثير التعامل اليومي الهادىء مع فكرة الموت على التقليل من أذية الشخص لنفسه وللآخرين والتحسين من نمط حياته ككل لم يكن يدرس كما يجب”.
قام الدكتور فيل وزملاؤه بمراجعة مجموعة من أحدث الدراسات التي تتناول هذا الموضوع، فعلى سبيل المثال ذكرت إحدى الدراسات المثيرة للاهتمام التي أجريت عام 2008 أن التواجد بالقرب من مقبرة يحفز الناس على مساعدة الآخرين، إذ قام متطوعون بمرافقة الباحثين في هذه الدراسة خلال مرورهم إما بجوار مقبرة أو بعيداً عنها بمقدار شارعٍ واحد، وكان الحديث بين المشارك والمتطوع يدور إما على أهمية مساعدة الآخرين أو على أي موضوع آخر، ثم تدخل متطوع آخر في التجربة كغريب في الشارع وأوقع دفتر ملاحظاته، وقام الباحثون في الحالتين بحساب عدد الأشخاص الذين هرعوا للمساعدة، فوجدوا أن عدد هؤلاء بين الذين تحدث معهم المتطوع عن أهمية مساعدة الآخرين ومروا بجوار المقبرة كان أكثر من المجموعة الأخرى بنسبة 40%.
يعقب فيل على هذه الدراسة بقوله: “افترض الباحثون أنه إذا كانت الثقافة التي يعيش ضمنها الشخص تعزز أهمية مساعدة الآخرين كقيمة إيجابية فإن التفكير بالموت يحفز مثل هذه السلوكيات”.
وفي دراسةٍ أحدث أجريت عام 2011 وجد الباحثون أن التذكير بالموت زاد من اهتمام السيدات بإجراء فحص ذاتي للثديين بعد توعيتهم بأهمية هذا الفحص للوقاية والكشف المبكر عن السرطان.
أحد التداعيات المهمة لهذه الدراسات، كما يختم فيل قائلاً، تكمن في أهمية توجيه الأبحاث في المستقبل نحو دراسة الكيفية التي يطور بها الخوف من الموت حياة البشر بدلاً من التركيز على التأثيرات السلبية المدمرة الناجمة عنه، ويضيف متأملاً: “الرقصة مع الموت قد تكون خطوة حساسة ولكن أنيقة وفعالة نحو حياة أفضل”.
إعداد: ليلى نور