دعوة مستجابة
تاريخ النشر: 24/08/14 | 8:55أقبلَ الصَّباحُ سريعًا وخَرَجَ الوالدُ لعملِهِ بينمَا ظَلَّ نجيبٌ في الدَّارِ بِصُحْبَةِ أمِّهِ.
تردَّدَ نجيبٌ كثيرًا قبل أنْ يسأَلَ أمَّهُ قائلاً: أمِّي.. أشعرُ بالقَلَقِ علَى وَالدِي.
سألتْهُ أمُّهُ مندهشةً: لماذا تقولُ هذَا الكلامَ يا وَلَدِي؟
وهُنَا أخذَ نجيبٌ يُحَدِّثُها عمَّا يلاحظُهُ منذُ أيَّامٍ، فوالدُهُ يبدو مهمومًا حزينًا علَى غيرِ عادتِهِ، فهو لا يُدَاعِبُهُ كعادتِهِ ولا يضحكُ معهُ، وهُنَا أخبرتْهُ أمُّهُ أنَّ والدَهُ يخضعُ لبعضِ الْفُحُوصِ الطِّبِّيَّةِ لأنَّ صِحَّتَهُ ليسَتْ علَى ما يُرَامُ في الفترةِ الأخيرةِ وقد نَصَحَهُ الأطبَّاءُ بإجراءِ بعضِ الفحوصِ للاطمئنانِ علَى صِحَّتِهِ.
بَدَأَ القلقُ يتسلَّلُ لصوتِ نجيبٍ وهو يسألُها قائلاً: ومَتَى تظهرُ نتيجةُ هَذِهِ الفحوصاتِ الطِّبِّيَّةِ يا أمَّاهُ؟
أجابتْهُ أُمُّهُ: ستظهرُ اليومَ.. ادْعُ لهُ بالشِّفَاءِ يا وَلَدِي.
تركَ نجيبٌ أُمَّهُ لتواصلَ أشغالَ الدَّارِ وانتقلَ لحجرتِهِ الصَّغِيرَةِ يفكِّرُ، ماذا بِيَدِهِ يمكنُهُ فعلُهُ لمساعدةِ والدِهِ، إِنَّهُ لا يملكُ إلَّا الدُّعاءَ، وهنا تذكَّر نجيبٌ حديثَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ: (لِلصَّائمِ عِنْدَ فِطْرِهِ دَعْوَةٌ لَا تُرَدُّ) وعلَى الفورِ قرَّر نجيبٌ أنْ يَدَّخِرَ هذهِ الدَّعْوَةِ لأبِيهِ.
مَرَّ النَّهارُ سريعًا والطِّفْلُ نجيبٌ يجلسُ في حُجْرَتِهِ –ولا يخرجُ منهَا إلَّا لِلصَّلاةِ في الجامعِ- ثم يعودُ لحجرته؛ ليدعوَ اللَّهَ أنْ يقبلَ دعوتَهُ ويَمُنَّ علَى وَالِدِهِ بِالشِّفاءِ. ولم يشعرْ بنفسِهِ إلَّا حِينَ نادتْ عليهِ أمُّهُ تخبرُهُ أنَّ موعدَ الإفطارِ قد حَانَ.
انضمَّ نجيبٌ لمائدةِ الإفطارِ، لَاحَظَ أنَّ والدَهُ لم يَعُدْ مهمومًا، بلْ كان السُّرُورُ يرتسمُ علَى وَجْهِهِ، سألهُ نجيبٌ في لهفةٍ: أبي.. ما نتيجةُ الفحوصاتِ الطِّبِّيَّةِ؟
أجابهُ وَالِدُهُ بفرحةٍ: حمدًا للهِ.. الفحوصاتُ أثبتَتْ أنِّي صحيحٌ مُعَافَى.. لقد زَالَ المرضُ تمامًا.
ارتفعتْ عَيْنَا نجيبٍ للسَّماءِ وهو يحمدُ اللهَ علَى فضلِهِ واستجابَتِهِ لدعوتِهِ.. ومَا أنْ فرغَ من دُعَائِهِ حَتَّى بدأ إفطارَهُ وهو سعيدٌ.. سعيدٌ بِصَوْمِهِ.