الصديقان واللص
تاريخ النشر: 26/08/14 | 13:59أرَادَ صديقان السَّفرَ معاً لطلبِ الرِّزق، واتَّفقَا على الخروجِ منَ البَلْدةِ في الصباحِ الباكرِ ، فاستعدَّا لذَلكَ وأعدَّ كلُّ واحدٍ منهُما زادَهُ وراحلتَه..
فلمَّا أصبَحَا خَرجَا منَ البَلْدةِ وهُما يقصِدانِ مدينةً قريبةً ابتغاءَ الرزق ..
وأثناءَ السَّفرِ قطعَ عليْهِمَا الطَّريقَ لصٌّ معروفٌ بسطوتهِ وبأسهِ .. فقالَ أحدُهُما للآخَر: إنَّ هَذا اللصَّ لا يرضَى بأخذِ أموال النَّاسِ حتََّى يقتُلَهُم ، فعلينَا أنْ نتعاونَ للتخلّصِ منه بالحيلَة ..
قالَ الآخرُ: صدقْت .. فليسَ أمامَنا إلا أنْ نتعاونَ ونكونَ يداً واحدة في وجهِ هذَا العدوِّ .. ولكنْ ماذَا نقولُ له ؟
قالَ صديقُهُ : نتظاهَرُ أَنَّا لا نعرفُه، ونطلبُ منهُ أن يحكمَ بيننَا في خلافٍ على أغنام .. وعليْكَ أنْ تُطيعَني فيما أطلبُ منك ..
قال الآخرُ: حسناً .. سوفَ أفعَل ..
فلمَا وصلا إليْهِ أظهَرا أنَّهُما لا يعْرفانهِ فسلَّما عليهِ وقالا له : نريدُ منْكَ أنْ تحكُمَ بيننَا في خُصومَة ..
قالَ : عادلاً حكَّمتُمَا .. ما هيَ قصَّتُكُمَا؟
قالَ الأوَّل: إنَّ هذَا شريكٌ لي في أغنامٍ كثيرةٍ اختلفتُ معهُ في قِسمتِهَا، فهلْ يُمكنكَ أنْ تُساعدَنا في قسمتهَا بيننا بالعدْلِ ..
قالَ اللصُّ: وأين هيَ الأغنامُ حتَّى أقسمهَا بينَكُمَا ؟
قال: إنَّها قريبةٌ مِنْ هذا المَكان، فدَع صديقي هذَا يذهب ويأتيكَ بِهَا ..
قالَ اللصُّ وهو مسرورٌ بهذهِ الغنيمةِ : نعمْ .. نعمْ .. اذهبْ أنتَ وأحضرهَا في الحال ..
قالَ له وهوَ يمتطي راحلتَه: سوفَ أعودُ إليكما بعدَ قليلٍ .. ثُمَّ غادرَ المكان وسارً براحلتهِ حتَّى اختفى ..
وبعد فترةٍ من الزَّمن لم يعدْ إليهمَا بالأغنام، فقال صديقهُ للصِّ: يبدو أنَّ صديقي خانَني وسرقَ الأغنامَ ليأخُذَها وحدَه، فدعني أذهب لأحضرَهُ هُوَ والأغنام قبلَ أن يبتعدْ.. فأذِنَ لهُ اللصُّ بذلك، فذهب ..
وبعدَ طولِ انتظارٍ ذهبَ اللصُّ للبحثِ عنهُمَا، فوجدهمَا قدْ دخلا حِصناً وأطلاّ عليه منْ فوقِ السورِ ..
فصاحَ بِهِمَا: ألا تُريدانِ أنْ أحكُمَ بينكمَا في الأغنامِ ؟
قالَ الأول: لا حاجَةَ لنَا في ذلك .. فقد اصْطلحْنا ..
فغضبَ اللصُّ وقالَ وهُوَ يعضُّ على أسْنانِهِ: لقدْ خدعْتُماني .. سوف أريكُمَا أيُّها الماكِرَان ..
ولمَّا أرادَ أنْ يعودَ فوجئَ برجالِ الأميرِ يقبضونَ عليهِ ويوثِّقونَهُ بالحبالِ .. وسيقَ اللصُّ إلى السجنِ ذليلاً بينمَا خرجَ الصديقانِ منَ الحصنِ ليتابعَا سفرَهُما ابتغاء الرزق ..
وهكذا نجَّاهُما الله تعالى بتعاوُنهما وحسنِ حيلَتهِما ..