علماء الزمن سرقوا يوما من فبراير وأعطوه إلى أغسطس

تاريخ النشر: 11/04/12 | 13:57

القمر، هو أقرب الأجرام إلينا. يعرف فى اللغات السامية القديمة، ومنها العربية، بـ “سنين”. ومنها جاء اسم شبه جزيرة سيناء وجبل صنين فى لبنان. والقمر باللغة الإنجليزية (Moon). تأتي من كلمة (Moneth) الأنجلو ساكسونية. اسم القمر عند الرومان (Luna)، وعند الإغريق (Selene).

يوم الإثنين في اللغة الإنجليزية (Monday)، ويعني يوم القمر. في اللغة الفرنسية أيضا (Lundi). كلمات اللغة الإنجليزية التي تعني القياس، مثل (Meter) و(Menstrial) و(Measure)، تأتي جذورها من كلمة القمر بالإنجليزية (Moon).

الجرم الذي يدور حول الشمس أو أي نجم آخر هو كوكب. والجرم الذي يدور حول الأرض، أو أي كوكب آخر، هو قمر. لذلك تسمى الأقمار الصناعية أقمارا، لأنها تدور حول الأرض. النجوم ما هي إلا شموس أخرى بعيدة جدا عنا. لذلك نراها صغيرة، ضوؤها خافت بسبب بعد المسافة لا أكثر ولا أقل.

القمر هو ثاني الأجرام التي نشاهدها في السماء بعد الشمس، وأكثرها إضاءة أثناء الليل. يدور القمر دورة كاملة حول الأرض في 28 يوما. أثناء هذه المدة، تكون الأرض قد تحركت من مكانها إلى الأمام. لكي يظهر القمر في نفس المكان في سمائنا، يلزمه 29.5 يوم، هي الشهر القمري، لا 28 يوما.

من المعلوم أن القمر غير مضئ بذاته. فهو يرى ليلا بفضل ما يعكسه من ضوء الشمس. عندما يقع القمر بين الأرض والشمس، لا نتمكن من مشاهدته.

عندما ينتقل في مداره، يتغير شكله لأن الشمس تنير المزيد من سطحه تدريجيا حتى يصبح بدرا. ثم يأخذ بالتناقص حتى يختفي ثانية عن الأعين. تسمى هذه الأشكال المختلفة، الهلال والبدر وخلافه، أوجه القمر. تتكرر أوجه القمر كل شهر.

عندما يكون القمر بدرا، أي كامل الاستدارة، يكون في الجهة المقابلة للشمس. أي تكون الأرض بين الشمس والقمر. بذلك يشرق البدر عندما تغرب الشمس. ويغرب عندما تشرق في اليوم التالي.

في هذا اليوم، لا ينقطع الضياء عن الكرة الأرضية لمدة 24 ساعة. كان قدماء المصريين يأخذون مثل هذا اليوم، في الاعتدال الربيعي، عندما يتساوى طول الليل مع طول النهار، عيدا للربيع (شم النسيم). ثم يستمر القمر في شروقه متأخرا دقيقة كل يوم عن اليوم السابق.

عندما انتشرت الديانة المسيحية بمصر، تصادف وقوع عيد الربيع أثناء الصيام، فتأجل عيد الربيع إلى يوم الإثنين التالي لعيد القيامة.

منازل القمر هي مجموعة النجوم التي يمر بها القمر في دورة له كاملة حول الأرض في 28 يوماً. دورة المحيض عند النساء هي أيضا 28 يوما. يرجع القمر عند تمام هذه الدورة إلى النجم نفسه الذي اتخذه أصلاً لحركته.

عدد منازل القمر 28 منزلاً. ينزل القمر كل ليلة بمنزل منها، من أول ليلة يهل فيها، إلى أن يكمل 28 ليلة. وهي:

1-الشرطين، 2-البطين، 3-الثريا، 4-الدبران، 5-الهقعة، 6-الهنعة، 7-الذراع، 8-النثرة، 9-الطرف، 10-الجبهة، 11-الزبرة، 12-الصرفة، 13-العواء، 14-السماك، 15-الغفر، 16-الزبانا، 17-الإكليل، 18-القلب، 19-الشولة، 20-النعايم، 21-البلدة، 22-سعد الذابح، 23-سعد بلع، 24-سعد السعود، 25-سعد الأخبية، 26-المقدم، 27-المؤخر، 28-الرشا.

حركة القمر معقدة جدا. لأن الشمس وباقي الكواكب والأرض يجذبه بدرجات متفاوتة. القمر يدور حول محوره في نفس الزمن الذي يستغرقه للدوران حول الأرض. هذا يعني أن وجها واحدا من القمر (تقريبا 59% من سطحه)، هو الذي يواجه الأرض طول الوقت. والوجه الآخر يحتجب عنا دائما.

يحدث للقمر خسوف كلي عندما تكون الشمس والأرض والقمر على خط مستقيم، وتتوسط الأرض بين القمر والشمس. في هذه الحالة، تحجب الأرض أشعة الشمس عن كل القمر. الخسوف لا يحدث للقمر إلا وهو بدر. في بداية الخسوف، يميل لون القمر إلى الحمرة. بسبب الأشعة الحمراء أعلى الغلاف الجوي.

ينير القمر ليالينا الظلماء بنوره الفضي. فمن أين يأتي اللون الفضي هذا، إذا كانت أشعة الشمس ذهبية، وسطح القمر مكون من تراب وصخور قاتمة؟

سطح القمر يعكس فقط 7% من أشعة الشمس الساقطة عليه. هو يشبه في ذلك، شوارع الأسفلت في مدننا. لكن بسبب وجود تراب القمر الذي يغطي مساحة كبيرة من السطح، وبسبب انكسارات الضوء وانعكاساته بينها، يبدو لنا القمر في حلته الفضية البهيجة هذه.

القمر لا يظهر فقط أثناء الليل كما يعتقد معظم الناس. فهو أيضا لا يحب الظلام، ويظهر نصف الوقت أثناء النهار. لكن لا يلاحظ وجوده الكثيرون منا.

أول ظهور الهلال وقت الغروب, يطل علينا كابتسامة أو كزورق. كما يصفه ابن المعتز:

“انظر إليه كزورق من فضة ** قد أثقلته حمولة من عنبر”.

ابن الرومي ذكره أيضا في شعره الرائع، يشّبهه برقاق الخبز في استدارته:

“إن أنس لا أنس خبازا مررت به ** يدحو الرقاق كلمح العين بالبصر”

“ما بين رؤيتها في كفه كرة ** وبين رؤيتها قوراء كالقمر”

“إلا بمقدار ما تنداح دائرة ** في لجة الماء يلقى فيه بالحجر”.

وجدت عظمة متحجرة لطائر النسر عمرها 13 ألف سنة. عليها علامات، في عددها وترتيبها، تمثل أوجه القمر. ربما تكون مجرد نقوش زينة. لكن علماء الحفريات يواصلون العثور على أحجار وحفريات عليها نقوش وعلامات تشبه أوجه القمر في مناطق مختلفة من أفريقيا وأوروبا.

وجدت حفرية من العظم عمرها 30 ألف سنة. كان عليها علامات تمثل أوجه القمر لفترة تمتد إلى عامين ونصف. ووجد أيضا تمثال عمره 27 ألف سنة يمثل أمنا الأرض، تحمل في يدها قرن حيوان منقوش عليه 13 علامة. الرقم 13 ليس غريبا علينا إذا علمنا أن السنة قد يظهر بها 12 بدرا أو 13 بدرا، حسب بداية حساب الأيام.

الإنسان القديم كان يستخدم القمر لقياس الزمن. الشهر القمري مقداره 29.5 يوم بالتقريب. السنة القمرية المكونة من 12 شهرا قمريا، هي مجرد تقريب للسنة الشمسية. يرجع الفضل للإنسان القديم في اكتشاف السنة كمقياس للزمن.

كل الحضارات القديمة تقريبا، عبدت القمر. المصريون القدماء كان لهم إله القمر “خنسو”. السومريون كان لديهم “نانا”. الرومان واليونانيون كان لديهم “هيكات”، وهي إلهة القمر في المحاق، أرتيمس أو ديانا إلهة القمر الساطع، سيلين أو لونا إلهة القمر وهو بدر. أما هبل، فهو إله القمر في مكة قبل الإسلام.

القمر في الأساطير القديمة كان يسبب الجنون لمن ينام في ضوئه. بيتهوفن له سوناتا رقم 12 بعنوان “ضوء القمر”. الموسيقار ديبوسي أيضا، له عمل موسيقي باسم ضوء القمر(Clair de Lune)، شكسبير قام بتشبيه هلال القمر بالقوس الفضي. رائعة أم كلثوم، هلت ليالي القمر.

فيروز المعجزة، هي أجمل من غنت للقمر:

يا حلو يا قمر، ياقمر أنا وياك، ياقمر على دارتنا، طلع القمر، نحن والقمر جيران، من روابينا القمر، لا تعتب علي أخرني القمر، كان ياما كان ليل وقمر عشقان، حبيبي بدو القمر، بلغه يا قمر، القمر بيضوي على الناس، على بالي ياقمر، قمرة يا قمرة، قمر السهرات،…

مع ظهور البدر، كانت تبدأ الأعياد بالرقص والغناء وإقامة الصلوات. الإسكيمو كانوا يحتفلون بظهور البدر بأكل السمك وإطفاء المصابيح وتبادل الزوجات. نحن المسلمون نحتفل برؤية هلال رمضان وبداية شهر الصيام.

مكتبة الاسكندرية القديمة

السنة القمرية، كما ظهرت في شعر هيسيود الشاعر اليوناني القديم، 800 سنة قبل الميلاد، كانت 354 يوما. وكانت كذلك عند السومريين والصينين والهنود الحمر.

الإعتماد على السنة القمرية يسبب مشاكل كبيرة. لأن السنة القمرية تنقص 11 يوما عن السنة الشمسية. بعد عدة سنوات قمرية، تصبح شهور السنة غير مطابقة لفصول السنة الطبيعية. بمعنى أن شهر رمضان مثلا، يأتى في الصيف، وبعد عدة سنوات، نجده يأتي في الشتاء.

هذا لا يشكل أي مشكلة بالنسبة للعبادات، مثل الصوم والحج. لكن بالنسبة لمواسم الزراعة والحصاد والتجارة، تصبح السنة القمرية غير مناسبة بالمرة.

البابليون، رغم تقدمهم الكبير في العلوم والفلك، ظلوا أسرى السنة القمرية. في عام 432 قبل الميلاد، توصل العلماء البابليون إلى نظام يصلح الخلل فى السنة القمرية. وهو:

لمدة سبع سنوات، السنة عندهم تعادل 13 شهرا قمريا. يتبعها 12 سنة، كل منها 12 شهرا قمريا. وهي دورة تتكرر كل 19 سنة. هذا يجعل السنة القمرية تتطابق مع السنة الشمسية، مع فروق عدة ساعات فقط. لكن هذا النظام لم يحظ بالقبول. بسبب صعوبة متابعة الناس له لمدة طويلة.

الإغريق حاولوا حل المشكلة أيضا بإضافة 90 يوما كل ثمان سنوات، كتعويض عن نقص السنة القمرية عن السنة الشمسية. لكن هذه الإضافة لم تستمر بصفة منتظمة، ويبدو أن الناس كانت تنسى تعديل التقويم القمري في حينه. أما التقويم العبري، فكان يضيف شهرا كل ثلاث سنوات. الصينيون كانوا يضيفون 7 شهور كل 19 سنة.

السومريون كانوا يستخدمون النظام الستيني فى حساباتهم، مثل استخدامنا الآن للنظام العشري. لقد نقلنا عنهم هذا النظام في قياس الزمن.

فمثلا، الساعة 60 دقيقة، الدقيقة 60 ثانية. أيضا الدرجة، في قياس الزوايا، 60 دقيقة، الدقيقة 60 ثانية. ولازلنا نستخدم في قياس خطوط الطول والعرض النظام الستيني.

في لغتنا الدارجة نقول: “راح في ستين داهية”. لماذا 60 بالذات، مع أن العدد 100 أو 1000 أكبر؟ لأن وقع 60 داهية أكبر وأعظم على السمع. كل هذا قد أتى من السومريين.

قام السومريون بحساب السنة 360 يوما، مضاعفات الـ 60، والشهر 30 يوما، نصف الـ 60. هذه السنة لا تزال غير مطابقة للسنة الشمسية. لا أحد يعرف السبب في اتخاذ السومريين للنظام الستيني.

ثم قام البابليون باقتباس النظام الستيني من السومريين، وتحويره وتقسيم اليوم إلى 24 ساعة. تقسيم اليوم إلى 24 ساعة، له علاقة بدائرة البروج، التي تمر بها الشمس وباقي الكواكب، والتي يبلغ عدد أبراجها 12 برجا.

المصريون القدماء هم أول من صحَّح الخطأ في حساب السنة الشمسية. فعلوا ذلك عن طريق حساب السنة 12 شهرا، والشهر 30 يوما. ثم أضافوا خمسة أيام في نهاية السنة هي الأيام النسي.

بذلك تصبح السنة عندهم 365 يوما، وليست 354 يوما كما في التقويم القمري. الشهور القبطية هي: توت، بابة، هاتور، كيهك، طوبة، أمشير، برمهات، برمودة، بشنس، بؤونة، أبيب، مسري. هي أسماء آلهة مصرية قديمة. أما الأيام الخمسة النسي، فهي أيام الآلهة: أوزوريس، أيزيس، حورس (العم)، نفتيس، ست.

في بداية الزمن، وقعت الإلهة نوت إلهة السماء وزوجة الإله رع في حب إله الأرض جب. الخيانة الزوجية كانت بين الآلهة أيضا. عندما اكتشف الإله رع أن زوجته نوت حامل من الإله جب، صب رع لعناته على زوجته ومنعها من الوضع في أي يوم من أيام السنة المكونة من 360 يوما.

الإله توت أو تحوت، إله الحكمة والذي يحمل اسمه أول الشهور المصرية، كان هو الآخر في حالة حب مع الإلهة نوت. (يبدو أن نوت كانت شايفه نفسها حبتين).

عندما طلبت نوت من الإله توت إخراجها من هذه الورطة، كان عليه أن يخلق زمنا جديدا خارج السنة، يمكن أن تضع نوت فيه. كيف يخلق توت الزمن الجديد؟

ذهب توت إلى إله القمر خنسو، ولاعبه وقامر معه على ضياء القمر. كسب توت بذكائه من إله القمر جزءا من سبعين جزء من ضياء القمر في سنة كاملة. أي في 348 يوما. باقي أيام السنة لا يظهر فيها القمر، وبالتالي ليس لها ضياء يمكن الاقتباس منه.

بذلك تمكن توت من خلق 5 أيام خارج نطاق الزمن، حتى تتمكن حبيبته نوت من الوضع فيها. وضعت نوت في اليوم الأول أوزوريس، وفي اليوم الثاني إيزيس، واليوم الثالث حورس (العم)، ونفتيس في اليوم الرابع، وفي اليوم الخامس ست. بذلك أصبحت السنة في التقويم المصري القديم 365 يوما.

السنة في التقويم المصري القديم قريبة جدا من السنة الشمسية التي نستخدمها الآن. بعد ذلك، عندما رصد علماء مصر القديمة النجوم، ولاحظوا أن نجم الشعرى اليماني (Sirius)، يشرق مع شروق الشمس في بداية فيضان النيل، تنبهوا إلى أن السنة تحتاج إلى ربع يوم إضافي، حتى تستقيم مع بداية الفيضان. بذلك يكون المصريون قد سبقوا يوليوس قيصر بألفي سنة في معرفة أن السنة الشمسية 365.25 يوم.

إلا أن الكهنة المصريين، لأسباب دينية، قاوموا إضافة يوم كل أربع سنوات إلى السنة الشمسية لقداستها. ولم يصحح هذا الخطأ إلا في عام 238 قبل الميلاد، بأمر من بطليموس الثالث ملك مصر، وهو يختلف عن بطليموس القلوذي الفلكي الشهير الذي عاش في الإسكندرية في القرن الثاني بعد الميلاد وصاحب كتاب المجسطي.

غزا الأسكندر الأكبر مصر عندما كان يحارب الفرس عام 332 ق م. وبعد موته قسمت الإمبراطورية بين قادته، وكانت مصر من نصيب أخيه، من الأب، بطليموس الأول عام 305 ق. م. (أمه كانت محظية للملك فيليب والد الإسكندر).

بني البطالمة مدينة الإسكندرية، وكانت أجمل مدن العالم في ذلك الوقت. جذبت إليها كل فلاسفة وعلماء وأدباء وفناني العالم القديم. جاءوا إليها للدراسة والبحث وتبادل الرأي والفكر.

كانت مدينة الإسكندرية، التي بلغ سكانها 150 الف نسمة، مليئة بالقصور الفارهة، والتماثيل الفنية الرائعة، والمعابد العظيمة، والملاعب الرياضية، والمتاحف والمسارح والحدائق والنوافير والزهور والطيور والموسيقى. كانت مدينة كانوبس (أبو قير) مدينة ملاهي للترفيه عن سكانها.

في عام 307، أوحى الأديب ديميتريوس إلى بطليموس الأول بإنشاء مكتبة الإسكندرية الشهيرة. جمعت بها كنوز الأرض من شتى العلوم والمعارف. وبلغت كتبها ومخطوطاتها أكثر من نصف مليون بردية. كانت بها كل كتب أرسطو الشخصية.

بطليموس الثاني، بنى فنارة (أو منارة) الإسكندرية الشهيرة، والتي كانت أحد أعاجيب الدنيا السبعة. بلغ ارتفاعها 400 قدم فوق سطح البحر. تشع الضياء الذي تراه السفن من بعد عدة أميال في عرض البحر.

في العصر الذهبي للإسكندرية، كتب أبولونيوس قصصا كثيرة، منها قصة الأرجونوت. وهي قصة جماعة مغامرين تحت قيادة البطل اليوناني ياسون. أبحرت الى كلوخيس من أجل استعادة الصوف الذهبي السحري.

في الإسكندرية أيضا، ظهر الطبيب هيروفيلوس الذي قام بتشريح الجسد لمعرفة وظائف الأعضاء. وظهر إقليدس وأرشميدس الذي أسست على أفكارهما العلوم الرياضية في العالم الغربي. لكن أهم منجزات علماء الإسكندرية، كانت الاكتشافات الفلكية.

عن طريق قياس ظل الأهرامات، استطاع علماء الفلك المصريين تحديد الإعتدال الربيعي يوم 21 مارس والإعتدال الخريفي يوم 23 سبتمبر.

اخترع أرستارخوس الساعة الشمسية. وعن طريق ملاحظة ظل الشمس على القمر، وجد أن حجم الشمس كبير جدا بالنسبة لحجم الأرض، مما يدل على أنها تبعد مسافة كبيرة جدا عنا. كما أنه توصل إلى أن الأرض هي التي تدور حول محورها فتسبب الليل والنهار، وتدور أيضا حول الشمس.

بعد أرستارخوس، جاء الإسكندري إيراتوثينيس لكي يقيس ميل المحور الذي تدور حوله الكرة الأرضية، فوجده 23.5 درجة، وكانت درجة القياس من الدقة بحيث لا يتعدى الخطأ واحد من عشرة من الدرجة. هذا الميل هو الذي يسبب اختلاف فصول السنة.

قام إيراتوثنيس أيضا بقياس طول محيط الكرة الأرضية إلى درجة مرضية. وبعد ذلك بسنوات قليلة، قام ستيسيبيوس الإسكندري باختراع الساعة المائية.

يوليوس قيصر

في عام 130 ق. م، وجد هيبارخوس الإسكندري أن محور الأرض غير ثابت الميل، لكنه يدور في شكل مخروطي (قمع)، ثابت من أسفل، مثل السكير الذي يترنح. كما أنه قاس السنة الشمسية فوجدها 365 يوما و5 ساعات و55 دقيقة. (الخطأ لا يتعدى 6 دقائق).

لكن أهم فلكيي الإسكندرية العظام وآخرهم، كان بطليموس القلوذي (90-168). ألف موسوعة فلكية وجغرافية، جمعها في كتاب المجسطي، هو في الواقع موسوعة فلكية وعمل جبار، ظل مستخدما في العالم كله أكثر من ألف سنة.

سجل فيه مواقع وأسماء النجوم. ذكر فيه أن مدة السنة الشمسية، 365.25 يوما، وحركة الشمس والقمر والنجوم والخسوف والكسوف، وتذبذب محور دوران الأرض. مدعم بالصور والقراءات ومزيل بالجداول والبيانات.

وصل يوليوس قيصر إلى الإسكندرية عندما كان قائدا حربيا، وكان يطارد القائد الروماني بومباي لخلاف بينهما. وجد قيصر أن بومباي قد اغتيل بيد أحد المصريين أثناء نزوله من المركب. لكن الذي أبهر يوليوس قيصر، جمال الإسكندرية وعظمة المصريين في ذلك الوقت.

دعت كليوباترا يوليوس قيصر إلى وليمة في القصر الملكي. لكن قيصر اكتشف في الوقت المناسب، عن طريق حلاقه الخاص، مؤامر لقتله دبرها رجال الملك الصبي أخو كيلوباترا.

بعد مقاومة شرسة استطاع قيصر أن يهرب إلى سفنه في ميناء الإسكندرية التي كانت محاصرة بالإسطول المصري.

أرسل قيصر رسولا يطلب النجدة من الحامية الرومانية الموجوده في بلاد الشام. في نفس الوقت قام بعدة هجمات على الميناء لتعزيز موقفه.

أحد هذه الهجمات تسببت في حرق جزء كبير من مكتبة الإسكندرية، وتدمير كتبا ومخطوطات لا تقدر قيمتها بثمن. في أحد هذه المعارك، سقط قيصر في الماء ونجا من الغرق بأعجوبة.

بعد خمسة شهور، وصلت النجدة الرومانية لقيصر. فقام بهزيمة الجيش المصري، وتنصيب كيلوباترا على عرش مصر بدلا من أخيها الصبي.

وقع يوليوس قيصر في غرام كليوباترا. وقام برحلة نيلية معها لمدة شهرين، أنجب فيها ابنا اعترف ببنوته (قيصرون). خلال رحلة قيصر النيلية، كان يناقش قيصر علماء مصر وحكمائها.

اوكتافيوس اغسطس

أحد هؤلاء العلماء هو سوسيجينوس الذي كتب العديد من الكتب عن الفلك والنجوم. أخبر سوسيجينوس القائد الروماني الكثير عن السنة الشمسية والتقويم المصري، وقارنه بالتقويم الروماني، ونصحه بإصلاح التقويم الروماني.

في شهر يونية عام 47 ق. م، وبعد معركة مع ملك سوريا ومعركة مع فلول خصمه بمباي، عاد قيصر إلى روما لكي ينصبه مجلس الشيوخ دكتاتورا لمدة عشر سنوات.

أول شئ قام به يوليوس قيصر بعد تنصيبه، هو إصلاح التقويم الروماني القديم المبني على السنة القمرية، بناء على نصائح العلماء المصريين، وقام باستبداله بالتقويم الشمسي، المبني على العلم. ثم قام قيصر بتعميم التقويم الجديد على كل أنحاء الإمبراطورية الرومانية. وأصبح اسمه منذ ذلك الحين بالتقويم اليولياني.

لكي يفعل ذلك، كما يقول بلوتارخ، دعا كل علماء وفلاسفة الإسكندرية ومنهم سوسيجينوس إلى روما لكي يطبقوا التقويم الشمسي الجديد الذي سمع عنه في مصر.

التقويم الذي أخذوا به، هو التقويم الذي أمر به بطليموس الثالث عام 238 ق م. السنة 365 يوما وربع يوم. ثلاث سنوات بسيطة عدد كل منها 365 يوما، تتبعها سنة كبيسة 366 يوما.

ولكي يطابق التقويم الجديد الاعتدال الربيعي الذي يقع يوم 25 مارس، تم إضافة شهرين لسنة 46 ق. م، أحدهما 33 يوما والآخر 34 يوما، بين شهري نوفمبر وديسمبر. بالإضافة إلى شهر آخر في فبراير، حتي يصبح طول سنة 46 ق. م 445 يوما. بذلك تصبح أطول سنة في التاريخ، لذلك سميت بسنة “اللخبطة”.

قام قيصر أيضا بتغيير أول السنة من مارس إلى يناير. كما أنه أضاف 11 يوما للسنة القمرية حتى تصبح السنة 365 يوما، بحيث يصبح الشهر إما 30 أو 31 يوما، فيما عدا شهر فبراير الذي كان 29 يوما في السنوات البسيطة و30 يوما في السنوات الكبيسة.

ظل التقويم المصرى مستخدما حتى سنة 30 قبل الميلاد. ثم فرض التقويم الروماني على المصريين بأمر من قيصر. بذلك، أصبح أول شهر توت بداية السنة فى التقويم المصري القديم (القبطى)، يوافق يوم 29 أغسطس من كل عام حسب التقويم اليولياني.

في عام 44 ق. م، جاء يوليوس قيصر لحضور عيد 15 مارس، وهو عيد ديني بالنسبة للرومان. تقام فيه المهرجانات والألعاب الرياضية والعروض العسكرية.

أثناء ذهاب قيصر لحضور اجتماع مجلس الشيوخ، قابل في طريقه عرَّافا، كان قد سبق أن حذره من مغبة ذلك اليوم. عندما أعاد العراف تحذيره، قال قيصر: هذا هو اليوم ولم يحدث لي شئ. أجاب العراف، لكن اليوم لم ينته بعد.

أرسل قيصر حرسه الخاص بعيدا، وجلس على عرشه داخل مجلس الشيوخ. تقدمت إليه مجموعة من واضعي القوانين، وطلب أحدهم توقيعه على وثيقة. عندما رفض قيصر، هجم عليه ومزق ثيابه.

كانت هذه إشارة إلى 23 من أعضاء مجلس الشيوخ بالهجوم على قيصر بالخناجر. كان أحدهم، بروتس، ولي نعمته وأقرب الناس إلى قلبه. نظر إليه قيصر بحسرة قائلا قولته الشهيرة: حتى أنت يا بروتس. ثم توقف عن المقاومة وغطى وجهه بجلبابه، وسقط مدرجا في دمائه على الأرض.

سمي شهر يوليو تكريما لاسم يوليوس قيصر بعد مماته. بعد ذلك، سمي شهر أغسطس تكريما لاسم الإمبراطور الروماني أغسطس. عندما وجد أنصار الإمبراطور، أن شهر أغسطس 30 يوما، وليس 31 مثل شهر يوليو، قاموا بسرقة يوم من شهر فبراير وأضافوه إلى شهر أغسطس. بذلك يصبح فبراير 28 يوما في السنوات البسيطة و29 يوما في الكبيسة. ويصبح شهرا يوليو وأغسطس متساويين في عدد الأيام، كل منهما 31 يوما. وكما يقول المثل الشعبي: ما فيش حد أحسن من حد.

حاول الأباطرة الرومان الذين جاءوا بعد أغسطس تغيير أسماء الشهور تخليدا لأسمائهم، منهم تايبيريوس، الذي سميت بحيرة طبرية على اسمه، وكلوديوس ونيرون، الذي حرق روما، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل.

عند بداية التقويم اليولياني الجديد، حدث خطأ. وهو أن السنة الكبيسة كانت تحسب على أنها السنة الثالثة وليست الرابعة. لكن هذا الخطأ سرعان ما تم إدراكه وتصحيحة أثناء حكم الإمبراطور أغسطس.

في عام 1582، قام البابا جريجوري الثالث عشر بتعديل التقويم اليولياني بحذف ثلاثة أيام كبيسة كل 400 سنة. وهذا هو التقويم الجريجوري الذي نتبعه ويتبعه كل بلاد العالم إلى اليوم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة