أُمْنِيَةُ الثَّعلبِ
تاريخ النشر: 28/07/14 | 10:55كانَ الثَّعلبُ يعتمدُ في صَيْدِ فريستِه على سُرعتِه، فإنْ لم يستطِعْ، نفخَ بطنَه، وَأغمضَ عينيْه، حتَّى يبدوَ وكأنَّهُ ميِّتٌ، فإذا اقتربَتْ منه فريسةٌ، انقضَّ عليها، والتهمها بمكرٍ ودهاءٍ .
وذاتَ مرَّةٍ طاردَ يمامةً شهيَّةً، لكنَّها كانتْ أسرعَ منه، فأفلتتْ بمهارةٍ، تاركةً له ريشةً من جناحِها في فمِه للذِّكْرَى حتى يتحسَّرَ عليها.
وحينما نفخَ بطنَه – مثلَ الميتِ- بقربِ حظيرةِ الدَّجاجِ، لمحَ الدِّيكُ الذكيُّ ذيلَه يتحرَّكُ، فأذَّنَ بأعلى صوتِه، فأقبلَ كلبُ الحراسةِ مُسْرِعًا لِيُلَقِّنَهُ دَرسًا قاسيًا .
لمْ يَعُدِ الثَّعلبُ يثقُ في سرعتِه ومكرِه، وبدأَ معَ شدَّةِ إحساسِه بالجوعِ- يتمنَّى أنْ يكونَ أسدًا، يلتهمُ فريستَه بسهولةٍ حينما تنكمشُ في جلدِها خوفًا منه .
وبينما الثعلبُ يطوفُ بالغابةِ ، إذْ رأى جِلْدًا مُحَنَّطًا لأحدِ الأسُودِ، فالتفتَ يمينًا ويسارًا حتى لا يراه أحدٌ، ثمَّ ارتداهُ بسرعةٍ ، وبدأَ يسيرُ في ثقةٍ كأنَّه أسدٌ حقًّا.
وحينما رأتْهُ العَنْزةُ الصغيرةُ انكمشتْ في جلدِها من شدَّةِ الخوفِ، فانقضَّ عليها، والْتهمَ لحمَها الشَّهيَّ حتى امتلأتْ معدتُه عن آخرِها.
ظلَّ الثعلبُ فَرِحًا مسرورًا بهذه الطريقةِ السَّهلةِ التي يصطادُ بها فرائِسَهُ، ولمْ يَعُدْ يشعرُ بالجوعِ أبدًا، بلْ بدأَ يُعانِي منَ السِّمْنَةِ والبَدانَةِ منْ كثرةِ الأكْلِ وقِلَّةِ الحركةِ .
ومعَ قِلَّةِ استخدامه للحيلةِ والذَّكاءِ، بدأَ يُعاني من شدَّةِ الغباءِ، فأصبحَ يتصرَّفُ بحماقةٍ سبَّبتْ له الكثيرَ من المتاعبِ.
وفي أحدِ الأيامِ، خرجَ الثعلبُ يجرُّ رجليْه من شدَّة الكسلِ، بحثًا عن طعامِه، فإذا بأسدٍ ضخمٍ يعترضُ طريقَه، وهو لا يعلمُ الحقيقةَ.
حاولَ الثعلبُ – أوَّلَ الأمرِ- أنْ يَتجنَّبَهُ، لكنَّه – لغبائِه- ظنَّ نفسَه أسدًا مثلَه، فأخذَ يُقَلِّدُ حركاتِه، و يزأرُ و يتثاءبُ كما يفعلُ تمامًا .
فانتصب الأسدُ واقفًا، فهبَّ الثعلبُ قائمًا، و فرد الأسدُ ذراعيه وتمطَّى ففرد الثعلب ذراعيه وتمطَّى هو الآخر ، فسقطَ جلدُ الأسدِ من على ظهرِه، فانكمشَ في جلدِه من شدَّةِ الخوفِ، ولم يستطعْ الهربَ لبدانتِه، وكتبَ بيدِه نهايتَهُ .