جاري العزيز
تاريخ النشر: 27/07/14 | 13:43سليمٌ طفلٌ مهذَّبٌ يحبُّ جميعَ جيرانِه.
ذاتَ صباحٍ خرج سليم محتضنًا كُرته الصَّغيرة كي يلعبَ بالحديقة المقابلة لدارهم، وفجأةً ظهر جارُه كريم المشاكسُ، اقترب كريم من سليمٍ قائلا: أعطِني هذه الكرةَ لألعبَ مع أصدقائي قليلاً ثمَّ أردَّها إليك.
أجابه سليم بأدبٍ: ولكنها كُرتي وجئتُ لألعبَ بها.. يمكن أن أنضمَّ إليكم ونلعبَ معًا.
وهنا جذب كريم الكرة بعنفٍ من سليمٍ قائلاً: قلت لك سأقترضُها لألعبَ بعضَ الوقتِ مع أصدقائي وسأعيدُها لكَ.. الآنَ لن أعيدَها لك ولن تلعبَ بها.
ظهرتْ علاماتُ الغضبِ على وجهِ سليم وهو يقول: لو سمحْتَ أعدْ لي كُرَتي.
أجابه كريم بلهجةٍ ساخرةٍ: إِنَّها لم تعُدْ كُرتك.. أصبحتْ كُرتي.. واغرُبْ عن وجهي والَّا لقَّنتك درسًا لن تنساه.
حزن سليم كثيرًا من تصرُّفِ جاره كريم وعاد إلَى دارِه وهو يشعرُ بالحزن لأنَّ جارَه يُعامله هذه المعاملةَ، في اليومِ التَّالي في المدرسة وفي أثناءِ الفسحة أخرج سليم شطيرةَ الجبن كي يأكلَها وقبل أن يقضمَ منها قضمةً واحدةً فُوجِىءَ بجارِه كريم يقفُ أمامه قائلاً: أعطِني شطيرتَك هذه فلقد نسيتُ أن أُحْضِرَ طعامي.
هتف سليمٌ بدهشةٍ: ولكنَّها شطيرتي.
كشَّر كريم عن أنيابه قائلاً: أعطني الشَّطيرةَ والا ضربْتُك.
ناوله سليمٌ الشطيرةَ قائلاً: تفضَّلْ شطيرتي.. ولكنْ ليس هذا ضعفًا منِّي.. بل لأني أحترمُ حقَّ الجارِ.
أطلق كريم ضحكةً ساخرةً وهو يقول: بل لأنَّك ضعيفٌ يا سليم.. ولا تستطيعُ مواجهتي.
وما أنْ أنهى كريمٌ عبارته حتى ابتعد وهو يأكلُ الشطيرةَ بشراهةٍ شديدةٍ.
في اليوم التالي لَاحَظَ سليم تغيُّبَ جارِه كريمٍ عن الحُضورِ للمدرسة، سأل عنه فأخبروه أنَّه مريضٌ ويرقد في داره، وعلى الفور وعَقِبَ عودةِ سليم من المدرسة اشترَى هديَّةً وأسرع يطرقُ بابَ جارِه كريم، فوجىءَ كريم بزيارةِ جارِه سليم وشعر بالخجلِ من نفسِه، قال كريم: هل تزورُني يا سليم في مرضي رُغم كلِّ الأذى الذي أسبِّبه لك؟
ارتسمتِ ابتسامةٌ رائعةٌ على شفتَيْ سليم وهو يقول: لقد أوصانا رسولُ اللهِ بالجار.. قال لنا إنَّنا يجب أن نُحسنَ معاملةَ جارنا وأن نزورَه إذا كان مريضًا.
وهنا هتف كريم في صدقٍ: يبدو أنَّني خالفْتُ وصيَّةَ رسولِ الله كثيرًا.. ولكنَّني أُعاهدك بأنِّي سأكون من اليوم جارًا وفيًّا لك يا جاري العزيز.