تخليد ذكرى فؤاد الدجاني بإطلاق اسمه على دوار في مدينة يافا

تاريخ النشر: 28/02/12 | 2:28

لم يكن هذا حدثاً اعتيادياً في مدينة يافا.. فبعد جهود حثيثة بذلها عضو بلدية تل ابيب يافا احمد مشهراوي تقرر إطلاق اسم ابن يافا البار، الطبيب البارع الدكتور فؤاد اسماعيل الدجاني ( 1890 – 1940 ) على دوار يقع إلى جانب المستشفى الذي أسسه في مدينة يافا .

منذ ساعات الصباح الباكر من تاريخ 26/2/2012 تم تجهيز المكان باللافتات وزراعة الأزهار وبناء منصة وتهيئة الموقع لإقامة حفل يليق بهذه الشخصية اليافاوية الفذة التي تنتمي إلى عائلة عريقة.. عائلة الدجاني.

أما أفراد العائلة فلقد أتوا من مختلف دول العالم، وعلى رأسهم عدد من أبنائه وأحفاده في زيارة تاريخية مؤثرة الى مدينتهم.. والبيت الذي نشأوا فيه.. مستشفى والدهم وضريحه الذي يزورونه لأول مرة منذ عام 48 .. وكانت لحظة الوقوف عند الضريح مشحونة بالمشاعر الجياشة والألم الشديد إلى جانب التأثر بالحدث ذاته الذي رأى فيه أبناء مدينة يافا العرب لفتة هامة للعائلة وتعبيراً عن التقدير للطبيب الكبير فؤاد الدجاني.

وفي عصر ذات اليوم، عُقدت المراسم الرسمية في حفل حضره المئات من ابناء يافا، وبتغطية وسائل الاعلام المحلية والدولية لهذا الحدث التاريخي.

افتتحت الحفل الإعلامية إيمان القاسم سليمان، وهي أبنة مدينة يافا أيضاً قائلة : عندما التقيت اليوم بعدد من أفراد عائلة الدجاني انتابتني نشوة.. شعرت بخفقات قلب غير اعتيادية.. كأنما إلتأم الجسد الواحد بمختلف أعضائه لتتكامل في كيان مُتّحد.. نحن نعي ان هذه اللحظة ليست بسهلة.. انه موقف مُركّب يعيد إلى ذكرياتنا أحداث تاريخية مرت بها هذه المنطقة ومرت بها مدينة يافا. لذلك أتوجه لكل واحد من أبناء عائلة الدجاني، سواء الذين اتوا اليوم إلى هنا أو الذين يتابعون الحدث عبر وسائل الاعلام. ان إطلاق اسم الدكتور فؤاد الدجاني على هذا الدوار في قلب مدينة يافا هو تعبير منا نحن اليافاويون الذين صمدنا وبقينا هنا بأننا نحبكم ولن ننساكم وستبقون جزءاً لا يتجزأ من أبناء هذه المدينة.

ثم جاءت كلمة عضو بلدية تل ابيب يافا أحمد مشهراوي، الذي أنجز هذا الإنجاز ليُضاف الى خمسة عشر شارعاً آخر سُميت في الفترة الأخيرة بأسماء عربية منها اسم إميل حبيبي، ودوار الشيخ بسام أبو زيد، وهو الذي بادر الى التواصل مع ابناء عائلة الدجاني في مختلف دول العالم ودعوتهم الى هذا التكريم ومرافقتهم في جولة في مدينة يافا. وقال : نحن نعتز بعائلة الدجاني العريقة والمميزة التي حضر ابناؤها واحفادها للمشاركة في هذا الحدث التاريخي بمنظورنا، ونرى من خلاله تغيير اتجاه ايجابي من قبل البلدية بتخليد ذكرى أسماء عربية عديدة في المدينة حيث كان عدد الشوارع التي تحمل اسماء عربية هو ست شوارع فقط من بين 400 شارع قبل ثلاث سنوات !. عندما توفي الدكتور فؤاد اسماعيل الدجاني عام 1940 خرج الآلاف من أبناء يافا المسلمين والمسيحيين واليهود في جنازته من المسجد الكبير بإتجاه موقع الدفن في باحة المستشفى في إشارة الى المكانة الرفيعة التي احتلها في قلوب الجميع. إن هذا الحدث تأكيد وتثبيت لوجودنا في مدينة يافا.

ثم سرد مشهراوي ( وفاجأ الجميع !! ) عن مكالمة هاتفية وردته صباح اليوم من سيدة في الثالثة والتسعين من العمر تقول له : انا الممرضة يافه بيرجر ولقد عملت كممرضة إلى جانب الدكتور فؤاد الدجاني هنا في هذا المستشفى، رغم انني يهودية إلا انه قبلني للعمل لأنني أجيد اللغة العربية بإتقان.

ولقد دعاها مشهراوي لحضور الحفل وكان اللقاء بينها وبين أبناء الدكتور فؤاد مفاجأة غير متوقعة أذرفت دموع الطرفين. وأكد مشهراوي في كلمته على العمل المكثف الذي رافق هذا الحدث، سواء على الصعيد البلدي او الميداني، وعبّر عن تقديره للعائلة التي تجاوبت ولبّت الدعوة، مشيراً إلى التواصل الذي سيستمر في المستقبل أيضاً بينهم وبين أبناء المدينة.

أما رئيس بلدية تل ابيب يافا رون خولدائي فقال في كلمته أمام الحضور : ان إطلاق اسم الدجاني على الدوار في يافا هو إحياء وحفاظاً على ذكراه، انه اعتراف علني وجماهيري بأن اسمه سيبقى محفوراً في الذاكرة الجماعية، فؤاد الدجاني جلب الى المدينة التطور والعلم والحداثة من خلال عمله الطبي، وكل يافاوي إما انه ولد في هذا المستشفى او تلقى العلاج فيه. ان التعاون بين العرب واليهود هنا سيجلب مستقبلاً أفضل للجميع.

الشيخ سليمان سطل رئيس الحركة الإسلامية في يافا ألقى كلمة في الحفل قال فيها : مدينة يافا هي مدينة الحضارة ذات المعالم التاريخية العديدة، ومستشفى الدجاني احد هذه المعالم الهامة، وطالما تقدمت يافا بمفكريها، ومثقفيها، ومدارسها، ونشاطها الاقتصادي، ونحن نلمس انها بدأت تحيا من جديد. عائلة الدجاني هُجرت، ولكن بقي اسمها موجوداً بيننا، وبقي اسم فؤاد الدجاني وعمله خالداً بيننا. وشدّد الشيخ سطل بأنه نشأ على مدار السنين الأخيرة في يافا أعداد كبيرة من المتعلمين والمثقفين والأدباء .

وبلغت قمة التأثر عندما اعتلى السيد عمر الدجاني المنصة، وهو ابن الدكتور فؤاد الدجاني، وألقى كلمته قائلاً : انا أصغر أبناء فؤاد الدجاني، توفي والدي وانا ابن ثلاثة أشهر، ولكن أنعم الله علينا بأمّنا فايقة الحسيني التي رعتنا نحن ابناؤها الستة، كانت اماً عظيمة وأحبت والدي الى درجة انها لبست الأسود حداداً عليه مدة سبع سنوات.

وتابع: ان كل من قدم له والدنا فؤاد الدجاني العلاج امتدحه كطبيب وكرجل عظيم أيضاً ومعطاء اهتم بالفقراء وبعلاجهم، نحن نشكر ابناء يافا على هذا الاستقبال الحار لنا، ونشكر احمد مشهرواي الذي أثبت قدراته على الإقناع لقرار التسمية، كما نشكر السيد سام جيلر الذي دأب على ترميم وصيانة قبر والدنا. نحن كلنا أبناء سيدنا ابراهيم واسحاق واسماعيل، ولا بد ان نعالج جراحاتنا ونتغلب على اختلافاتنا، وان نجد الطريقة للعيش معاً في الأراضي المقدسة. هذا يوم عظيم بالنسبة لنا كعائلة ترى تخليد ذكرى والدها في هذا المكان.. في مدينتنا يافا.

وبعد الكلمات دعت ايمان القاسم الجمهور للتقدم نحو الدوار حيث تمت إزاحة الستار عن اللافتة التي تحمل اسم ” الدكتور فؤاد اسماعيل الدجاني ” ليكون هذا الدوار شاهداً على جزء لا يتجزأ من تاريخ مدينة يافا.

ولقد شهد الحفل حضوراً واسعاً من قبل شخصيات يافا الاعتبارية ووفود من اللد والرملة، ونشطاء جماهيريون وطلاب مدارس، كما قدمت جوقة ” شيرانا ” التابعة للمركز العربي اليهودي بإدارة ابراهيم أبو شيندة وصلة غنائية تراثية. وقامت مجموعة من طلاب مدرسة أجيال بإدارة المربي جلال التوخي باستقبال وخدمة الضيوف الكرام.

وبعد الحفل، توجّهت العائلة إلى بيت السيد رمزي خُن، بدعوة منه وإصرار على استقبالهم في بيته ، بل هو بيتهم تاريخياً، حيث انه البيت الذي عاش فيه الدكتور فؤاد الدجاني وزوجته وأبناؤه، وعام 48 عند تهجير العائلة انتقل البيت كأملاك غائبين من ملكية الى أخرى إلى ان اقتناه رمزي خُن وقام بترميمه وإعادة تصميمه واستقبل فيه عائلة الدجاني في لقاء يثير عواطف جياشة وشعوراً باللُحمة والمودة، كان ذروته عندما قال رمزي : هذا البيت بيتكم .. نتشرف باستقبالكم هنا.

وفي ختام الزيارة توجهت العائلة نحو ميدان الساعة في يافا، وبعد تناول وجبة عشاء في مطعم حاج كحيل المميز بإدارة نعيم كحيل، واستعراض ما حملته هذه الزيارة من معان ٍ ومدلولات، وقف الجميع لإلتقاط صورة جماعية قبالة الساعة التاريخية لعروس البحر يافا، وتوقفت حركة السير في الشارع حيث تأمل العابرون هذا المشهد ، وقال افراد العائلة : منذ عشرات السنين لم نجتمع هكذا من مختلف الدول في مكان واحد، وها نحن نلتقي كلنا في يافا..

تعليق واحد

  1. مزيدا من ابداعات وجوائز للعرب باذن الله كفاية تخريب وعنصرية ملينا انا شخصيا تعبت اواجه دائما بطريقي عثرات من العنصرية بتمنى تختفي بالعربي طلعت روحي (كفر قرع)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة