الشاعرة السورية المعاصرة هُيام الأحمد

تاريخ النشر: 29/06/14 | 11:05

شاعرة من أريج الياسمين، متوقدة الذكاء، لطيفة المحيا حُلوتَهْ. عنوانها في الحياة نتاج دراستها في أرقى جامعات الوطن العربي قاطبة: جامعة دمشق. تخرجت فيها بإجازة الحقوق، لتعيد الحق الى نصابه وأصحابه على هذه البسيطة. ويكأن المولى العزيز- تعاليت يا رب- قد نفث في روعها حب البحث والتقصي عن الحقائق التي طالما سمعنا بضياعها، وضياع حقوق أصحابها. حقوقية من النخب الممتاز؛ لا تدع شاردة ولا واردة إلا وتحيط بها علماً ودرايةً، وتعرف ما يدور في الأفق، بل وعندها مَلَكَة اكتشاف ما يضمرهُ آكلوا الحق، عن طريق الإستدراج والإستنطاق. وماذا عن الجوانب الاخرى من حياة الحقوقية، شاعرة العنبر؟

من منطلق الترويح عن النفس، وراحة البال واستثمار الوقت بما يساعد في تهدئة الأعصاب، إنبرى قلمها الفياض يسكب شذرات هنا، وإضاءات هناك. تهدل من الأشعار أحسنها، وتسخّر من الجمال أرقى الصور. تكتب الشعر التعليمي التثقيفي، وتكتب مايريح النفس البشريةَ من بيان وحكمة.
تؤمن بأن أعذب الشعر أصدقه وأقربه الى الواقع وحياة البشر. لا تجد المبالغة المفرطة في أشعارها، ولكنها تستخدم ما يضفي الرونق على الموصوف، تاركة للقارئ الحصيف إدراك ما انسكبَ من حسن القول على أوراقها الوردية العطرة.

تحب العلم وتقدره لأقصى درجات التقدير. ففي السنين الأولى من المرحلة الإبتدائية، كانت وأترابُها يقطعن مسافات طويلة للوصول إلى المدرسة، وكن يمشين ما يقارب من (5 ) كيلومترات، مع المعاناة الكبيرة أثناء الأمطار. كل شئ يهون أمام اكتساب العلم.
لم تستمرَ الامور كما كانت، فقد شاء المولى أن تصيب الوالد وعكة صحية حتّمت على طفلة الياسمين المكوث الى جانبه بضعة أشهر وهي في نهاية المرحلة الثانوية، لتمريضه والسهر على راحته. ويحين وقت الإمتحان، وتتقدم لامتحان الثانوية العامة مع رفيقات الصبا، وكعادتها، فقد حصدت نجاحاً مبهراً مبهتا في آن. نجاح أهلّها للالتحاق بالجامعة واستكمال المسيرة الاكاديمة. ولكن…..
ما زالت المجتمعات العربية تحكمها العادات والتقاليد. فلم تتح لها الفرصة لدخول الجامعة للنهل من أعذب وأطيب الينابيع معرفة وعلماً. لم تقطع الأمل، ولم تسمح للظروف بتغيير وجهتها ثانية وتقعدها عن اللحاق بمركبة العلم. وكإجراء إسعافي سريع، فقد التحقت بدار المعلمات وتخرجت بتقدير”جيد جداً “. من أحب المواد إليها الرياضيات، علم الأحياء، والفيزياء.
مَخَرت عباب بحور الشعر منذ نعومة الأظفار. فكانت متذوقة للشعر ومحبة الى أبعد الحدود. أحبت أشعار نزار قباني ورأت طريقته في السبك والتصوير، وسهولة اللفظ ووضوحه في أغلب الأحيان. امتهنت التدريس وتماهت في ما تلقيه على المسامع الغضة، فأبدعت ونالت ثقة طالباتها وزميلاتها ورضا المسئولين. وبناء على السيرة الرائعة، صدر قرار بتعيينها مديرة مدرسة، لأجل الاستفادة من الخبرات التراكمية لديها، وللأخذ بيد ذلك الصرح العلمي نحو العلا والتميز، وكان ذلك فعلا، وكانت عند حسن الظن. ومضت تحصد النجاح النوعي تلو النجاح. فأناس متميزون، لا يليق بهم إلا التميز. فها هي تتلقى قراراً آخر بالتعيين موجهة إدارية في مركز المتميزين، كون مركز كهذا لا يليق به إلا من يشهد له تاريخه بالتميز. وتتدرج في المناصب والمراتب، اذ آخرها- لحين إعداد هذا المقال – موجهة ادارية في إعدادية للإناث. ومن الجدير بالذكر، أن الشاعرة الحقوقية قد التحقت بالجامعة في كلية التربية لتتم معادلة شهادتها في الدرجة الجامعية في التربية، إضافة الى ليسانس الحقوق.
انكبت على دراسة الشعربعناية فائقة، متذوقة تارة، وقارظة له تارة اخرى. حفظت الكثير من أعذب الشعر، وتماهت هياما في الكلمة المسبوكة، سواء أكانت نثراً أم شعراً. سهرت الليالي وهي تكتب وتمزق، ثم تعيد ما كتبت بديباجة خسروانية من أروع ما ينتجه عقل شاعر أو شاعرة. وتقف على طريق الشعر الصحيح، وتسكب منه الرقيق، والعمودي الفصيح.
صنفت ضمن العشر الأوائل في مسابقة الشواعر في “رابطة شعراء العرب” في ديوان الثلاثين المنتظر. تخوض غمار المساجلات الشعرية بكل ثقة ورباطة جأش، ولها من القصائد ما تفوز كقصائد شهر، وبعضها يتم ترشيحه للتصويت كقصيدة عام. ولم تسلَم مجلة “همسة” من همس الكلام الراقي لشاعرتنا، شاعرة العنبر، فقد اتحفتها بالدخول في مسابقة شعرية، وفازت في المرتبة الثانية في الشعر العمودي، وسيشرف عدد أيلول لمجلة “همسة” باسم الشاعرة هُيام الاحمد. فبالإضافة إلى ما ذكر، وهو غيض من فيض، فقد ارتأى الدكتور “أحمد الخاني” أن يتوج أحد كتبه بقامات وقيم عز نظيرها، وإدراج مذهبات
اشعارهم بين دفتيه، وعلى رأس تلكم القامات هي” شاعرة العنبر”، وثلة من شعراء الدرجة الممتازة، أيضا.
يشكل حب الوطن عند الشاعرة هُيام الأحمد أكبر الهواجس وأرقاها. تحب وطنها حباً جماً. تحب كل ذرة من ترابه، وكل قطرة من مياه ينابيعه الفرات، وتحب بحرهَ وهواءَه، وتحب اطفالَه وشبابَه ورجالَه ونساءَه. الوطن هو حضنُ الأم وحنانُ الأب وعلاقة الاخوّة وصلةُ الرحم. تراها تديم النظر في السهول والمروج والسواقي والنواعير، لتملأ عينيها بهذا السحر الشامي الأخاذ. تتنفس الوطن وتبقي نسائمه في الصدر طويلا، تحب الياسمسن وتتمازج معه فلا يفرق المرء بين الزهرة والانسانة. تدعو الله ليل نهار أن يعود الوجه النضر الضاحك لوطنها، حاضنة العرب وعزهم.
لا تفتأ تقذف في روع أنجالها حب العلم والحرص على تملكه، فجميعهم متعلم وبلغ مرحلة من العلم تؤهله لشق حياته بكل ثقة وأريحية. أبناء كالزهور: أدباً وعلماً وخلقاً.

يونس عودة

unnamed7

تعليق واحد

  1. لأول مرة أنظر إلى الحروف بإشفاق !! كم هي عاجزة عن ردّ الجميل !! يونس عودة أيها النجيب المفضال : غمرتني لطفاً وذوقاً ، أسعدك الله كما أسعدتني أيها الخلوق الدمث
    كما أشكر هذا الموقع المتميز على ما أحاطني به من كرم العناية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة