مؤتمر حول العنف والسلاح في المجتمع العربي

تاريخ النشر: 14/02/12 | 1:40

عقدت لجنة التحقيق البرلمانية في استيعاب العرب في القطاع العام والتي يرأسها النائب احمد الطيبي، القائمة الموحدة والعربية للتغيير، يوماً دراسياً موسعاً طرحت من خلاله قضية العنف في المجتمع العربي، والرابط الاجتماعي والاقتصادي. وحضر اليوم الدراسي كبار مسؤولي الدولة من بينهم رئيس الحكومة، رئيس الكنيست، وزير الأمن الداخلي، المفتش العام للشرطة، وزير التعليم، وزير المالية، وممثلون عن عائلة ضحايا العنف، اعضاء كنيست، أكاديميون وممثلون عن مختلف المؤسسات وجمعيات المجتمع المدني. وجاءت هذه الجلسة بعد عدة اشهر من التحضير والاتصال بالمكاتب الوزارية المعنية.

افتتح الجلسة النائب الطيبي قائلاً : ان العنف يقض مضاجع المواطنين العرب، اذ يكاد لا يمر اسبوع واحد بدون ان تحدث جريمة قتل او عنف، والسلاح اصبح بمتناول اليد. عشرات آلاف الأسلحة منتشرة في البلدات العربية حتى صواريخ لاو.

توجد عدة أوجه للعنف، على خلفية صراعات بين عائلات الجريمة، خلافات عائلية، قتل بذريعة الحفاظ على شرف العائلة، نحن نرى في العنف بجميع اشكاله عملاً همجياً ، وقتل النساء لا شرف فيه. وبناء عليه تقدمنا باقتراح قانون يحظر استعمال مصطلح ” القتل على خلفية شرف العائلة “.

فعقب مفتش عام الشرطة: نحن استجبنا لطلبك وحظرنا استعمال هذا المصطلح وعممنا ذلك على جميع ألألوية والناطقين واستبدلناه بمصطلح قتل في العائلة.

وتابع الطيبي : توجد علاقة مباشرة بين الوضع الاجتماعي الاقتصادي المتردي في المجتمع العربي والبطالة وبين العنف، لا توجد أماكن عمل أو ترفيه للشبيبة، نقص في الغرف الدراسية، وتسرب طلاب المدارس، كلها عوامل تؤدي الى العنف.

وطالب الطيبي المسؤولين بتحمل المسؤولية، العمل على جمع السلاح وهو مطلب الجماهير والقيادات العربية، إلقاء القبض على المجرمين، وفي حين نسبة الجريمة في اسرائيل انخفضت عامة، إلا أنها ارتفعت في المجتمع العربي. نحن نحمل الحكومة المسؤولية المباشرة وعدم تحمل المسؤولية يؤدي الى تساؤلات وغضب لدى المواطنين العرب. مطلوب مقولة واضحة من قبل رئيس الحكومة، والوزراء والمسؤولين. واضاف : نحن ايضاً لا نعفي أنفسنا من المسؤولية كمجتمع عربي، ويجب ان نعمل على نبذ العنف والجريمة.

ثم جاءت مداخلة وزير الأمن الداخلي يتحساق أهرونوفيتش الذي شكر الطيبي على هذه المبادرة لإقامة يوم دراسي بهذا المستوى ويرى في ذلك أهمية بالغة، لأنه يعكس وجود فرصة للتعاون مع الجمهور العربي لمكافحة العنف. وهو أحد الأهداف المركزية التي وضعتها وزارته لتحسين الشعور بالأمان لدى المواطنين، مع التركيز على الشبيبة.

واستعرض الوزير معطيات العنف ومن بينها ان 68% من حالات اطلاق النار حدثت في الوسط العربي، السلاح غير المرخص موجود بكثرة في البلدات العربية، ويصل الى التهديد على حياة منتخبي الجمهور من رؤساء سلطات محلية، وهو أمر مرفوض. كما أن 30 % من السجناء الجنائيين هم عرب، 45% من مجمل قتلى حوادث الطرق هم عرب. وتمت زيادة عدد الملكات في الشرطة ، والدوريات الميدانية، من أجل تطبيق القانون في كل مكان.

فيما بعد استعرض الباحث والمحاضر الدكتور نهاد علي معطيات وتحليل العنف ، موضحاً ان 93% من المجتمع العربي يشعرون بأن العنف في ارتفاع، وبأن العنف هو ما يعرض مستقبل المجتمع للخطر، وبينما العنف في المجتمع الاسرائيلي ينخفض، نجده في المجتمع العربي يرتفع. ان الموضوع تخطى كونه ظاهرة او شعور وأصبح بمثابة ” إرهاب مدني” . 50% المجتمع العربي رد في الاستطلاعات بأنه يستطيع الحصول على سلاح، 40% من المواطنين العرب يشعرون بأنهم معرضون للخطر، وتوجد مطالبة برفع التواجد الشرطي في البلدات العربية ليس لإصدار مخالفات السير وانما لمكافحة العنف.

ثم دعا النائب أحمد الطيبي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لتقديم كلمته مقتبساً ما جاء في تقرير لجنة ” أور ” بأن الجمهور العربي يعاني من الإهمال على مدى سنوات من قبل جميع حكومات إسرائيل، ومن أسس الديمقراطية وحق المساواة ان يحظى المواطنون العرب بحقهم في الأمان. كما شكر نتنياهو على حضوره اليوم الدراسي بعد عدة لقاءات جرت بينهما تم التداول فيها بقضايا العنف في المجتمع العربي وقضايا البلدات العربية بما فيها الطيبة.

وقال نتانياهو: ان دمج العرب في سوق العمل في مجالات الصناعة والهايتك وفي المرافق الاقتصادية يساهم في مكافحة العنف في المجتمع العربي، وبموازاة ذلك يجب تطبيق القانون بالتعاون مع القيادات العربية، اعضاء الكنيست، منتخبي الجمهور ورجال الدين. وان قدومي اليوم للمشاركة من منطلق رغبتي في العمل بالتعاون مع الوسط العربي لمكافحة العنف.كما ايد مطلب وزير الامن الداخلي بتوفير ميزانيات من قبل وزارة المالية لهذا الغرض وقال “انا اؤيد طلبك المعقول”. وعبر نتانياهو عن موقفه الداعم للخدمة المدنية الا ان النائبان الطيبي وغنايم تصديا له رافضين الفكرة قائلين :نختلف معك في هذا الموضوع. فقال نتانياهو للطيبي : لماذا ترفض الفكرة ؟ فقال الطيبي العرب يتطوعون ويخدمون مجتمعهم بدون هذا البرنامج الذي بادرت اليه وزارة الامن وعلى كل هذا ليس موضوعنا الان.

اما قمة اليوم الدراسي فكانت مداخلات عائلات الضحايا التي أبكت جميع الحضور حيث سردت سهام اغبارية من ام الفحم ما تمر به منذ مقتل زوجها وابنيها حيث انها تخشى المبيت في بيتها ما دام القاتل حر طليق. وأجهشت بالبكاء . كما تحدث والد القتيلة أمل محاميد واصفاً الإهمال من قبل الشرطة في متابعة قضية الجريمة والقبض على القاتل، الشيخ كامل ريان من جهته قال لا شيء يمكن ان يعيد لي أبني الذي قُتل ولكننا نطالب بمنع الجريمة القادمة والشرطة حتى هذه الساعة لم تلقي القبض على المجرم، كما ان والدة آلاء ظاهر ايضاً وصفت المأساة التي تعيشها العائلة منذ مقتل ابنتها، بالإضافة الى الخوف لأن القاتل حر طليق.

رئيس الكنيست رؤوبن ريفلين تحدث عن التعاون الذي يجب ان يكون بين العرب واليهود لمكافحة العنف، وان دمج العرب في سوق العمل وهو ما تسعى اليه اللجنة البرلمانية التي يرأسها الطيبي تقوم بدور هام جدا في هذا السياق. كما شدد على اهمية دعم المجتمع العربي الذي يشعر بعدم الثقة إزاء المؤسسات الرسمية والجهاز القضائي. الشراكة بين المجتمعين العربي واليهودي ستؤثر ايجابيا على مستقبل هذه المنطقة.

وزير التعليم جدعون ساعر تطرق الى قضية الحراسة على المدارس وهو ما تمت المصادقة عليه وبدأ تطبيقه في المدارس العربية لمنح بيئة من الأمان للطلاب. بالإضافة الى دعم حركات الشبيبة لمكافحة العنف والمخدرات والتسكع ، واستعرض ما تقوم به وزارته لرفع مستوى التعليم في المدارس العربية وانعكاس ذلك في امتحانات امتحانات التقييم.

كما شارك في اليوم الدراسي النواب ابراهيم صرصور، محمد بركة، طلب الصانع، مسعود غنايم، مجلي وهبة، غالب مجادلة، زهافا جلئون، داني دنون، نحمان شاي، حمد عمار، شلومو مولا، ايتان كابل.

وقال مجلي وهبة ان الشرطة لا تلقي القبض المجرمين وتبقى ملفات عديدة مفتوحة، وهي ناجحة في ارسال عشرات رجال الشرطة لتنفيذ هدم بيت او حظيرة، ولا تأتي الى البلدات العربية للتصدي للجريمة والمجرمين.

النائب محمد بركة شدد على الرابط الاقتصادي الاجتماعي مع العنف، واهمية تدعيم المجتمع العربي في مجالات التعليم والعمل كآلية للتصدي ولمكافحة العنف. وحمّل المسؤولين والشرطة المسؤولية عما يحدث مطالباً بالعمل على جمع السلاح وضمان الأمن والأمان للمواطنين العرب وخلق اماكن عمل في البلدات العربية.

النائب طلب الصانع اعترض على اشتراط تفعيل مشاريع في البلدات بأن يتم تمويل قسم منها من السلطة المحلية، قائلا ان السلطات المحلية الضعيفة والفقيرة التي هي بأمسّ الحاجة الى مثل هذه المشاريع لا تحظى بها في نهاية الأمر.

النائب حمد عمار قدم مداخلته حول تقصير الشرطة في إلقاء القبض على مرتكبي جرائم القتل فلا يكون أي رادع بوجه من يريد ارتكاب جريمة أخرى. واستعرض عدد الجرائم العديدة التي ارتكبت في السنوات الأخيرة وبقيت ملفاتها معلقة مفتوحة.

الشيخ كامل ريان مدير مركز معاذ لمكافحة العنف تحدث عن تجربته الشخصية بشكل ثاقب ومؤثر وقال انا لا اريد الانتقام ولكني اريد للقانون ان يأخذ دوره ويتم تطبيقه.وقال لقد اقمت مركزا لمكافحة العنف وهذه مساهمتي في هذا الموضوع الخطير للغاية.

عايدة توما مديرة جمعية نساء ضد العنف ركزت في كلمتها على قتل النساء وبأن المجتمع المدني من جمعيات يقوم بواجبه لكن الجهة المقصرة هي الشرطة التي لا تتعامل بجدية مع هذا النوع من الجرائم رغم ان مرتكب الجريمة يكون معروفاً للجميع.

سماح اغبارية مديرة جمعية نعم – نساء عربيات في المركز تطرقت الى جرائم قتل النساء وايضاً الى اختفاء النساء وعدم السعي من قبل الشرطة للعثور عليهن احياء الى ان يتم العثور عليهن مقتولات، وفي هذه اللحظات توجد نساء مختفيات حياتهن معرضة للخطر.

وشارك في اليوم الدراسي ايضاً رؤساء السلطات المحلية ونواب واعضاء في المجالس والبلديات من بينها ام الفحم، الطيرة، قلنسوة، دير الأسد، كفر برا، عيلوط، واستعرض رؤساء دير الاسد وعيلوط ما تتعرض له بلداتهم من تقصير في جمع السلاح، وان بعضهم تعرض للاعتداء واطلاق النار شخصياً ولا تواجد للشرطة الا من اجل تحرير مخالفات سير. وطالبوا الشرطة ووزارة الأمن الداخلي بتدعيم البلدات العربية بوسائل الحماية، الميزانيات، كاميرات الحراسة، والبحث عن البيات والأدلة للوصول الى المجرمين وليس العمل الاستخباراتي.

في ختام اليوم الدراسي وبعد ان أصغى الى جميع المداخلات رد المفتش العام للشرطة الجنرال يوحنان دنينو قائلاً : ان مشكلة العنف ليست محلية وانما قطرية ونحن في الشرطة في قلب العمل لمكافحة العنف ، نعمل على زيادة عدد محطات الشرطة في البلدات العربية. نعترف اننا لم نتوصل الى حل جميع جرائم القتل ولكن الأمر في تحسن . ليتنا نستطيع وضع اعداد أكبر من الشرطة في البلدات العربية، ولكننا نطالب بالمزيد من الملكات ونعمل على زيادة العدد . وفي هذا السياق قسمنا لواء الشمال من اجل رفع نجاعة العمل .

وقال دنينو ان عملية جمع السلاح ليست مهمة سهلة، فعائلات الجريمة تخفي هذه الاسلحة بإحكام، وهي موجودة بكميات كبيرة، ولذلك نطالب بالمزيد من الميزانيات. كما اننا دعمنا عدد المحققين في وحدة خاصة للتحقيق في ملفات القتل.

ونوه دنينو الى ان انه قرر تدعيم مراكز الرد الهاتفي 100 بموظفين عرب في غضون ثلاثة أشهر على مدار اربع وعشرين ساعة. نحن نمد يدنا للجمهور العربي ونسعى لتقديم الخدمات الشرطية للمواطنين العرب بمساواة مع أي جمهور آخر.

وعقب اليوم الدراسي اجتماع موسع شارك فيه عائلات الضحايا، رؤساء السلطات المحلية، رجال دين، والجمهور الذي حضر من جميع أنحاء البلاد ولا سيما من الجليل والمثلث، وفتح النائب احمد الطيبي امام الحضور النقاش حول قضية العنف فقال الشيخ عبد الحكيم سمارة مدير عام المحاكم الشرعية : يجب ان نعي ما وصل اليه مجتمعنا من سوء أخلاق وخلل في التربية، بموازاة مطالبة المسؤولين يجب علينا تحمّل المسؤولية تجاه أنفسنا من خلال التربية في البيت والمدرسة والشارع وهناك إجماع بين جميع الديانات على نبذ ورفض العنف لذلك يستوجب تكثيف الدعوة ضده من على جميع المنابر.

الإعلامية إيمان القاسم سليمان التي بادرت الى اعداد سلسلة برامج ضد العنف في صوت اسرائيل قالت في مداخلتها : ان هذا اليوم الدراسي وحضور المسؤولين بأعلى المستويات يُعتبر إنجازاً هاماً ويجب ان تكون له متابعة بأن يخرج المشاركون كلٌ في مجاله بخطة عمل للمساهمة في مكافحة العنف، مع أهمية استغلال وسائل الإعلام لطرح هذه القضية والتصدي لهذه الظاهرة من قبل المجتمع العربي الذي لا يخلو من المثقفين والنشطاء الجماهيريين والأكاديميين. كما يجب مواصلة الضغط على المسؤولين لتتم مكافحة العنف بشتى الوسائل القانونية والميدانية. يجب ان يكون هذا اليوم الدراسي انطلاقة لحملة شعبية جماهيرية واسعة النطاق ضد العنف.

ثم اختتم النائب أحمد الطيبي بأنه لا شيء سيعيد الذين قُتلوا الى الحياة، ولكن المطلوب من المسؤولين إعادة الشعور بالأمان للمواطنين العرب. ان البلدات العربية اصبحت مخزناً للأسلحة. هناك التزام أخلاقي تجاه عائلات الضحايا والتزام قيادي ومؤسساتي تجاهها. ان القيادات العربية تدعو وتطالب الشرطة بأن تقوم بدورها في البلدات العربية، وهذه فرصة تاريخية يجب انتهازها لإعادة الشعور بالأمن والأمان لدى كل طفل وكل امرأة وكل عائلة عربية.

يجدر ذكره ان قاعة اليوم الدراسي عجت بالحضور وحظي اليوم الدراسي بتغطية واسعة، عربية ويهودية وأجنبية، واتُفق في ختامه على عقد جلسات متابعة بين النائب احمد الطيبي والمسؤولين في مكتب رئيس الحكومة، ووزارة الأمن الداخلي والمفتش العام للشرطة، على ان يتم إشراك المعنيين من ممثلي الجمهور العربي لمتابعة هذه القضية. كما علم مكتب الطيبي أنه في أعقاب المداخلات المؤثرة لعائلات الضحايا أعلنت الشرطة تكثيف التحقيقات في جرائم القتل المذكورة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة