عَيِّنات …

أكثر ما علمتنيه تجربة كتابة الشعر أن الشعر في خاتمة كل مطاف حالة حالمة ، غير عادية ، وليد عاطفة جَيّاشة ، عاشقة ، دائمة القلق والتخيُّل ووليد فلسفة حياة ، وليد تجربة وذاكرة دائمة الحضور ، فهو فكرة مختزلة ، قوية الإيحاء ، تموسِقُ ذاتَها ، ملونة وشديدة العِشْق بتجلياته الحياتية . وكتابة الشعر تتطلب التجريب الدائم للكشف عما في العقل السارح من مَخْزون . وفيما يلي قصائد جديدة وأخرى قديمة ، هي عينات تجريب ، أعيد كتابتها من جديد ، كمحاولة للتجريب الدائم ، أو للتعبير عن الشعر كما أفهمه .

1

علَّمتني فاطمة العشقَ وما يكون ،

قالت : يَجمُلُ بالمَرْءِ أن يَعشَق ذاته الأخرى ليجْمُلَ في عَيْنيْهِ عِشقُ ذاتِهِ !

قالتْ : العِشقُ الحَقُّ يكون حين تحب ولا تتوَقعُ ” رَدَ جَميلٍ ” مِمَّنْ تُحِبْ !

قالتْ : أصدق العشق يكون حين تكون أنْتَ هِيَ وَهْيَ كُلُّ ذاتِكْ !

قالت : أصدق العشق حين تكون عاشِقاً ومَعْشوقْ !

2

ألله يا خشب الصندل ، فواحَ العبق ، كم يُدْهِشُني فيك عِطْرُ حبيبي !

3

هأنذا أصْعَدُ الجبَلَ وَحْدي ، مُمْتَطِياً صَهْوَة ذُهْني الباتَ أشْبَهَ بجَناحَيْ ريحٍ دائمَةِ القلقِ ، وَمُولَّهَة الْعِشْقِ ، عَلّي أطلُّ عَلى عوالِمَ ، لَمْ يَطْرقْها عقلٌ عاشِقٌ مِنْ قَبْلُ ،

فأصْغي إلى هَمَساتِها وَهْي تَتَحَدَّثُ عَنْ عشْقٍ مُؤَلَّهٍ ، فأسْتَعيرُها ، لتكونَ نَغَما

لِنَشيدِ حُبِّكِ يا فاطِمة .

4

يا عود الرمان كم تبهرني فيك رِقَّة حَبيبي !

5

على وقع سقط الندى أصغيت طويلا في تلهف عاشقٍ ، فجاءني من بعيدٍ صوتٌ هامسٌ ذكَّرَني بِبَوْحِ حَبيبي .

6

أكثر ما يُدْهِشُ وَقَد علَّمَتْنيه الحياة : أنَّ النَّهْرَ لا يكونُ إلاّ بضفتيه .

7

كلُّما تذكَّرْتُ حبيبي ، استحالَ لُعابُ لِساني عَسَلَ جَنَّةٍ ، ذكَّرَني ببَهاءِ عسلٍ بكْرٍ حُرِ كانَ يَنِزُّ مِنْ شُقوقِ صُخرِكِ يا بِلادي .

8

العِشْقُ هُوَ لحْظة هوسٍ تتوَهَّجُ فيكَ وهيَ مَزيجٌ مِنْ قَصْفِ رَعْدٍ وبوحِ نَسائم .

9

في فمي اسمُ حبيبي أعْذَبُ نَشيدِ نايٍ ، أغنيهِ عِشْقي في الْعَشِيّاتِ والبكور .

10

ذاتَ نَهارٍ تناولْتُ وَرْدة الْجورِيِّ الْمُلَوَّنة وَكَعادَتي في الطُّفولةِ رُحْتُ أنْزَعُ عَنْها بَتَلاتِها لأسْألَ : أيُّنا يُحِبُّ أكْثَرَ ذاتَهُ الأخرى .. فاطِمة أم أنا ؟.