إنا نغرق.. إنا نغرق

تاريخ النشر: 16/06/14 | 9:19

قبل أشهر كتبت مقالا أستغيث فيه من الغرق في مياه الإعلانات الآسنة!. قلنا هناك إننا نفهم أصحاب الصحف والمواقع الإلكترونيّة في لهاثهم وراء الإعلانات. يريدون أن يرتزقوا. طيّب يا أخي ليرتزقوا. لكن بدون صفاقة واستهانة بقرّائهم!

في مقالتي تلك، قبل معاناتي الراهنة، كتبت: “أفتح بعض المواقع أحيانا، فأجد الإعلانات تغطّيه من رأسه إلى كعبه. غالبا ما أضيع في هذا الزحام، فأغلق الموقع وأفتحه ثانية علّني أقع على مبتغاي، وقد لا أوفّق في ذلك”.

اليوم بالتحديد ” لم أوفّق في ذلك” فعلا! أردت قراءة مقالة في أحد المواقع- لا أريد ذكر اسمه؛ أصون ماء وجهه وهو لا يستحقّ أن يصان – وإذا بإعلانين، واحد على الشمال، والآخر على اليمين، يحوّطان المقالة، ويخفيان بعض النصّ أيضا. بعد جهد جهيد وجدنا الإكس. حتّى الإكس نقرنا عليها، فلم تسعفنا. لا حياة لمن تنادي!

تنازلنا عن قراءة المادّة المطلوبة، ونقرنا على صفحة “من نحن”، علّنا نتعرّف صاحب الموقع الفاضل. هنا أيضا وجدنا الإعلانات في انتظارنا. مع ذلك قرأنا، من بين الإعلانات، أن الموقع المذكور”يعمل وفق القواعد الفنيّة الأصيلة، لمهن الصحافة والإعلام والآداب..” أمّا غايات الموقع الموقّر ذاك فهي “رفع مستوى فكر المثقّف العربي.. إيجاد بيئة ثقافيّة شاملة.. تنمية علاقات التعاون الأدبي والثقافي والفكري..”. لا يا شيخ! عن أيّ مستوى تتفيهقون؟ حتى تعريفكم بأهداف حضرتكم لم نستطع قراءته كاملا بسبب الإعلانات! هذا هو معني النقط في مقتبسنا المذكور. إي واللهّ!

في مقالتنا السابقة، قبل شهور، قلنا إننا نفهم حاجة المواقع إلى الإعلانات؛ إلى التمويل. لكن المواقع  تستطيع الارتزاق بدون صلافة. بدون استفزاز المتصفّحين المساكين! في كلّ المواقع، بكلّ اللغات، هناك إعلانات طبعا. لكن ليس بهذا التهافت، ليس بهذه التفاهة، ليس بهذا الابتذال!

لا أريد شتم المواقع كلّها مجتمعة. هناك مواقع تحترم نفسها، وتحترم متصفّحيها. إنّها مواقع قليلة، لكنّها موجودة. هنا عندنا وفي العالم العربي. لا أريد ذكر أسمائها تحديدا، فيتّهمني الأغبياء المذكورون بأني أسوّقها. لكنّها موجودة. بل أعرف موقعا يعاني صاحبه شحّ الموارد حتّى. مع ذلك هو يأبى هذا الابتذال المهين!

تلاحظون أن الصحف، العربيّة وغير العربيّة، ماتت أو هي في النزع الأخير. المواقع الإلكترونيّة هي صحف المستقبل. أفليس من الضروري تقنين هذه المواقع؟ لماذا لا تكون المواقع الإلكترونيّة بترخيص وبشروط، وبعد إثبات الأهليّة؟ لماذا يُفرض الترخيص على الصحف الورقيّة ولا يُفرض على المواقع الإلكترونيّة؟ لماذا يبقى هذا المجال، وهو صحافة المستقبل “حارة كل من إيدو إلو”؟

في المرّة السابقة صرخنا طالبين إنقاذنا. لكن اليوم لم يبق لنا سوى أن نصرخ في وجه السادة أصحاب المواقع المذكورين: إنّا نغرق.. إنّا نغرق!!

سليمان جبران

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة