المسؤولية طريق الى القيادة(2)
تاريخ النشر: 04/06/14 | 8:35ان مرحلة الطفولة تعتبر اهم مرحلة في حياة الانسان ففيها تتشكل وتتكون شخصيته،ولذلك فنحن نخص هذه المرحلة بالاهتمام الزائد.
وهنا لابد من لفت نظر الوالدين ان الطفل الذي يتحرك كثيرا ولا يجلس في مكان واحد لفترة طويلة،ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” عراقة الصبي في صغره زيادة في عقله عنج كبره ” رواه الترميذي. أي ان الحركة الكثيرة واللعب الدائم وعدم الاستقرار والصعود والنزول وغير ذلك يزيد من ذكاء الطفل وخبرته بعد ان يكبر.وحتى لا نتذمر من هذا السلوك هناك بعض الاشياء التي تساعد في تهذيب وترشيد حركة الطفل الكثيرة في هذه المرحلة ومنها:
يقول علماء وخبراء التربية ان على الام تشغيل فراغة معها في اعمال البيت لان النفس عموما اذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية،والطفل كذلك ان لم تشغله بما هو مفيد سيفرغ طاقته فيما هو غير مفيد.وهنا ساعرض بعض المهارات،تطلب الام من الطفل ان يساعد في اعمال البيت كترتيب الغرفة (الالعاب والسرير..) واحيانا تضع له اناء من الماء وتطلب منه غسيل الالعاب او غسيل حذائه ليتعود على الاعتماد على النفس وتفريغ طاقاته وحركته الزائدة وعلى ذلك نقيس،نقرب ونباعبد.
الطريق الى المسؤولية:
حتى تكون بداية صحيحة في تشكيل شخصية الطفل وصقلها للقيادة لا بد من تحمل المسؤولة،وتحمل المسؤولية يبدأ في دمج الطفل وعلاقاته من الناس من زيارة الاقارب والجيران والاصدقاء ودعوة اصحابه للبيت واعداد وجبة طعام واللعب مع اقرانه.
ومن المهارات التي يكتسبها الطفل،تساعده بشكل مباشر في تحمل المسؤولية هي مهنة الاب او الام الطفل يحاول اكساب هذه المهارة بتقليد الاب او الام في مهنته، لذلك علينا ان نزود ابنائنا بالادوات الالزمة ليكسب مهارته.
وحتى نساعد الطفل على تحمل المسؤولية يجب الوقوف على حاجات الطفل وعلى كيفية تحقيقها واشباعها وهو شيء ضروري وهام لكي ينمو الطفل ويتفتح بشكل كامل متزن في جوانب شخصيته المختلفة،الجسدية،والنفسية والاجتماعية والعقلية،والروحية.واهمها اشباع الطفل بالحاجات الاساسية كـ الطعام والنوم والحب والعطف والاستماع واللعب معه وتعزيز الثقة بنفسه،لانها ان لم تتواجد عند الطفل سيؤثر سلبا على نموه الوجداني والاجتماعي والعقلي والجسدي،فليس من المعقول ان ابني هدفي لاعداده قائد واحمله مسؤولية دون اعطائه الحاجات الاساسية.
تنمية الثقة الاجتماعية: قضاء حاجيات المنزل،وأوامر الوالدين،مجالسة الكبار،واللعب مع الصغار،فانه تنمو ثقته الاجتماعية بنفسه.
تنمية الثقة العلمية:وذلك بتعليمه القرآن وقصص الصحابة وسيرة العظماء،وتعليم ثقافة الاجيال،فينشأ الطفل،وقد حمل علما غزيرا،فتنمو ثقته العلمية بنفسه،يحمل حقائق علم بعيدة عن الخرافات.
تنمية ثقته الاقتصادية: البيع والشراء والتجوال في الاسواق،والتوفير وعدم الاسراف.
المسؤولية طريق الى القيادة:
حين نعيش مع سيد البشرية وقد وضع بين يديه طفل صغير لتربيته،التربية المتكاملة،نستطيع ان نفقه أبعاد التربية القيادية من خلالها.
وهنا سيكون مثلي في التربية القيادية هو شخصية غير عادية،وكيف تكون عادية وهي تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عمه علي بن ابي طالب.
قال مجاهد: وكان مما انعم الله على علي انه كان حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الاسلام،لا تسعفنا المصادر عن معرفة سنن علي عندما انتقل الى بيت الرسول،ولكن بعض العلماء تقدر انه لا يقل عن سن الخامسة.واستنتاج ذلك من سن اسلامه الذي روت المصادر انه كان في الثامنة او العاشرة. وتروي القصص والاحاديث ان علي لم يعبد الاصنام والاوثان قط في صغره،فالذي تربى عليه منذ صغره هو كراهة الاوثان والاصنام،وكان هذا قبل النبوه،ولذلك اعتاد الناس اذا ذكر علي يقولوا: كرم الله وجهه،وهذا سر التربية الاولى ومعالمها في محضن محمد صلوات الله عليه.انه التميز الكامل عن مجتمعه وهو في سن الخامسة، لا يعبد الاصنام،وقد يكون تميز ابنك في التربية لا يقل تميز عن بداية تربية علي وهو ان تعلم ابك معرفة وقدرة الله،وزينها في حفظ ابنك للقران.
فنحن اذا مع طفل مميز عن باقي اقرانه وفي قومه،لانه يعلم النور من الظلام،وحين دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم للاسلام ودين الله قال:لست بقاض امرا حتى احدث به ابا طالب.وهنا يبدأ تحمل المسؤولية في حفظ السر عندما قال له الرسول ” يا علي اذا لم تسلم فاكتم هذا ”
ان التربية على استقلال الشخصية وتحمل المسؤولية،واتخاذ القرار الاصوب هي جزء اساسي في التربية للقيادة،والثقة بالنفس ةالاستعداد للحوار منذ سن الخامسة،فلو لم يدرك رسول الله جوانب هذه الشخصية التي رباها على عينه،لما عرض عليه الاسلام.ومن فقه التربية القيادية وهو استشارة اولي الرأي، وابو طالب أبوه، وهنا اصول التربية تظهر على شخصية علي،هو لا يوقف موافقته على اذن ابيه انما يوقفها على اعلامه،فله شخصيته المتميزة عن ابيه وامه،وعن الخلق كافة،وهو صاحب القرار.لننتبه الى العبارة ( لست بقاض امراـ يراعي الاصول فلعل عند والده امورا لا يعرفها ولا يدركها يستمع الى رأيه فيها. وهنا يفاجأ بموقف حبيبه العظيم ومربيه الكبير يعترض على هذا الموقف قائلا” ( يا علي! اذا لم تسلم فاكتم هذا) لقد كان لهذا الطفل العظيم نضجا سياسيا عندما قرر ان يسلم ويكتم اسلامه،اليست التربية على حفظ السر هي من اساسيات وصلب القيادة بحيث ان الطفل يدرك معنى السر،ويدرك ما يباح الكلام به،وما يحظر الحديث عنه،ومن صقل شخصية علي تكليف الرسول له بالدعوة.
واكتفى الرسول صلى الله عليه وسلم بتكليف اهله من بني عبد المطلب،وحين اجتمع القوم،ما كان من هذا الفتى الا ان يعلن انضمامه لمحمد صلى الله عليه وسلم،رأينا كيف تلقى هذه التربية،وكيف تحرك بها ايمانا وكتمانا واعلانا وتميزا وطاعة وانضباطا وتألقا.
وقفات تربوية لابد منها:
ان نعلم اولادنا حفظ السر منذ الصغر كان نحمل ابنك سرا ونطلب منه ان يبقى في داخله ولا يخرجه لاحد،وان نحفظ نحن ايضا بدورنا اسرار اناؤنا،وعدم البوح بها ولا حتى لاحد افراد الاسرة. تعليم الطفل الى المرجعيات في الشورة،والاستشارة دون التاثير على قراره كما فعل علي بن ابي طالب،وكيف نهيئه اولادنا على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، والمكان المناسب،دون ان نخالفهم بقراراتهم.
دانية خالد: مديرة جمعية سند