وصول حجر سقط قبل أكثر من 100 مليون عام من المريخ
تاريخ النشر: 19/01/12 | 2:44يعتقدون بأن جسماً ارتطم بالمريخ وأحدث انفجاراً تطايرت بفعله أحجار وصخور من الكوكب الأحمر وانطردت مخترقة غلافه الجوي كما الصواريخ، وبلحظات عبرته إلى حيث لا جاذبية في الفضاء الخارجي، ثم هامت في مدارات متنوعة المسافات بين الأرض والمريخ منذ حدث ذلك الارتطام قبل أكثر من 100 مليون عام.
هذا ما تقوله عالمة مغربية بالنيازك شهيرة دوليا، وهي الدكتورة حسناء الشناوي عن حجر سقط في المغرب وأجروا عليه فحوصات شاملة في وكالة الفضاء الأمريكية “ناسا” كما بمختبرات أخرى في الولايات المتحدة بشكل خاص وأوروبا، وأكدوا الاثنين الماضي بأنه حجر مريخي تطاير مع سواه بفعل ذلك الارتطام الرهيب.
وقالت الدكتورة حسناء أن الحجر كان يقترب من الأرض في كل مرة دار حولها حتى بلغ اقترابه أدناه قبل 6 أشهر فهوى نحوها من الفضاء بفعل جاذبيتها وبسرعة أقلها 10 آلاف وأقصاها 40 ألف كيلومتر بالثانية، وفق ما تؤكده البروفسورة في كلية العلوم بجامعة الملك الحسن الثاني في الدار البيضاء والتي ما زالت العربية والمسلمة الوحيدة الحاصلة على جائزة الأكاديمية الفرنسية لعلم النيازك، وكان ذلك قبل عامين.
ولهواة الأرقام فإن معدل سرعة الحجر كانت 20 ألفا من الكيلومترات بالثانية الواحدة، أي ما يكفي لإيصال مسافر إلى القمر بأقل من 20 ثانية، لذلك دبت فيه حرارة هائلة معدلها 2000 درجة مئوية نتجت من احتكاكه بالغلاف الجوي فجعلته جمرة توهجت وهي تسقط منصهرة في الثانية فجر 18 تموز الماضي في مشاع قرية “تيسينت” القريبة 60 كيلومترا من مدينة “طاطا” بالشرق المغربي، وقريبا من الحدود مع الجزائر.
وتقول الدكتورة حسناء إن الحجر “لم يشتعل بفعل تلك الحرارة، إنما تخطى الاشتعال إلى الانصهار مباشرة، لكن أجزاء بقيت منه ووصلت إلى الأرض وأحدثت انفجارين في القرية لأنه تشقق وانفصل إلى أحجار عدة، أكبرها واحد وزنه أقل من كيلوغرامين، وهناك آخر بوزن 1200 غراما، وثالث وزنه 907 غرامات، إضافة إلى أجزاء صغيرة بالعشرات” وفق تعبيرها.
وذكرت أن وزن الأحجار مجتمعة هو 8500 غراما، وأن أهالي القرية من الرعاة ذعروا عند سقوطه وإحداثه للانفجارين فأبلغوا السلطات، ووصل صدى ما حدث إليها فمضت على رأس فريق من فلكيين مغاربة إلى المنطقة وجمعوا ما تيسر بعد تفتيش دقيق، ثم فحصوا الأحجار ثم أرسلوها إلى مختبرات في الولايات المتحدة “فجاءت النتيجة تحمل إلينا بشرى علمية سارة ونادرة، وهي أنه حجر من المريخ” كما قالت.
ومع أن الأرض تستقبل في الثانية الواحدة آلاف النيازك، ومعظمها صغير يتبخر ويندثر في الغلاف الجوي قبل أن يصل إلى أديمها، إلا أن بعضها لا ينصهر كله أحيانا، بل يسلم جزء منه يسمونه الحجر النيزكي حين يقع على سطح الأرض، فكان يبقى فيها لآلاف وملايين القرون، بل لمليارات السنين من دون أن يدري بأهميته أحد.
ومع التقدم العلمي بدأوا يعثرون على ما سقط من أحجار نيزكية هنا وهناك، ولكن متأخرين، لأن جميعها باستثناء 5 شهيرة خسرت الكثير من فائدتها العلمية لفقدانها عبر الزمن عناصر ومكونات أساسية كانت فيها من الكوكب الذي جاءت منه أصلا، ولأنها “تأرّضت” واكتسبت خواص أرضية جعلتها كصخور وأحجار من بيئة الأرض، ولم تعد متميزة بما يتيح كشف الأسرار الجيولوجية للكواكب التي جاءت منها بمجرد دراستها وإجراء التجارب عليها.
أما إذا تم اكتشاف الحجر بعد فترة قصيرة من سقوطه على الأرض، فإنه يتحول إلى كنز نادر، لأن محتوياته المريخية ما زالت فيه، وهو ما حدث لحجر “تيسينت” الذي تم اكتشافه بعد 100 يوم تقريبا من سقوطه، أي أنه لم يتعرض لحالات التعرية والملوثات المناخية المزيلة ما فيه من مريخيات، وما زال محتفظا بمريخيته تماما، لذلك فسماسرة النيازك وتجارها قد يشترون قطعه الصغيرة لبيع الأونصة الواحدة منه بسعر يزيد 10 مرات عن سعر الذهب.
والاستثنائي في حجر “تيسينت” أنه خامس حجر يتم العثور عليه بعد فترة قصيرة من سقوطه، وأول الأربعة الشهيرة واحد اسمه “شاسينيي” سقط في 1815 بفرنسا بوزن 4 كيلوغرامات فتمزق وهو يهبط وبقي منه جزء وزنه 570 غراما، وتبعه آخر اسمه “شيرغوتي” سقط في 1865 بالمنطقة المعروفة الآن باسم “شيرغاتي” في الهند وكان وزنه 5 كيلوغرامات وبقي منه حجرة وزنها 452 غراما.
أما الثالث فسقط في قرية “النخلة” المصرية في 1911 وانشطر الى 40 حجرة أصابت إحداها كلبا في القرية وقتلته في الحال، وبسبب مقتل الكلب عرف الأهالي “بأنها أحجار هبطت من السماء” وكان أخف المنشطرات 20 غراما وكبرها 1813 غراما. أما الرابع فسموه “زاغامي” وسقط في 1962 بنيجيريا، اضافة الى الخامس الآن في المغرب.
وقالت الدكتورة الشناوي إن أحد من قاموا بالتصنيف المريخي لحجر “تيسينت” هو البروفسور الشهير توني ايرفين، من جامعة واشنطن، إضافة الى متخصصين من مختبرات دولية، بينهم البروفسور ألبير جامبون، وهو من جامعة بيار إي ماري كوري” الفرنسية.