أحداث القدس الأخيرة كشفت عن تصاعد وحشية الشرطة في اعتدائها على العرب
تاريخ النشر: 19/03/10 | 10:41وصل الى موقع بقجة بيان مركز ميزان لحقوق الإنسان وننشره لكم على النحو التالي:
أحداث القدس الأخيرة كشفت عن تصاعد وحشية الشرطة في اعتدائها على العرب وشتمهم وشتم أمهاتهم والنبي محمد
خلال الأيام الماضية، خاصة يوم الثلاثاء الأخير، والذي فيه كالعادة تم منع المصلين المسلمين من الداخل الفلسطيني من الوصول للمسجد الأقصى للصلاة فيه، كان واضحا للجميع أن هناك أوامر جديدة للشرطة الإسرائيلية بتصعيد تعاملها مع العرب، إذ لم يتم توفير أي وسيلة بوليسية معروفة تتعامل بها الشرطة عادة مع القتلة والمجرمين، إلا وتم استعمالها لقمع الفلسطينيين من الداخل، وجريمتهم الوحيدة هي أن جاؤوا للصلاة في مسجدهم الأقصى المبارك. فقد استخدمت الشرطة الهراوات الخشبية والمعدنية، قنابل الغاز وقنابل الصوت والرصاص المطاطي، والخيول الضخمة التي تمت تغطية عيونها ودفعها نحو المواطنين لتدوس كل من يقف في طريقها، والوسيلة الجديدة وهي استخدام الكلاب البوليسية التي تم إطلاقها لتعيث في الناس عضا ونهشاً. وقد تمت في صباح الأربعاء والخميس محاكمة العشرات من الذين تم اعتقالهم يوم الثلاثاء والأربعاء، وقد جاوز عددهم 100 معتقل من الفتيان والشباب من القدس ومن مناطق الداخل، وتم الإفراج عن قسم كبير منهم إما بكفالات مالية أو مع حكم بإبعادهم عن القدس القديمة لفترات تتراوح بين شهر وشهرين ونصف. أما من بقي منهم فستستمر الإجراءات القانونية ضدهم من تقديم لوائح اتهام ومحاكمات، علما أن كل المعتقلين لم يقترفوا ذنبا سوى رغبتهم في الصلاة في المسجد الأقصى المبارك.
وعلى مدار الأيام الماضية، تواجد في القدس محامو مركز ميزان لحقوق الإنسان (الناصرة) ومنهم المحامي عمر خمايسي والمحامي حسان طباجة، وتعاونوا مع مؤسسة القدس للتنمية ومحامييها خالد زبارقة ومحمد قعدان في تمثيل عدد كبير من المعتقلين، سواء الذين اعتقلوا في مناطق المواجهات وتم إطلاق عدد كبير منهم، أو الطلاب العرب من جامعة القدس، الذين اعتقلوا خلال تظاهرهم في الجامعة، وقد تم إطلاق سراحهم جميعا. وقد أكد كثير من المعتقلين أن عناصر الشرطة والوحدات الخاصة مارست اعتداء همجيا عليهم وضربهم والتنكيل بهم، عوضا عن التفوه بشتائم تدل على انحطاط قائلها، ضد الأسرى وأمهاتهم ونبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي ظل هذا التصاعد غير المسبوق في وحشية التعامل الشرطية مع المواطنين، ينوي مركز ميزان ومؤسسة القدس للتنمية التوجه لوحدة التحقيق مع الشرطة “ماحش” والمطالبة بالتحقيق في تصرفات الشرطة وتنكيلها بالمصلين العزل لمجرد رغبتهم بالصلاة في المسجد الأقصى. وسيتابعون ملفات باقي المعتقلين حتى إخلاء سبيلهم.
بناء على روايات الشهود والصحافيين ورجال القانون: كيف تتعامل الشرطة مع المصلين العزل وكيف تتطور الأحداث
أما “أعمال الشغب، والإخلال بالنظام” التي كان يقوم بها فلسطينيو الداخل، من الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية، فقد تسلسلت كما يلي:
1- خرج قسم كبير من المصلين المسلمين من القرى والمدن العربية متوجهين صوب الأقصى، إما بسياراتهم الخاصة أو بحافلات “البيارق” التي تنظمها الحركة الإسلامية.
2- قسم كبير من المسافرين بسيارات خاصة ولمجرد الشك بأنهم عرب، يتم إيقافهم على نقاط التفتيش المنصوبة في الطرق المؤدية إلى القدس، ويحقق معهم إلى أين ذاهبون ولماذا وماذا ستفعلون، ومن بعد ذلك يتم السماح لهم بالعبور، طبعا في حال أخفوا أنهم متوجهون للمسجد الأقصى.
أما الحافلات، فمعظمها تم اعتراض طريقها في الشارع الرئيسي، ليس على مداخل القدس، بل على مخارج القرى والمدن التي خرجت منها، والتي تبعد مئات الكيلومترات عن القدس. فإما أن تعود الحافلة بركابها من حيث أتت، أو أن تتعرض للاعتداء، كما حدث مع ركاب مجد الكروم وعين ماهل.
3- يصل من يصل من المسافرين المنهكين إلى القدس، ويفاجئوا أن الشوارع الرئيسية التي تصل إلى المسجد الأقصى مغلقة وعليها دورية شرطة. وبعد مساعٍ طويلة ومنهكة ومن خلال الطرق التشعبية والالتفافية، يتمكن البعض من الاقتراب أكثر إلى المسجد الأقصى، والبعض الآخر يضطر لترك سياراته بعيدا عن الأقصى مسافة كبيرة قد تصل 5 كيلومترات.
4- وبعد هذا التعب المضاف لتعب السفر الطويل، يفاجأ الجميع أن كل الطرق الداخلية المؤدية إلى المسجد الأقصى مغلقة بالحواجز العسكرية التي يحفها عدد كبير من الجنود وأفراد الشرطة الإسرائيلية. هذه الحواجز ليست منصوبة على مداخل المسجد الأقصى، ولا على أبواب ساحاته، ولا على الممرات المؤدية إلى الساحات، بل على كل الطرق المؤدية إلى القدس القديمة التي يقع فيها الأقصى، أي حوالي 3 كيلومترات من المسجد الأقصى نفسه، يتم إيقاف الناس ومنعهم من الدخول.
5- وما يحصل هو أن يجتمع الناس على هذه الحواجز، فمن قدم من بلده بعد سفر دام ساعتين أو أكثر، لن يقوم ببساطة بإدارة ظهره والعودة من حيث أتى، بل سيحاول الدخول ويصر على ذلك، وإذا رفضت الشرطة، سوف يظل واقفا على الحاجز، لعل إذنا بالدخول يأتي بعد قليل.
6- لكن لحظات الانتظار هذه لا تطول، إذ يأتي ضابط الشرطة المسئول عن تلك النقطة، ويقول للناس المجتمعة على اطراف الشارع “لديكم 5 دقائق للمغادرة”. لكن لا تمض 5 ثوانٍ إلا ويكون رجال الشرطة والوحدات الخاصة قد بدأوا هجومهم الوحشي على الناس بالخيول والهراوات وقنابل الغاز الخانق والقنابل الصوتية، فإذا نجح أحدهم بالهرب من أمام الخيل التي تدوس كل ما أمامها، تتلقفه هراوة خشبية أو معدنية، وإن أفلح بتجنب كل هذه، فلن تتركه قنابل الغاز وشأنه، وسينهار أرضا حين يستنشق هذا الغاز الخانق الذي يسمى بصورة تثير السخرية “مسيلا للدموع”.
7- يتفرق الناس الذين كانوا “مصلين” قبل قليل وقد أصبحوا خلال لحظات “مجرمين مطلوبين للعدالة” ويركضون في كل حدب وصوب يبحثون عن ملجأ يقيهم من الوحشية التي تطاردهم.
8- وحين تتراجع قوات الشرطة إلى موقعها الأصلي، يعود الناس للتجمهر والاحتشاد عند أقرب طريق يظنون أنهم قد يتمكنوا من الوصول عبرها إلى الأقصى.
ولا يستبعد أن يندس بين هؤلاء المصلين شباب وفتية من المتعاونين مع شرطة الإحتلال، فتقوم برشق الشرطة بالحجارة كما تم الاتفاق بينهم، حيث يتبع ذلك هجوم بربري مرة أخرى، لا يستهدف راشقي الحجارة فحسب، بل يستهدف اولئك المصلين الذين لا زالوا بانتظار الإذن بالدخول.
9- وقد تفاجأ خلال كل ذلك حين ترى بعضا من الشباب الملثمين الذين كانوا في مقدمة راشقي الحجارة والمحرضين على الهجوم على الشرطة، يقومون بالانقضاض على زملائهم من راجمي الحجارة ويلقوهم أرضا، وبعد أن يشهروا مسدساتهم في وجوه راشقي الحجارة الآخرين كتهديد لكل من تسول له نفسه بالاقتراب لتخليص ذلك المسكين، يقومون بتقييد الضحية بقيود حديدية، في الوقت الذي فيه تتقدم فرقة الخيالة بسرعة نحو هذه البقعة التي قام فيها أفراد وحدة “المستعربين” بالقبض على قادة راشقي الحجارة، حيث يشبعونهم ركلا وضربا خلال دفعهم إلى سيارة الشرطة التي فيها يذوق المعتقل ألوانا من الضرب والإهانة.
10- يبقى الحال على ما هو عليه طيلة النهار، كر وفر بين رجال الشرطة المزودين بكل ما تيسر من الأسلحة وأدوات القمع، وبين المصلين الذين جاؤوا من أقاصي البلاد للصلاة في مسجدهم، لكن تستقبلهم الدولة الديمقراطية مرحبة بذراعين مفتوحتين، لكن بقنابل الغاز الخانق والكلاب البوليسية.
11- ويتبين بعد أن تنقشع سحب الغاز الخانق من الأجواء، ويسود بعض الهدوء، أن كثيرين قد تم اعتقالهم ونكل بهم، وقد أخذوا لنقاط الشرطة للتحقيق معهم، وإن لم توجه لأحدهم تهمة الاعتداء على شرطي، فإنه يواجه بتهمة الإخلال بالنظام ورشق الحجارة والتحريض على أعمال عنف. فمن هؤلاء من يطلق سراحه بعد يوم أو يومين بكفالة مالية وإبعاد عن القدس لمدة الله أعلم بها، ومنهم من تعين له محكمة لتحاكمة بتهم الله أيضا أعلم بها.