مدرسة لتعليم الموسيقى تغير إيقاع الحياة في قطاع غزة
تاريخ النشر: 16/12/11 | 11:26خلافاً لأصوات الغارات والانفجارات التي تكاد تكون القاعدة في غزة، هناك صوت يبدو مختلفاً ولو خافتاً بعض الشيء في غزة، إنه صوت الموسيقى في أحد مدارس القطاع.
وفي تحقيق لوكالة “فرانس برس” حول المدرسة، قدمت خلاله صورة عن نشاط المدرسة ودورها في المجتمع الغزاوي الذي ينقصه الكثير من أوجه الحياة الطبيعية.
وتضع الطفلة زينة الحمامرة والبالغة من العمر 7 سنوات يدها على القانون لتبدأ بعزف مقطوعة شرقية في إحدى غرف مدرسة الموسيقى الوحيدة في قطاع غزة.. وصوت آلتها الموسيقية هذه يبدو بعيداً كل البعد عن هدير الطائرات والغارات الجوية المألوفة في القطاع.
وتشارك فتاة أخرى في العزف على القانون، بينما ينضم أستاذ الموسيقى ومؤسس المدرسة إبراهيم النجار (64 عاماً) إليهما على آلة العود.
ويقول النجار إن “الموسيقى هي في قلب الحضارة ونريد أن يتمكن هؤلاء الأولاد من التعرف إلى ذلك”.
وقد درس النجار الموسيقى في القاهرة في أواخر الستينات وعمل معلماً في الكويت ورومانيا قبل عودته الى القطاع عام 1997، حيث بدأ العمل في وزارة التعليم لتدريب أساتذة الموسيقى.
ودرّب النجار خلال عمله مع وزارة التعليم لعشر سنوات 37 معلم موسيقى، وقام بتطوير منهاج لتعليم الموسيقى قبل أن يتجه لتأسيس مدرسته الموسيقية لتعليم الاطفال عام 2007.
لكن مبادرة النجار وصلت الى طريق مسدود بسبب افتقاره للمال اللازم لاستكمال المشروع.
وبعد ذلك بعام عرضت عليه مؤسسة عبدالمحسن القطان التي تشرف على مشاريع ثقافية في الأراضي الفلسطينية تمويل المدرسة وشراء الآلات الموسيقية اللازمة.
وعند افتتاحها في أكتوبر/تشرين الأول 2008 تقدم 300 شخص بطلبات للالتحاق بالمدرسة التي كانت تتسع لـ35 طالباً.
وبعد أقل من ثلاثة أشهر تعرضت المدرسة للتدمير بعدما شنت اسرائيل عملية عسكرية على قطاع غزة استمرت 22 يوماً ودمرت فيها معظم البنى التحتية في القطاع وقتل اكثر من 1400 فلسطيني.
ويقول النجار بهدوء: “كنت في مكتبي عندما بدأت هذه الحرب وكدت اقتل لانني كنت في الداخل وحدي”.
ويضيف “تدمرت كل الالات (الموسيقية) وتهدم المبنى بالكامل خلال الحرب”.
ويوضح النجار ان طلابه اصيبوا بالحزن الشديد لانهم “اعتقدوا أن الموسيقى ستصمت كلياً بعد هذه الحرب. لكني قلت لهم ان يفكروا بشكل مختلف وأننا سنقوم بإعادة البناء”.
ويتابع كانت هناك حاجة للموسيقى لنسيان الحرب ولإعطاء الاطفال فرصة ليكونوا سعداء من جديد”.
وبمساعدة من مؤسسة القطان افتتحت المدرسة ابوابها بعد خمسة اشهر في مبنى جديد مكون من 10 غرف ومع 13 استاذاً للموسيقى منهم العديد من السيدات الرومانيات والروسيات المتزوجات من ابناء غزة.
والمدرسة مفتوحة ستة ايام في الاسبوع لمدة اربع ساعات يوميا وفيها 126 طالباً يتعلمون العزف على واحدة من الالات الثماني المتوافرة وهي البيانو والكمان والتشيلو والناي والقانون والعود والغيتار والبوق.
وهناك أيضا جوقة موسيقية من 40 طالباً واوركسترا صغيرة. وفي الاروقة وضعت صور لموسيقيين مختلفين من بينهم شوبان وفريد الاطرش لتتماشى مع تركيز المدرسة على كل من الموسيقى الشرقية والغربية.
وفي إحدى الغرف يقوم احمد ابوعمشا بمساعدة طالبته التي تبلغ من العمر ثماني سنوات بعزف مقطوعة على الغيتار.
ويوضح أبوعمشا أن “الموسيقى غير موجودة في غزة ولهذا لا يعرف الاطفال شيئاً عنها” الا انه يشير الى ان “الموسيقى بالغة الاهمية وهي الآن اهم من اي وقت مضى”، موضحاً أن “الاطفال كانوا في حالة سيئة بعد الحرب وعانوا الكثير. تعلم العزف يجعلهم يشعرون بأنهم قادرون على ان يكونوا مميزين ويسمح لهم بان يكونوا اطفالاً مرة اخرى مما يجعلهم حقا سعداء”.
ويبدو النجار سعيداً بقيامه بتنمية حب الموسيقى لدى طلابه “اعتقد أن الموسيقى موجودة في حياتنا سواء كنا نريدها ام لا. فعندما تنبض قلوبنا هذه النبضات تشكل نغماً وموسيقى”.
ويختم قائلاً: “الموسيقى تغير سلوك الاطفال وتجعلهم طبيعين اكثر. نحن نحتاج الموسيقى في غزة”.