نصائح الجيش الوطني الشعبي، وأخطاء الجيش المصري في حرب 1967
معمر حبار
تاريخ النشر: 26/05/25 | 14:27
الحلقة الثّانية والأخيرة
“RECUEIL DES MEMOIRES DU GENERAL KHALED NEZZAR. 1Ma carrière militaire،” Deuxième édition revue et corrigée، CHIHAB EDITION, 2semestre, 2017، Bab EL Oued, Alger, ALGERIE , Contient 406 Pages.
مقدمة: سبق للقارئ المتتبّع أن عرض الحلقة الأولى[1] من الكتاب. وهاهو يوفّي بوعده حين وعد القرّاء الكرام بالحلقة الثّانية.
من معاني حرب الاستنزاف:
كلّفت حرب الاستنزاف تضحيات جسام لمصر. كما لا حظت ذلك بنفسي. 294
حرب الاستنزاف لم تكن لدى الجيش المصري وسيلة ضغط ضدّ الصهاينة لطرده من الأراضي المحتلّة. ومحت تدريجيا هلع حروب 1956، و1967. صفحتي 294-295
شجاعة الجيش الوطني الشعبي الجزائري في حرب الاستنزاف:
أتحدّث عما قامت به الكتيبة الثّانية التّابعة للجيش الشعبي الوطني التي كنت أشرف عليها أثناء أقوى مرحلة من حرب الاستنزاف. 295
الجيش الوطني الشعبي محظوظ لأنّه شارك إلى جنب الجيش المصري في نفس الوقت. وشرع في اقتحام نار جديدة من أشكال الحرب، فوجد ثقته في امكاناته. 295
أتقدّم بالشكر لشجاعة مدفعية الميدان حيث شجاعتهم أجبرت الفرقة المصرية الثّانية، والفلسطينيين، والسودانيين للإعجاب بهم.
أتوجّه بالشكر للطيارين الذين ظلوا قائمين باستمرار على خطّ الجزائر-القاهرة، محوّلين ضجيج طائرة Antonov-12 لحافلة لأجل إخوانهم الذين يحاربون في الجبهة لا يحتاجون لشيء. وأتوجّه بالشكر، لكلّ وحدات الجيش الوطني الشعبي الذين سبقوا، أو التحقوا بالكتيبة الثّانية على مسرح الحرب في المشرق العربي. 295
مدّة ثمانية سنوات، من 1967 إلى 1975، انخرطت الجزائر بجيشها، ومالها، وعتادها لتبيّن كامل تضامنها مع مصر الأخت. 296
تضحيات، وقيم الجيش الوطني الشعبي الجزائري أثناء حرب 1967:
وأنا أخطّ هذه الأسطر، وبعد مرور خمسين سنة ( لغاية سنة 2017) من الملحمة المصرية، آلاف من قدماء جنود الجيش الوطني الشعبي الذين أصيبوا، وتعرّضوا لأسوء الظروف، يتظاهرون في الجزائر بتاريخ: جوان، وجويلية 2017 لتبيان كيف كانت تضحياتهم تجاه إخوانهم المصريين كانت عظيمة ويطالبون بالاعتراف بحقوقهم. والذين يجدون عندي كلّ التعاطف، والتضامن. 296
هذه الصفحات التي أتطرّق عبرها لمساري العسكري هي أفضل شهادة تبيّن أنّ الوقوف لجانب القضايا العادلة، والأخوية للجيوش هي قيم خالدة. ويتعدوا المحيط السّياسي، والظروف المحيطة.
عظمة الرّئيس هواري بومدين من خلال وقوفه مع إخواننا المصريين:
حين أعلنت الحرب، استجاب هواري بومدين، بطريقة واحدة. لكنّها كم هي عظيمة، وشريفة. أمام جبهة الجنود، في مدرسة طفراوي الجوية حيث انطلقت أسراب الطائرات تجاه مصر، واستدعى الاحتياط، وقائمة الذين تركوا أرواحهم الفتية في رمال السويس. 296
فرنسا تخوض حرب 1967 للثّأر من الجزائريين:
جنود فرنسيين ذهبوا لمصر للبحث عن ثأر ضدّ جبهة التّحرير الوطني، وآخرون (وذكرهم). 297
الجنرال الجزائري يثني على الجيش المصري رغم النقائص:
قلت أثناء عودتي للجزائر للذين يريدون أن يسمعونني: المصريين أقوياء في نشوب حرب، وسينتصرون في أيّة حرب دون شكّ. وأعتقد أنّهم سيقضون على الهيمنة الصهيونية في لمح البصر. وردّد الضّباط المصريون ذلك بكلّ تأكيد. وكان يلزمني وقت أنّه أثناء المناورات العسكرية التي أجراها الجيش المصري بقيادة المارشال عبد الحكيم عامر كانوا يتعمّدون التمثيل عبر طلي الأهداف والنيران على أنّ الهدف أصيب فعلا، ولتقديم صورة مشرّفة لجيشهم. 297
الاتحاد السوفياتي يغضّ الطرف عن أخطاء الجيش المصري:
لم يكن من أهداف الخبراء الروس نقل التكنولوجيا، بل البقاء أكبر وقت ممكن، وبيع عتادهم. وكانوا يغضّون الطرف عن المهازل التي كان يقوم بها الجيش المصري بأنّه أصاب أهدافه. وفي الحقيقة كان يتظاهر بأنّه أصاب الأهداف. 297-298
حزن الجزائريين على هزيمة إخوانهم المصريين:
قبل اشتداد حرب 5 جوان 1967 بين الصهاينة والعرب. كنت في مقرّ المحافظة السّياسية للجيش الوطني الشعبي. وأخبار الانتصارات الواردة من القاهرة لا تنقطع. وسمعت عبر المذياع وأنا في الأصنام (الشلف حاليا) أنّ الصهاينة احتلوا العريش. العريش التي زرتها منذ أيّام فقط. واحتلال العريش معناه أنّ آخر جدار مصر سقط. وغدا سمعنا أنّ الصهاينة قصفوا، واحتلوا قناة السويس. اعتبرنا هزيمة الجيش العربي إهانة مرعبة. والشعب الجزائري مات حصرة، وأصيب بسكتات قلبية. شباب جزائري استسلم للموت ورمى نفسه في الفراغ. 298-299
أسباب هزيمة الجيش المصري، والعرب، وعبد الناصر:
عدم كفاءة قادة الجيوش العربية، وثقة عبد الناصر في حراس مجانين الدبلوماسية
هزيمة الجيوش العربية أدّت في الجزائر إلى إحباط كبير. واهتزّ الشعب الجزائري بموجة من الغضب والاستنكار، والتي لم يشهدها من قبل. 299
الأنظمة العربية مسؤولة عن الهزيمة لأنّها لم تعمل على الوسائل العسكرية القادرة على صدّ الصهاينة. 300
أتيحت لي الفرصة وأنا في جبهة القتال بقناة السويس، أنّي لا حظت أنّ قيمة الجندي المصري. والجيوش العربية ضحية عدم كفاءة قادة أركانهم، ووقوعهم في حسابات سياسية صغيرة عمياء لمسؤوليهم في مواجهة القوّة الحقيقية التي تواجههم، والاهتمام بالمعارضين عوض توجيه قوّتهم نحو العدو الحقيقي الصهيوني.
التقييم السياسي للوضعية لدى الصهاينة، والمقدّمة من طرف السّلطة المصرية، كانت خاطئة. وعبد الناصر كان يثق في حراس مجانين الدبلوماسية. 300
هواري بومدين يشتري السّلاح للجيش المصري:
الرّئيس هواري ليس الرّجل الذي تتركه يقاتل لأجل معركة خاسرة. ذهب حيث يعتقد أنّه الأكثر ضغطا: وضع الحلفاء الروس في وجه الجدار. ذهب لموسكو وطلب من بريجنيف ألا يترك مصر، قائلا له: “أعد تسليح الجيش المصري، الجزائر ستدفع ثمن كلّ الأسلحة التي تقدّمها!”.
هواري بومدين هذا الرجل صاحب الدم-البارد الأسطوري، تصرّف مثل أوسليمان، ومثلي، ومثل كافة الجزائريين. ترك نفسه للعاطفة. 300
الجيش المصري مطالب بمراجعة أخطائه:
المطلوب من مصر أوّلا، أن تقوم بنقدها الذاتي. وعلى المتسبّبين في الهزيمة أن يغادروا. وضرورة ظهور نخبة عسكرية جديدة، والحصيلة المرّة مهما كان صداها تقدّم من طرف المصريين أنفسهم. ستّة أيّام بعد بدء المعارك، الجوية العربية لم تعد موجودة إطلاقا، الدبابات المصرية، والأردنية، والسورية. واحترقت في سيناء، والضفة الغربية، وأعالي الجولان. الصهاينة ضاعفوا مساحتهم لثلاث مرّات. أصبح يحتلّ سيناء، وغزّة، والأردن، والقدس الشرقية. وتوسّع صحراء سيناء، المزروعة بأحذية الجنود المصريين الفارين، كانت الصور التي ميّزت الذاكرة 300-301
نصائح هواري بومدين لعبد الناصر الذي يرفض أن يكون ثوريا:
في الحقيقة، يعتقد بومدين أنّ الأوضاع ليست سهلة، خاصّة في الظروف السّياسية يومها. ولا يعتقد في النهوض السّريع للجيوش العربية، والتي لم تستطع الدّفاع عن خطوطها رغم أنّها كانت سهلة. ويؤمن بالثّورات الشعبية وقد قال ذلك لعبد الناصر. ونصحه بجرّ الصهاينة نحو النسيج العمراني للمدن العربية، وقنصهم عبر عدّة عمليات، واضطرارهم من أن يوجدوا جميعا في نفس المكان؛ بكلمة واحدة مواجهتهم في الشارع العربي، في عمق شمال إفريقيا، وداخل صفوف الشعب المسلم الكثير والمتحمّس. لا يملكون لا الإمكانات البشرية، ولا الوسائل العسكرية، ولا الأحلاف للدخول في مثل هذه المغامرة. وعبد الناصر، الذي رأى أنّ القاهرة ستسقط لم يكن له نفس نظرة بومدين. عبد الناصر إداري، ولم يكن، ولا يريد أن يكون ثوري. وبومدين أخطأ في الرجل. ولم يكن “هو شي ميه” الذي كان يريده. ويظهر أنّه الزّعيم الأكبر، ويتغنى بالعروبة، وبالوحدة العربية، ويتراجع أمام الحلّ الوحيد، والحقيقي للحلّ.
تريد الجزائر معالجة المشكلة من جذورها، وهي: فلسطين. وعبد الناصر يريد استرجاع سيناء. بومدين يواصل مشروعه الكبير. وعبد الناصر يسعى نحو الهدف الصغير. 301
الجيش الصهيوني المنهزم وقف على حافة القناة لتجنّب المصيدة التي تمناها بومدين. وغزّة، تظهر حقيقة في 1967، أنّ بومدين كان على حقّ. 301-302
أخطاء الجيش المصري، ونصائح قيادة الجيش الوطني الشعبي:
أقول: ذكر الجنرال الجزائري صاحب الكتاب عدّة أخطاء ارتكبت من طرف الجيش المصري (كوضعية الكاسمة)، وغيرها. ونبّه الجنرالات المصرية لذلك. وأخذوا بها، وأمروا جنودهم بالتقيّد بها. وأثنوا مرارا على قيادة الجيش الوطني الشعبي في مصر. وكمثال راجع صفحة 311-310
أقول: تحدّث الكاتب عن نقائص مادية رهيبة لدى الجيش المصري. ونقل هذه النقائص للقيادة العسكرية. وكأنّه يقول: لا يمكن دخول حرب، والانتصار فيها بهذا النقص الرهيب في الوسائل المادية، وفي الخطط الحربية.
الضباط المصريين الذين قدّموا لنا تسليم المهام لا يهتمون بسلامة جنودهم. 312
أقول: يتحدّث الكاتب عن أنّ الجيش الوطني الشعبي قدّم مساعدات طبية للجنود المصريين المصابون من طرف الصهاينة.
فهمت من الكاتب: الجيش المصري يفتقر لأبسط أدوات التمريض. 313
والأهم من ذلك أنّ القيادة غير مهتمة بجنودها، ولا يهمها مصيرهم. ويفتقرون للجانب الروحي في مواجهة الصهاينة.
“يحتاج الأمر لوقت وحرب الاستنزاف لكي تفهم القيادة المصرية أهمية الجانب الروحي لدى الجنود”. 313
لا تهينوا جثامين الجنود الجزائريين:
رجالي، وأنا في مصر هنا للتضامن مع إخواننا العرب ولا نخفي شيئا. 314
قلت للملازم الأوّل فاروق: لا نطلب من عمال المطار الدولي للقاهرة غير التعامل مع جثامين الجنود الجزائريين، المتّجهين إلى الجزائر ألا يتم التّعامل معهم على أنّهم بضاعة سيّئة. لكنّه لم يستطع فعل شيء. بسبب البيروقراطية الخانقة، وغير الإنسانية. 314
ثمن الكراء للجزائري المساعد:
وضع المارشال عبد الحكيم بيته الفاخر تحت تصرفنا. ثمّ وصلنا تحذير من المحامي يطلب منّا دفع ثمن إيجار البيت الذي استعملناه. 308
الصهاينة فوق القصر الجمهوري:
طائرتين حلقتا وبشكل غير معتاد، خارقة جدار الصمت، وبعلو منخفض جدّا حتّى أثاروا الزوابع الرملية. وفي الغد علمنا أنّها حلقت فوق القصر الجمهوري لعبد الناصر. 316
الضعف الرّهيب للجيش المصري أمام الصهاينة: 316
لم يكن الجيش المصري، في مستوى مواجهة الصهاينة. 318
أذاع مذياع القاهرة أنّ الطيران الصهيوني حطّم المحطّة الكهربائية لنجا حمادي. وبعدها بقليل أذاع الصهاينة: “المحطّة لم تقصف بطائراتنا، بل حطّمت من طرف نخبة الطوافات”. 318
أقول: ذكر الكاتب تفاصيل العملية الصهيونية. والتي لم يعلم بها الجيش المصري إلاّ فيما بعد. ما يدلّ على الضعف الرّهيب للجيش المصري. مع العلم قام جنود النخبة الصهاينة بالعملية وقد كان لهم “كامل الوقت للوصول إلى أهدافهم، وقتل المدافعين عنها، ووضع قنابلهم المتفجّرة. وانتهت مهمتهم بنجاح”. 319
الجيش المصري لم يسقط طائرة صهيونية:
أقول: ممّا فهمته -وإلى أن تكذّبني الأيّام، والقراءات القادمة- أنّ الجيش المصري لم يسقط ولا طائرة صهيونية واحدة.
الصهاينة يسرقون رادار مصري أمام أعين الجنود المصريين: 322
اشترت مصر رادار “الطائر” المتطور. مهمته مواجهة الضربات الجوية الصهيونية، ومعرفة المسافة، والاتجاه، والتحليق ولو كانت الطائرة على علو منخفض جدّا، ويحتوي على عدّة دفاعات ثابتة، ومتحرّكة، وأرضية، وجوية.
والطامة الكبرى أنّ الصهاينة استولوا عليه عبر عملية النخبة، وفكّكوه لقطع صغيرة ونقلوه عبر طوافات. وحدث كلّ هذا أمام أعين الجنود المصريين. 323
القاهرة مهدّدة بسبب ضعف، وعشوائية البطاريات المصرية :
وصل الصهاينة إلى مسافة 60 كلم عن القاهرة. وللأسف وحداتي لم يلاحظوا، أدنى إجراءات الحماية. 324
البطاريات المصرية قوية من حيث الحجم لكن قدراتها (المدى والاستيعاب، والحجم) ضعيفة بالنسبة للصهاينة. بطاريات الصهاينة تصيب كلّ جبهة القتال والعمق في سيناء. 325
القدرات الفنية والمناورة للمدافع التي يمتلكها المصريون (T.54, T.55, T.62) تجاوزها الزمن. وتموينهم كذلك. وكانت المدافع المصرية تحطّم قبل أن يرصدها العدو. 325
أقول: تحدّث الكاتب عن أخطاء ارتكبتها المدفعية المصرية وأصابت البطاريات الجزائرية عوض العدو. وكان ذلك بسبب انقطاع الاتصال أثناء تصحيح الرمي. 325
أقول: الجند المصري لم يكن يحسن إصابة دبابة العدو. لأنّه لا يصيبها في القلب. وكانت طلقاتهم عشوائية لا تصيب الهدف. 326
الإثنين 28 ذو القعدة 1446هـ، الموافق لـ 26 ماي 2025
الشرفة – الشلف – الجزائر
[1] مقالنا بعنوان: مشاركة، ومساعدة الجزائر للجيش المصري في حرب 1967الحلقة الأولى– معمر حبار
الإثنين 20 ذو القعدة 1446هـ، الموافق لـ 19 ماي 2025
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار