إيران تستولي على بيت نزار قباني

بقلم أحمد حازم

تاريخ النشر: 18/09/23 | 15:40

كنت في بداية عملي الصحفي عندما التقيت الشاعر السوري نزار قباني في العاصمة اللبنانية بيروت عام 1970، حيث كان يملك دار نشر في وسط بيروت أطلق عليها “دار منشورات نزار قباني”. حينها كنت برفقة الإعلامية العراقية المعروفة جدا في وقتها سؤدد القادري، التي كانت تقدم برامج في التلفزيون العراقي. هذا الشاعر الملقب بشاعر المرأة كان سينتخب بالإجماع رئيسا لجمهورية الشعر لو كان للشعر جمهورية، لكنه أصبح ملك الشعر ومملكته هي شعره، هذه المملكة التي أوجدها الراحل للنساء لتبقى على مر التاريخ.

في منزل يقع في حي قديم لدمشق يسمى “مئذنة الشحم” رأى الراحل نزار قباني نور الحياة في بداية العشرينات وترعرع هناك. هذا المنزل الذي أهمل سنوات طويلة، توجد الان لافتة صغيرة على بابه تحمل كلمات نزار: “هنا جذوري، هنا قلبي، هنا لُغتي. هنا سكن نزار قباني”. هكذا يقول الكاتب السوري سامر محمد إسماعيل الذي يؤكد في مقال له أن: ” وزارة الثقافة السورية أو أي جهة داخل البلاد، لم تنظم أي فعالية واحدة في بيت الشاعر الراحل الذي صار على ما يبدو حكراً على الأنشطة الثقافية الإيرانية.”

بيت نزار قياني دخل التاريخ من أوسع أبوابه. فلقد كان شاهداً على نشاط حركات التحرّر الوطني ضدّ المستعمر الفرنسي، ومكاناً آمناً للاستماع إلى خطب وبيانات يلقيها رجال الثورة السورية، وكانت الحشود الغاضبة تنطلق من بيت القبّاني إلى كلّ ساحات العاصمة السورية. ويكفي سوريا فخرا ان البيت يحمل اسم عائلة الراحل نزار صاحب:” “هكذا أكتب تاريخ النساء”.

عندما دخل الإيرانيون سوريا بموافقة بشار الأسد وبدأوا بالعبث بمقدرات الشعب السوري ونهب ممتلكاته امتدت يدهم الغادرة الى بيت الراحل نزار قباني، وجعلوا منه مركزاً لثقافة فارسية، بدلاً من أن يكون متحفاً لأعمال الراحل نزار، مثل بيت أحمد شوقي في القاهرة، وتشيخوف في يالطا، وفيكتور هوغو في باريس، وجبران خليل جبران في مدينة بشري مسقط رأسه في لبنان.

الأمر المخزي، أنّ “اتّحاد الكتّاب العرب” قام بتنظيم أوّل ندوة شعرية لشعراء إيرانيين وسوريين، ليس لإحياء ذكرى نزار بل من أجل رثاءً قائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني، والعالم النووي الإيراني محسن فخري زادة. فماذا يفعل أتباع سليماني وزادة عضوا الحرس الثوري الإيراني في بيت ملك الشعر نزار قباني؟

هما فارسيان لا علاقة لهما بالثقافة العربية. والحقيقة التي يجب أن تقال هي: من نظم الندوة الإيرانية في بيت شاعر عربي سوري أصيل، يجب محاكمته، بتهمة ارتكاب جريمة ثقافية بحق نزار قباني. من العار على اتحاد كتاب عرب ان يسمحوا بإهانة الراحل نزار بعد وفاته من خلال تدنيس سمعته بعقد ندوة شعرية فارسية في بيته. يا للعار.

وأخيراً…

بيت الراحل نزار قباني تخرج منه هذا الوقت رائحة فارسية كريهة، حيث تحول الى معرض صور لقادة ايرانيين. فما لنا نحن العرب بسليماني وزادة وكل الملالي في ايران؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة