سيّدنا الأمير عبد القادر كما يراه أحمد بن محي الدين – معمر حبار

تاريخ النشر: 20/05/23 | 6:21

الكتاب: “سيرة الأمير عبد القادر، تأليف أخيه الأمير بن أحمد بن محي الدين الحسني الجزائري، مستخرج من مخطوط كتاب: تعطير الشام في محاسن تعطير دمشق الشام للشيخ جمال الدين القاسمي”، مؤسّسة الأمير عبد القادر الجزائري، 14442ه-2020، من 194 صفحة. ظ

مقدمة القارىء المتتبّع:

قيمة الكتاب في كون أخ الأمير هو الذي كتب عن أخيه سيّدنا الأمير عبد القادر.

عاصر سيّدنا الأمير عبد القادر، فالكتاب شهادة حيّة من أخ كريم لأخ عظيم.

أتّفق مع الكاتب في نظرته للأتراك في أواخر عهدهم حيث الظلم، والفساد.

أتّفق مع الكاتب في انتقاده لصاحب كتاب “تحفة الزائر” وهو ابن سيّدنا الأمير عبد القادر حين تعمّد عدم انتقاد أبيه.

سبق للقارىء المتتبّع أن قرأ لعائلة سيّدنا الأمير عبد عبد القادر، ومنهم: ابنه صاحب “تحفة الزائر” في جزئه الأوّل[1]، والثّاني[2]. وحفيده الأمير خالد[3]، وحفيدته بديعة[4]. بالإضافة إلى الجزائريين، والعرب، والغربيين، والفرنسيين.

يتطلّب فهم الكتاب قراءة حياة سيّدنا الأمير عبد القادر أثناء سجنه بالأمبواز[5].

القارىء لهذه الكتب المشار إليها في الهوامش لايجد صعوبة في قراءة الكتاب، لكن يقف على بعض المعلومات لأوّل مرّة.

أختلف مع الكاتب في كون سيّدنا الأمير عبد القادر “تأثّر بمحمد علي في مجال التنظيم العسكري”، والذي تأثّر بدوره بالتنظيم العسكري الغربي. والسّبب -حسب قراءاتي- أنّ محمد علي لم يكن أبدا قدوة لسيّدنا الأمير عبد القادر، وحاولت فرنسا المحتلّة أن تجعل من سيّدنا الأمير عبد القادر نسخة لمحمّد علي وفشلت في ذلك فشلا ذريعا.

قال الكاتب: أقول: سيّدنا الأمير عبد القادر وهو في فرنسا المحتلّة، ومدنيتها، وقصورها، وحدائقها، وبناياتها، ومنجزاتها يكتب قصيدة يشيد فيها بالبادية على الحضر.

العناوين الفرعية من وضع القارىء المتتبّع.

أوّلا: الأتراك:

ظلم الأترااك للجزائريين من أسباب الاستدمار الفرنسي للجزائر:

قال الكاتب: لم تحكم الدولة العثمانية بالجزائر غير المائة الأولى وبضع سنوات، ثمّ انقطعت الاتّصالات بين العثمانيين ودايات الجزائر، وأصبح الدايات يعيّنون الحكام بأنفسهم ويعزلونهم، أو يقتلونهم إذا شاؤوا. وانحصرت العلاقة في المناسبات، والمجاملات فقط. ودايات الجزائر في أواخرعهدهم ظلموا، وأفسدوا، وسفكوا الدماء بغير حق فاستحقّوا الخراب والزوال، والانتقام. لأنّ “الملك يدوم مع الكفر ولا يدوم مع الظلم”. 27

أقول: تحدّث الكاتب عن محاولة غزو انجلترا للجزائر قبل الاستدمار الفرنسي، ولم تستطع إلى ذلك سبيلا. والسّبب أن الأتراك بالجزائر -يومها- لم يعرفوا بالظلم الشديد المسلّط على الجزائريين كما كانوا في أواخر عهدهم، فوقف الجزائريون جميعا مع الأتراك ضدّ الإنجليز، ونجحوا في ردّ العدو المغتصب. مايعني أنّ الجزائري الحرّ الأصيل وقف مع وطنه، ومع التركي ضدّ المغتصب لأنّ التركي لم يكن -حينها- بالظلم الشديد الذي ميّزه في أواخر حياته. 29

قال السلطان العثماني محمود خان لفرنسا المجرمة عقب مسرحية المروحة، وهو يصف دايات الجزائر: “إنّ أولئك الأشرار قوم مستقلون بأنفسهم فشأنكم وشأنهم”. 31

و عقّب الكاتب بقوله: “إن الله تعالى إذا أراد أمرا سلب ذوي العقول عقولهم”. قالها الكاتب حين رفض داي الجزائر نصيحة محمّد علي بشأن الاعتذار لقنصل فرنسا بالجزار، فكانت النتيجة غزو الجزائر. 34

لم يقاوم الأتراك الغزاة الفرنسيين المجرمين “إلاّ مدّة عشرين يوما”. 40

أقول: ممّا فهمته من الكتاب أنّ فرنسا المجرمة لم تكن تعتقد أنّ الجزائر في أواخر حكم الدايات الظلمة للجزائريين بهذا الضعف، والانكسار. بل إنّ داي حسين لم يكن يعرف أنّه بهذا الضعف وكان يعتقد أنّه الأقوى. وأثناء غزو فرنسا المجرمة للجزائر اتّضحت جليا بغض الجزائريين الشديد للأتراك بسبب ظلمهم المسلّط على الجزائريين، ولذلك لم يقفوا معهم، وخذلان الأتراك كان بسبب ظلمهم للجزائريين.

خيانة أحمد باي للجزائر، والجزائريين حسب أخ سيّدنا الأمير عبد القادر:

قال الكاتب: لم يقف الجزائريون مع الأتراك لصدّ الغزو الفرنسي للجزائر لظلم الأتراك للجزائريين، ولاعتقاد بعض الجزائريين أنّ فرنسا المجرمة إنّما جاءت بأمر السلطان العثماني لأخذ داي حسين فقط، ورفض أحمد باي تسليم السّلاح للجزائريين للدفاع عن الجزائر خوفا منهم، وقال لهم: “اضربوهم بالحجارة”. أي اضربوا الفرنسيين الغزاة بالحجارة عوض السّلاح. 39

لم يحضر أحمد باي لأيّ هجوم فرنسي على قسنطينية، وقد كان بين الحربين ستّة أشهر، بسبب خوفه من الجزائريين العائد لظلمه الشديد لهم. و”كانت كلّما توجّهت الدولة الفرنسوية لأخذها (قسنطينة) يخرج بمن كان معه من الأتراك إلى محلّ بعيد منها، ثمّ يراقبها منتظر مايصير إليه حالها”. 70

شجاعة الأتراك ليست أصيلة إنّما ممتدة من شجاعة الجزائريين:

قال الكاتب: نسي الأتراك أنّ شجاعتهم كانت بسبب التفاف الجزائريين حولهم لعدلهم في المائة سنة الأولى. وحين طغوا، وتجبّروا، وقتلوا، وظلموا الجزائريين تولى عنهم الجزائري ففشلوا، وانهزموا لتخلي الجزائريين عنهم. فشجاعة الأتراك ليست أصيلة، إنّما ممتدة من وقوف الجزائريين إلى جانبهم. 42

ثانيا: سيّدنا الأمير عبد القادر:

بيعة سيّدنا الأمير عبد القادر، وحقد الأتراك:

قال الكاتب: رفض والد سيّدنا الأمير عبد القادرة الإمارة، ورفض أن يوليها ابنه مدّة ثلاث سنوات والعلماء، والسّادة، والكبار يطلبون منه ذلك. وبعد اشتداد الطلب قبل أن يتولى ابنه سيّدنا الأمير عبد القادرالإمارة. 48

حين بايع الجميع سيّدنا الأمير عبد القادر، رفض الأتراك وأبناءهم الذين كانوا في تلمسان مبايعته، وحاربوهم مستعينا بالعرب، فرضخت له تلمسان والأتراك. 54

في أيّام دولته لم يأخذ من الرعية غير الزكاة، وبذلك عمّت الرّاحة الأهالي جميعا. 58

“وقد كان الأمير أيّام ولايته يحتفل احتفالا عظيما للمولد النبوي…وكذلك كان يفعل في جميع الأعياد بعد الصلاة”. 59.60

عظمة سيّدنا الأمير عبد القادر العسكرية:

باغته الجنرال المجرم تيريزي لأنّ رسالة التّحذير المتضمّنة اتّجاه المجرم إليه وصلت سيّدنا الأمير عبد القادر متأخّرة. وكان متردّدا، ولم يكن يثق في رسالة التّحذير التي وصلته.62

“وكان الأمير من عادته أن لايجمع في مواقعه عساكره كلّها في مواقعه كلّها خوفا من أن تفنيها الحرب لقلّتها، بل كان عساكره كلّه متفرّقا على خلفائه”. 75

ذكر الكاتب أنّ مصريين شاركوا في الجيش الفرنسي المحتلّ ضدّ سيّدنا الأمير عبد القادر، وفي المعركة التي شارك فيها ابن الملك فيليب، ومشاركة الزواف. 77

لمّا تيقّنت فرنسا المجرمة من قوّة الأمير عبد القادر، وعزمه على عدم التفاوض، واستعماله للقوّة مع فرنسا قرّرت محاربته حتّى لاتزداد قوّته، ويتضخم جيشه فاستعانت بالأعراب ضدّه، وبالزواف، ونقضت المعاهدة معه. 79

بدا ضعف سيّدنا الأمير عبد القادر يظهر بعد استيلاء فرنسا المجرمة على تلمسان سنة 1259هـ، وبدأت سيطرة فرنسا المجرمة وخروجها من حصار سيّدنا الأمير عبد القادر. 82

ظلّ الأمير يقاتل الأعراب الذين انضموا للجيش الفرنسي المجرم في قتالهم. 87

موقف سلطان المغرب العدائي تجاه سيّدنا الأمير عبد القادر 93.88

أراد سيّدنا الأمير عبد القادرأن يسلّم نفسه لأمير مراكش حين اشتداد الحصار عليه، فرفض أصحابه الذين معه معلّلين ذلك بقولهم: إنّ سلطان المغرب حاقد عليك، وسيذيقك الذلّة، والمهانة إن أسلمت نفسك له، ولا يعرفون حرمة للكبار من أمثالك، وذكّروه بما فعله مع أخيه، وابن أخيه، وجنده حين قتلوهم جميعا، وقادوه لمراكش عاريا، ولم يمنحوه حتّى لباسا يواري عورته. 208.207

حاصر سلطان المغرب سيّدنا الأمير عبد القادر من جهته، وفرنسا المجرمة حاصرته من جهة الجزائر. وكان هذا الاعتداء من العوامل الجوهرية التي دفعت سيّدنا الأمير عبد القادر لتسليم نفسه.

حقد محمد علي، والأتراك ضدّ سيّدنا الأمير عبد القادر:

قال الكاتب: استأذن نابليون من محمد علي أن يقبل بالأمير عبد القادر ضيفا دائما عنده بعد مكوثه في سجن لامبواز خمس سنوات، وليوفي بعهده للأمير بأن يطلق سراحه، فرفض محمد علي. مع العلم، كانت من مطالب الأمير عبد القادر حين سلّم نفسه أن تكون إقامته بالاسكندرية، أو الشام. 122

وبعث نابليون سيّدنا الأمير عبد القادر إلى السلطان العثماني عبد المجيد خان ليكون تحت مراقبته، وليكون كالكفيل له. 122

فرّق نابليون بين الأمير عبد القادر وإخوته، وأخذ إخوته ونقلهم إلى عنابة تحت بصره، وليكونوا رهائن في حالة ماإذا حاول الأمير عبد القادر الرجوع لمحاربة فرنسا. 123

في سورية الحبيبة:

استغلّ الأمير لقاءاته مع ملوك، ورؤساء أوروبا في قضاء حوائج المسلمين الذين عندهم، وحصل لهم من المنافع مالا يوصف. 131

حين دخل الشام وجد مكتبة الحديث بالأشرفية قد استولى عليها الأجانب، فاشتراها من ماله الخاص وأعادها للمسلمين. 127

[1] “تحفة الزّائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر” لمحمد بن الأمير عبد القادر، الجزء الأول، دار الوعي، رويبة، الجزائر، عني به الأستاذ داوود بخاري والأستاذ رابح قادري، الطببعة الثانية، 1436 هـ – 2015، من 613 صفحة.

[2]”تحفة الزّائر في مآثر الأمير عبد القادر وأخبار الجزائر” لمحمد بن الأمير عبد القادر، الجزء الثاني، دار الوعي، رويبة، الجزائر، عني به الأستاذ داوود بخاري والأستاذ رابح قادري، الطبعة الثانية، 1436 هـ – 2015، من 613 صفحة.

[3] “الأمير عبد القادر الجزائري”، لحفيده الأمير خالد الجزائري، الإمارات العربية المتحدة، الطبعة الأولى 1434 هـ – 2013، من 59 صفحة.

[4] “الأمير عبد القادر، حقائق ووثائق بين الحقيقة والتحريف”، الأميرة بديعة الحسني الجزائري، دار المعرفة، الجزائر، الطبعة الثانية 2008 ، من 386 صفحة.

[5] [5]ANTOINE Adolphe DUPUCH « ABD-EL-KADER L’LLUSTRE CAPTIF DU CHATEAU D’AMBOISE», Fondation EMIR ABDEELKADER, Edition DAHLAB, ALERIE, Contient 113 Pages.

الشلف – الجزائر

معمر حبار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة