– شَاعِرُ الأجْيَال –

شعر : الدكتور حاتم جوعيه - المغار - الجليل

تاريخ النشر: 03/05/23 | 10:44

في رثاء الشاعر الكبير “نزار فباني ” – ( في الذكرى السنوية على وفاته )

شاعرَ الأجيال ِ قدْ طالَ الثوَاءُ – لا مجيبٌ ولكمْ عزَّ اللقاءُ
وربيعُ الشرقِ أضحَى مقفرًا – وذوَى وردُ المُنى…زالَ السَّناءُ
وعذارى الشعرِ تبكي جزَعًا – منذ ُ أنْ غابَ عنِ الدوح ِ الغناءُ
ما لقاسيونِ تلظَّى واكتوَى – ودمشقُ العربِ يحدُوها البكاءُ
يا كنارَ العربِ قدْ ضاقَ المدَى – جَفّفتِ الأدمعُ…ما أجدَى العزاءُ
رائد التجديد في عصر ذوى – فيه روضُ الشعر..جاء الدخلاءُ
يا نبيَّ الشعرِ فَي عصرِ الدُّجَى – نُكّسَ الشعرُ وماتَ الأنبياءُ
كم دموع ٍ سُكِبَتْ في الغوطتينِ – كبحر ٍ…ماؤهُ الجاري دماءُ
أيُّها السَّيفُ الدمشقيُّ ائتلا – قا وفي الغربِ امتشاقٌ ومَضَاءُ
أمَويٌّ تُهْتَ فخرا وندًى – يا سليلَ العُربِ مِنْ فيكَ الشذاءُ
لكَ فوقَ النجمِ صرحٌ شاهقٌ – وبرُكنَيْهِ لقدْ حَفّتْ سماءُ
فربيعُ الشرقِ ولى وانقضى – منذ أن غبتَ خريفٌ وشتاءُ
ووهادُ الروح ِ ثكلى أقفرَتْ – لفهَا الليلُ وأضناها العناءُ
مجلسُ اللهوِ منَ الأنس خَلا – واختفى الصحبُ وولى الندماءُ

جنة ُ الدنيا غدتْ ملتاعةً – إيهِ سوريا أرَّقَ الجفنَ الشقاءُ
إيهِ سوريا ليسَ من بعدِ النوى -غيرُ ثوبِ الحزنِ.. ماعادَ انتشاءُ
” برَدَى ” ما عاد َ عذبا ماؤُهُ – رنقا صارَ وَعَزّ الاستقاءُ
وحمامُ الشامِ قدْ بُحَّ فما – من هديلٍ ومنَ الدوح ِ خلاءُ

والدي في الشعر.. أستاذي وَنِبْ رَاسُ دربي.. وليَ الحرفُ اقتداءُ
لغة ُ القيثارِ والحُبِّ سَتبْ – قى ، وأنتَ الحلمُ فينا والرَّجَاءُ
شاعرُ المرأةِ قد صوّرتهَا – ببديع ِ الفنِّ.. . حلاها البهاءُ
فتجَلى الحبُّ في أسمى ضيا ءٍ – وتاهتْ في أغانيكَ الظباءُ
أنت َ للسمراءِ تبقى هاويًا – أنا للشقراءِ حبٌّ ووفاءُ
وبحبٍّ وحشيش ٍ قمرٌ – أنتَ للتجديدِ فيه الإبتداءُ
أنت فوق الفَرقدينِ النيِّرَيْنِ – سناءً وائتلاقا… لا مِرَاءُ
أنت َ ربُّ الفنِّ والشعرِ ورب ُّ – النهى والفكرِ… يكفيكَ الثناءُ
لفلسطينَ رسمت َ الشعرَ مَل ْ – حَمة َ الخلدِ وكمْ كانَ العطاءُ
ولأطفالِ فلسطينَ شَدَ وْت َ..خيوط الفجرِ دوما والفداءُ
لقنوا المحتلَّ درسا ناجعًا – بنضالٍ… منهُ للأرض ارتواءُ
ثورة ُ الاحجارِ قدْ واكبتهَا – بلهيبِ الشعرِ … هبَّ النُّجَباءُ
بدمِ الأبطالِ… منْ آلامِهمْ – كُتِبَ التاريخُ قد زالَ الخفاءُ
راية ُ الشعرِ فمَنْ بعَدكَ يَرْ فَعُهَا ؟ .. يزهو المَدى ثم الفضاءُ
يا اميرَ الشعرِ منْ غيرِ مِراء ٍ – أنا بعدكَ قالَ الخلصاءُ
إنَّ عرشَ الشعرِ مِنْ بعِدكَ لى – ذاك حقىِّ وليخزَى السُّفهَاءُ
إننا في الداخلِ صرنا مثلا – كم عميلٍ آبقٍ فيهِ الدهاءُ
كمْ خؤُون ٍ شِعره الزبلُ وأدْ نى .. نشازٌ صوتهُ دومًا عواءُ
يستغلُّ المنبرَ الهشَّ لَيَطعَنَ بي …لكنَّ مَسْعَاهُ خواءُ
وقلوبٍ أترعَتَ ْ بالحقد ِوالغد رِ … نحوي لا ودادٌ لا صفاءُ
وحثالاتٍ غدَتْ بالزِّيفِ قا دَتِنا .. منهم فلا يُرْجَى الرجاءُ
لبسُوا ثوبَ نضالٍ زائفٍ – وقريبًا عنهمُ ينضُو الطلاءُ
صُحفٌ صفراءُ تبقى لهمُ – إنها الخزيُ لشعبي والَوَباءُ
حاربوا كلَّ أبيٍّ صادق ٍ – خدمُوا الاعداءَ .. غابَ الامناءُ
وضعُوا حولي سياجًا شائكا – إنهُم ْ أعداءُ شعبي العملاءُ
زرعُوا الألغامَ في دربي وكمْ – منعُوا يأتي نسيم ٌ ورَخاءُ
وعلى شعري لكمْ ُهمْ عتموا – خسئوا لنْ يحجبَ الشمسَ غطاءُ
أنا ربُّ الشعرِ في الداخلِ رُغ ْ – مَ الاعادي ولأشعاري البقاءُ
رافعُ الهامة أبقى شامخا – ولغيرِ الربِّ ما كان ولاءُ
جندُوا الاوغادَ كلَّ الآبقِي – نَ فلن ْ يثني انطلاقي الجبناءُ
ثابتٌ رغم متاهاتِ الردى – عن حياض الحقِّ هيهاتَ جلاءُ
أنا صوتُ الحقِّ أبقى، والضَّميرُ لشعبي … وليخزى الخلعاءُ
فيسارٌ عندنا مثلُ يمين ٍ – كلهم في حقِّ شعبي لسَواءُ
لن يمرُّوا سوفَ أصليهم أنا – بلهيبٍ … وغدا يأتي النداءُ
إنني الحقُّ تجلَّى ساطعًا – وهم ُ في نظرِ الشعبِ حذاءُ

يا بلادًا رتّلت أنغامَهَا – مهجُ الاهلِ وروَّاها السخاءُ
يا بلادي أنت روحي ودمي – فوق أحضانكِ كم طابَ الفداءُ
نحنُ أقسمنا يميناً للفدا – لبزوغ ِ الفجرِ إنَّا رقباءُ

شاعرَ الأجيالِ تبقَى علما – إننا في الشرقِ دومًا أوفياءُ
نحن ُمن بعدِكَ نمضي للعلا – بك َ حقا نقتدي … أنتَ اللواءُ
بدأ الشعرَ امرؤُ القيسِ ففيه ِ- ارتقى الشعرُ وفيهِ الازدهاءُ
عصرُ شوقي قبله عصرُ أبي الطيِّب ِ الكنديِّ … نورٌ وارتقاءُ
ونزارٌ لخَّصَ الشعرَ بعَصْ -ر ٍ غدا فيهِ ركيكا… لا طلاءُ
وأنا مِنْ بعدهِ جدَّدْتُ في الشِّعْرِ – وأحدثتُ وما عادَ التواءُ
وتقمَّصْتُ الحضاراتِ وجئتُ – بما لم يَسْتَطِعْهُ العظماءُ
أنا للشعبِ ورودٌ وشذا – وأنا للأرضِ التحامٌ والتقاءُ
قادمٌ منْ مدنِ الأحزان وَحْ – دي فغنِّي واهتفي لي يا سماءُ
شعراءُ الجاهليينَ ارتقوا – ببديع ِ النظمِ فنًّا .. كمْ يُضَاءُ
وسُموطٍ عُلّقتْ في كعبة ٍ – تُرْجمَتْ في الغربِ أحلى ما نشاءُ
إنما الشعرُ غدا في يومِنا – كالنفاياتِ أتاهُ البلهاءُ
طلسَمُوا أقوالهم منْ دونِ معنىً – وعاف َ الشعرَ حتى البُسَطاءُ
” فنزار” و ” أنا ” “والمتنبّي ” -“وشوقي ” نحنُ منهُمْ لبَرَاءُ

نمْ قريرَ العينِ لا تحفلْ أسى – في بلادٍ قد فداها الشرفاءُ
جنة ُ الدنيا شآمٌ لم تزلْ – إيهِ يا شامُ لكَم ْ طالَ الثوَاءُ
ولنا موعِدُنا فوقَ ذُرَى الشَّيْ – خ ِ حيثُ الثلجُ سحرٌ وغواءُ
ورُبَى الجولانِ للعربِ فدا – يرجعُ الجولانُ… يأتي الأقرباءُ
كانت ِ الأحلام ُ في أكتوبر ٍ – عرسُ تشرينَ لهُ الغربُ انحناءُ
قُرَّة ُ العينِ شآم ٌ في دمي – هيَ للأعرابِ نبضٌ ودماءُ
ليتني أغفوُ أنا فوقَ رُبا – ها ، زهورُ الروضِ قبري والشذاءُ
“فصلاحُ الدينِ ” يغفوُ هانئا – في دمشقِ العربِ ثم َّ الأولياءُ
كم ْ شهيدٍ راقدٍ تحت ثرَا – هَا وأزهار ٍ سقاهَا الشهداءُ

يا أميرَ الشعر ما بعدَ النَّوَى – غيرُ حزنٍ وعويلٍ .. لا التقاءُ
لم تزلْ بلقيسُ في وجدانِنا – وردةَ الطهرِ وحَلاهَا النقاءُ
إنها في جنةِ الفردوسِ منْ – حولها الحورُ العذارى والظباءُ
بعدك َ الحبُّ يتيمًا قدْ غدا – في ربوع الشرقِ ، والغيدُ إماءُ
كم فتاةٍ دمعُها الدّرُّ، ازدَهَى – هاجَهَا الحُزنُ وما أجدى النداءُ
يا رسولَ العشق كم من غادةٍ – أنتَ قدْ حَرَّرْتهَا… زالَ العَناءُ
من قيودِ القهرِ قدْ أطلقتها – عَرفَتْ كيفَ العلا والإرتقاءُ
يُحشرُ العشاق من تحت لوا – ئِكَ.. في ظلك كمْ يلقىَ العزَاءُ
أنت مَنْ أمسكتَ شمسًا بَيِمي – ن وفي الأخرى نُجيماتٍ تُضاءُ
كذبَ النقادُ فيما غُرِّرُوا – كلُّ ذمٍّ فيكَ قالوا لهُرَاءُ
ومسوخُ النقدِ في الداخلِ هُم ْ – كحذائي قولُهُم ْ عندي هَبَاءُ
أنتَ فوقَ النقدِ..فوقَ الشعرِ..فو – قَ النهَى ..للعربِ مجدٌ وسناءُ
والذي جئتهُ يبقى خالدًا – لو مضى مليونُ جيلٍ لا انتهاءُ
وشعوبُ الأرضِ فيكَ انبهرُوا – أنتَ عملاقٌ وصرحٌ وعلاءُ
أنتَ “دونجوانُ ” جميع الغيدِ دَوْ مًا … وحلمُ الغيدِ حقا وبهاءُ
وأنا بعَدك أمضي قُدُمًا – أحملُ الراية َ يحدوني الإباءُ
تهتُ في الكونِ سناءً وسنًا – وتهادَى في خطايَ الخيلاءُ
فالعذارى في هوانا تُيِّمَتْ – نحنُ أحلى منْ تغنيهِ النساءُ
وَضَمْمَنا المجدَ منْ أطرافهِ – وتسامَى الفنُّ فينا وَرُوَاءُ
يا أميرَ الشعرِ هلْ أجدَى العزاءُ – عَجزَ الحرفُ وأعيَى الخطباءُ
رائدَ التجديدِ تبقىَ ملكا – فوقَ عرشِ الشعرِ أنتَ الإبتداءُ

( شعر : الدكتور حاتم جوعيه – المغار- الجليل )

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة