إنطلاق “مهرجان آذار للشّعر الفلسطينيّ” في سخنين
تاريخ النشر: 22/03/23 | 15:01جاءنا من النّاطق الرّسميّ للاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين، الشّاعر علي هيبي: غصّت قاعة المركز الجماهيريّ في مدينة سخنين عصر يوم السّبت الفائت والموافق لِ 18/3/2023 بجمهور غفير ولافت، جاءوا من أهالي المدينة ومن قرى الجليل والمثلّث ومدنهما، ومن قرى المرج والمركز والسّاحل، وحضر ضيفًا من فلسطين المحتلّة الشّاعر والباحث أسعد الأسعد، وكذلك الشّاعر نمر سعدي من قرية بسمة طبعون. ويشار إلى أنّ الأديبتيْن: إميلي أبو جبل وسناء القلعاني قد حضرتا من مجدل شمس في الجولان العربيّ السّوريّ. وقد غصّت القاعة بعشرات من الشّعراء والكتّاب جاءوا ضيوفًا على الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين ومؤسّسة محمود درويش للإبداع، حيث انعقد تحت رعاية بلديّة سخنين مهرجان آذار السّابع للشّعر الفلسطينيّ، تحت شعار “الشّعر الفلسطينيّ سلاحًا”. وقد برز من بين الحضور د. صفوت أبو ريّا رئيس بلديّة سخنين، السّيّد محمّد بركة رئيس لجنة المتابعة العربيّة العليا، البروفيسور إبراهيم طه، البروفيسور خالد سنداوي، د. نبيه القاسم، د. عبد النّاصر جبّارين، د. رمزيّة شريف، د. محمّد حبيب الله، وهم من أعضاء الاتّحاد وأصدقائه، وكذلك الأمين العامّ للاتّحاد د. محمّد هيبي، نائب رئيس الاتّحاد د. أسامة مصاروة، نائب الأمين العامّ الكاتبة أسمهان خلايلة، رئيس لجنة المراقبة الكاتب عبد الخالق أسدي والنّاطق الرّسميّ علي هيبي. ويشار أيضًا إلى أنّ السّيّد عادل حنّا مدير مكتب رئيس بلديّة سخنين قد أسهم بفاعليّة كاملة بمتابعة التّحضيرات المادّيّة والمعنويّة منذ البداية حتّى انتهاء انعقاد المهرجان.
وقد بدأ المهرجان بالاستقبال والتّسجيل والضّيافة، ومن ثمّ افتتحت جلسات المهرجان الثّلاث، فقد استهلّ د. محمّد هيبي المهرجان بكلمة قصيرة أعلن فيها عن افتتاح المهرجان، ومن ثمّ قام بالتّرحيب والشّكر لكلّ من ساهم في إنجاح التّحضيرات للمهرجان، وخصّ بالذّكر بلديّة سخنين ورئيسها وأعضاءها والعاملين فيها، متمنيًّا للجمهور الّذي حضر أن يعود وقد تمتّع واستفاد من سماع إلقاءات الشّعراء الإبداعيّة، ومن ثمّ نقل إدارة الجلسة الأولى إلى الكاتبة أسمهان خلايلة والّتي استهلّت الجلسة بكلمة جميلة بدأتها بالشّكر والتّرحيب بالضّيوف على المنصّة: د. أبو ريّا والسّيّد بركة وجمهور الحضور من الشّعراء والأدباء والمثقّفين والمهتمّين والضّيوف عمومًا، وتطرّقت إلى دور الشّاعر في الحياة والمجتمع منذ القدم وحتّى العصر الحديث، من عنترة وعروة مرورًا بالمتنبي وحتّة درويش والقاسم وزيّاد كرموز من شعرنا الفلسطينيّ.
وفي كلمته كرئيس للبلد المضيف للمهرجان عبّر د. صفوت عن شديد اعتزازه باستضافة هذا المهرجان في سخنين الأبيّة، المناضلة والضّلع الأكبر من مثلّث يوم الأرض، هذا المهرجان الّذي يجمع تحت خيمته الأدبيّة كوكبة رائعة من خيرة الشّعراء، جاءوا ليكونوا حلقة تواصل متابعة لرموز شعرنا الفلسطينيّ المقاوم، منذ النّكبة. وقد نوّه كابْن لشهيد استشهد في النّكبة بوقفة سخنين بلد هبّة القدس، بلد يوم الأرض، بلد الشّهداء ودعا الجمهور إلى المشاركة في مسيرة يوم الأرض المركزيّة الّتي ستقام في سخنين هذا العام، وفي نهاية كلمته أعرب عن استعداد البلديّة الدّائم لاستضافة الاتّحاد القطريّ للأدباء الفلسطينيّين بنشاطاته وفعاليّاته الثّقافيّة والأدبيّة.
أمّا رئيس لجنة المتابعة العربيّة العليا السّيّد بركة فقد استهلّها بمباركة عقد مثل هذه المهرجانات الشّعريّة والثّقافيّة عامّة، لأنّها تشكّل نهجًا يتحدّى نهجًا آخر من استشراء السّلاح والعنف المبرمج والوصول بالأمر إلى تفاقم الجريمة في مجتمعنا، هذا النّهج الّذي تريد له السّلطة أن يسود ويتسيّد جوانب حياتنا ويلهينا عن قضايانا الأساسيّة السّياسيّة والثّقافيّة، ويريدنا أن نبتعد عن غذاء الرّوح، من الشّعر والثّقافة، إنّه نهج واضح لاغتيال اللّغة العربيّة ولطمس شخصيّتنا وتغييب حقّنا في الوجود والبقاء والتّطوّر. ولذلك يأتي هذا المهرجان وبهذا الشّعار وفي آذار الأرض وفي سخنين بالذّات حاملّا موقفًا وطنيًّا ورسالة ثقافيّة وتوعويّة، ورحّب بدوره بحضور الشّاعر والدّبلوماسيّ أسعد الأسعد من فلسطين المحتلّة الّذي يشكّل تأكيدًا للموقف والرّسالة السّامية. وكان أجمل ما قدّم بركة نموذجًا شعريًّا من شعر الشّاعر والمسرحيّ الألمانيّ والعالميّ برتولد بريخت، فقد قرأ أمام الجمهور قصيدة “الجنرال” كنموذج لأدب المقاومة الّذي يتحدّى به بريخت الجنرال الّذي يمثّل النّازيّة.
وقد تميّزت جلسة الافتتاح الأولى بعرض شريط مصوّر، كان عبارة عن عارضة رائعة بادرت إلى تصميمها وعرضها الكاتبة منال غانم مصطفى عضو الاتّحاد، وقد رافقت عرضها بشروح عن شرائحها الّتي تناولت المؤتمر التّأسيسيّ الأوّل للاتّحاد القطريّ الذي انعقد في طمرة، في أيلول 2022. وكذلك اشتملت العارضة على صور الخطباء وأصحاب المناصب المنتخبة، وكذلك جزءًا من رؤية الاتّحاد الثّقافيّة والوطنيّة وبعضًا من نشاطاته في المدارس والنّدوات والأمسيات وعن مهرجان آذار السّادس في مجد الكروم في آذار 2022 وهذا المهرجان السّابع في سخنين الّذي نحن بصدده.
وقد اختتم د. عبد النّاصر جبّارين هذه الجلسة بمحاضرة علميّة عن الشّعر الفلسطينيّ، كانت عميقة في بحثها، غنيّة في معلوماتها، أشار فيها إلى التّحوّلات الّتي طرأت على مراحل الشّعر الفلسطينيّ منذ الانتداب البريطانيّ مرورًا بالنّكبة ومؤثّراتها والنّكسة ومعاناتها وحتّى الفترة المعاصرة، الّتي تحوّل فيها الشّعر إلى سلاح مقاوم، منوّهًا بالأعلام والرموز الشّعريّة، في كلّ فترة وفترة ومن أبرزهم الثّلاثيّ المشهور: إبراهيم طوقان وعبد الكريم الكرمي وعبد الرّحيم محمود، وبعدهم: سلمى الخضراء الجيّوسي وهارون هاشم رشيد، وفي المرحلة الأخيرة محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زيّاد وفدوى طوقان ومعين بسيسو، ونوّه بدواوينهم وأشعارهم المقاتلة ضد كلّ محاولات طمس وجودنا وتغييب لغتنا العربيّة وشخصيّتنا الوطنيّة. وممّا ذكره حول الشّعر الفلسطينيّ أنّه عبّر عن أسلوب النّضال الشّعبيّ، فكان رباطًا بين حزمة من الأنساق المتآلفة فيما بينها من حيث المضامين والأساليب والأنماط.
جلسة إلقاء الشّعر الأولى أدارها الكاتب صالح أسدي بنجاح وتركيز على النّظام المعلن المسبق للإلقاء، وقد استهلّ افتتاحيّته بشكر الشّعراء والحضور، وأشاد بالاتّحاد القطريّ ونشاطاته الرّائعة والمكثّفة، وبخاصّة هذا المهرجان الكبير الّذي يعتبر ذا دور أساسيّ في الحفاظ على اللّغة العربيّة، وفي الذّود عن أدبنا الفلسطينيّ باعتباره وفقًا للشّعار سلاحًا نمتشقه ضدّ الظّلم والظّالمين والظّلاميّين. وقد قدّم الشّعراء تباعًا للإلقاء فكان الأوّل الشّاعر نمر سعدي ضيف المهرجان فقرأ مقاطع من قصيدة “أسمّيك” وبعده الشّاعرة د. ليلى حجّة وقصيدة “طفل الزّلزال”، الشّاعر محمّد أبو صالح وقصيدة “ظلم ذوي القربى”، الشّاعر نظمات خمايسي وقصيدة “فلسطين يا عروس الشّرق”، الشّاعر حاتم جوعيه وقصيدة “الحبّ عمّدني إلهًا”، الشّاعرة سلوى منصور قدّمت أشعارًا تراثيّة مغنّاة للمرأة ويوم الأرض، الشّاعر فتح سرطاوي وقصيدة “فلسطيني”، الشّاعر أسعد الأسعد ضيف المهرجان من فلسطين المحتلّة وقصيدة “أنا راحل نحو وطني”، الكاتبة رحاب زريق قدّمت نصّيْن نثريّيْن بروح شاعريّة، الشّاعر خالد خليل وقصيدة للأرض والوطن، الشّاعر عطا الله معدّي وزجليّة بعنوان “وصيّة”، وكان مسك ختام الإلقاء في هذه الجلسة الشّاعر صالح عبّود وقصيدة بلا عنوان، ويشار إلى أنّ الفنّان الواعد محمّد خالد هيبي قد قدّم ضمن هذه الجلسة وصلة عزف موسيقيّة على الأورغ لاقت استحسانًا كبيرًا.
أمّا الجلسة الثّانية للإلقاء فقد أدارتها بلياقة الكاتبة زينة الفاهوم، وقبل أن تقدّم الشّعراء لمنصّة الإلقاء، رحّبت بالجمهور وشكرت كلّ من ساهم في إنجاح هذا الحدث الثّقافيّ الكبير، وتطرّقت في كلمتها إلى دور الشّعر المتأثّر من والمؤثّر في حياة المجتمع الواقعيّة، وما يحمله من أحاسيس وخيال وفكر تعبّر عن مكنونات الإنسان الدّاخليّة، وكذلك في قدرته على التّعبير المكثّف عن قضايا الفرد والوطن، بحيث تجعل منه رافعة يرتقي بها المشهد الأدبيّ. وكان أوّل الشّعراء في هذه الجلسة الشّاعر د. محمّد حبيب الله وقصيدة “حلم”، الشّاعرة رائدة غزّاوي وثلاث قصائد “قالت” و “الصّمت” و “سأكون ما أريد”، الشّاعر يوسف أبو خيط وقصيدتيْ “شعراء فلسطين” و “سخنين”، الشّاعر يوسف مفلح إلياس وقصيدة “سخنين”، الشّاعر د. أسامة مصاروة وقصيدة “حكاية اختفاء ليالي”، الشّاعر نبيل طربيه وقصيدة “قم من رمادك”، وكان مسك ختام الإلقاء الشّاعر علي هيبي وقصيدة غزليّة بعنوان “أنتظر أقلّ القليل”.
وفي ختام المهرجان قدّم الأمين العامّ د. محمّد هيبي تلخيصًا قصيرًا لوقائعه ومن ثمّ شاكرًا لسخنين وبلديّتها ضيافته ورعايته، متمنّيًا أن يكون مهرجان آذار القادم للشّعر الفلسطينيّ في العام 2024 وشعبنا ولغتنا واتّحادنا وأعضاؤه بألف خير.