سمفونيّة من المعلّقات السَّبع

يوسف جمّال - عرعرة

تاريخ النشر: 03/01/23 | 8:09

ترافقني يمامة
منذ أوّل زماني
تغنيّ لي في كلّ يوم أغاني
زمان
تحكي لي حكايات
بيسان
ترسم حولي ظلال
تحميني
من غياب نجمة الشَّمال
**************
في كلِّ يوم
يدخل إليّ من نافذتي
غناء النورس
الآتي من بحر الظلمات
صدى يتقن العزف على
أوتار النايات
عتيق مثل عتقي
جاء من بعيد
من صدى روحي القديم
جاء من موانئ
بعيدة الشطآن
سحيقة القيعان
************
لم يكن لي بدايات
ولا أسير نحو نهايات
ولا أبعاد أو جهات
وأسير على رمال الشاطئ
ولا أترك خطى لخطايّ
لا صدى لصدايّ
يضربني موج البحر
فلا يترك أثراً عدايّ
ولا حياة سوى سواي
**********
قيامتي مكتوبة على أوراق توتة
من صيدا
نعفتها رياح الخريف
في مهبِّ الريح
تحوّلت الى شرنقة
الى خيمة من حرير
يا موت :
لماذا ترقص على نغمات ناياتي
لماذا تغنّي على تراتيل آياتي
لماذا تنبت زنبقة على ترباتي
************
مشيتُ في فجّاج الصعاليك
فقشعتني زرقاء اليمامة
فرجعتُ ..
وهمتُ في مجاهل الزمن الحافي
وتغيبتُ من جديد
صعلوكاً في تيه الفيافي
سرقتُ عنزةً من الرعاة
ووزعتها على المشردين والمشرَّدات
وبتُّ على الطوّى عاصبُ البطن
وعدتُ لأعزف
على ناياتي
أنشد أوزان أبياتي
*****
وضعوني على خازوق
في ساحة الصِّديق
فضربوني بالمنجنيق
فصاحت أسماء
أما آن لهذا الفارس أن يترَجَّل
أما آن له أن له القيام من صليب المنافي
فسكتوا ..
وشربوا الخمرة وصاحوا :
اليوم خمر وغداً أمر
**********
قيامتي مزروعة في
شعاب مكة
تشرب من ميّة زمزم
تطوف في عزِّ محرَّم
مرّ بها أبو سفيان
فاستلَّ سيفه وصاح :
من بلغ به الكفر
وشرب من حِمايَّ
وأكل مما ملكت يدايّ
من علّق روحه على جريد نخلتي
من أخفى أثر خفيّ ناقتي
فقسم الريح بسيفه
وماتت مع موتي
**********
نمتُ مع عمر تحت النخل
نام بعد ان عدل
مرت بنا قوافل من خراسان
فصاح حاديها
كيف يموت الموت غريباً
تحت الشجر
كيف يموت لحن نايٍّ
وله وتر
كيف يموت وفي كنانته
جواز سفر
كيف يموت ولا فوق رأسه
لا حارس
ولا خفَر
*********
أموت في كلِّ يوم مرتان
مرة عندما تهبُ سوافٍ من عُمان
وتملأ عيناي بالتراب
وتتحوّل دنيايَّ الى سراب
ومرة عندما تلبس واشنطن الحجاب
وتصلّي في محراب هُبل
وترقص في نجران
على مواويل الرّاب في رغدان
والفالس في عجمان
وتتحوّل زيتها الى قُبل
وفجورها الى أحضان
فتدور حولها سفّاحي الغاب
وزبانية الشيطان
*********
مرت هند من هناك
كانت راجعة من أُحد
رأتهم يشوون لحمي قيامتي
على النار
فصاحت :
من سيربط لي قيده
ويطعمني من كبده
فتنادوا ..
فأكلتْ من لحمي
وتوضأتْ بدمي
وصلّتْ وطافت
حول مَناة
وكتبوا سمفونية موتي وعلَّقوها
مع أخواتها المعَّلقات

****************
موتي ..
تحوَّل الى سمفونية
كتبها موتسرت على
نار أبي لهب
وامرأته تعزف الجاز
على الحطب
وصاحوا بيَّ :
خذ نايك واعزف
فقلت : لست بقارئ
ولا أجيد العزف على موتي
ولا أتقن الرقص على هدم بيتي
و لا يُخنق صوتي
بحبال من جاز
*****************

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة