سيزيفُ يورثُ هويّتَهُ لابْنِ الخطّابِ

تاريخ النشر: 19/12/21 | 9:28

شعر: علي هيبي

هوتِ الآلهةُ الموبوءةُ في لجّةِ جبٍّ داكنةِ اللّونِ/ كانَتْ برهانًا صخريًّا ربانيَّ الفوّهةِ المفتوحةِ نحوَ المطرِ المتناثرِ حممًا قدّامَ النّاسِ/ كيْ يحتميَ الضّعفاءُ بحبلِ مياهٍ غمرَتْ حتّى الفلكَ النّوحيَّ/ حبلَ نجاةٍ ظنّوهُ/ موهومًا كانَ كأساطيرَ ما زالَتْ تحكمُنا منْ قبلِ الميلادِ البشريِّ/ نزلَ المأمورُ يحملُ صخرتَهُ الورقيّةَ نحوَ المشرقِ/ احتارَ الشّرقُ بعمقِ رسالتِهِ ذاتِ الرّيبِ/ كما الأيّامُ الغابرةُ جاءَ المتأخّرُ ابنُ الخطّابِ بُعيْدَ الميلادِ/ يختالُ بمقدرةٍ تتمسّح بالجهلِ القادمِ من حلباتِ الثّيرانِ/ غذّتْها جاهليّةّ ذاتُ مدًى أقصى مثنى وثُلاثَ ورُباعَ/ نثرَ سيزيفُ أركانَ الصّخرةِ في عقرِ الدّارِ وقعرِ اللّجّةِ/ صيحَ بِهِ اصعدْ! صعدَ/ أينَ الصّخرةُ قالَ ربُّ الأربابِ باكفهرارٍ/ وصاحَ انزلْ! بكى سيزيفُ وتطلّعَ نحوَ الأولمبِ الأعلى/ لن أفعلَ قالَ/ وسقطَتْ أقنعةُ الآلهةِ وزاغَ القمرُ حيثُ ابْنُ الخطّابِ ما انفكّ ينفخُ أوداجَهُ قدّام النّارِ والقَدرِ الكاذبةِ وطبخِ الحجرِ/ ماذا سيأكلُ ذو سغبٍ كافرٍ بعدَ طبيخِ الحجرِ بمياهٍ آسنةٍ/ غدَتِ الآلهةُ العليا أقنعةً تكذبُ في مجملِها منذُ هبوطِ التّفاحةِ/ يرفضُ سيزيفُ المحكومُ بأصفادِ عبوديّتِهِ أنْ ينزلَ ثانيةً في الهاويةِ المنكوبةِ/ يصعدُ سيزيفُ بلا وجلٍ منْ قعرِ الحكمِ الفاسدِ/ جمعَ عيدانَ مشانقِهِ المقبلةِ على حبلٍ ذي مسدٍ/ وقال سأصعدُ! سأصعدُ حتّى يملّ النّزولُ الثّواءَ بلا حمْلٍ/ لنْ أنزلَ إطلاقًا فلتغضبْ آلهةُ النّارِ وآلهةُ الفردوسِ/ فلتغضبْ آلهةُ الأولمبِ وآلهةُ قريشَ الشّهوانيّةُ وآلهةُ كلِّ قرونِ التّاريخِ النّاطحةِ منذُ الكارثةِ الأولى/ منذُ عقابِ الأولى الكانَ حتّى عقابِ الآخرةِ المأمولِ/ فلتغضبْ تجّارُ قريشَ وسادتُها عندَ سدولِ الأيّامِ السّودِ ودخولِ الكعبةِ بلباسٍ أبيضَ/ فالحمْلُ القادمُ مختلفٌ ستضعُهُ كلُّ ذاتِ حمْلٍ مجتمعينَ/ مصيرُ الأمّةِ مضمونٌ يا أقنانُ وخبزُ الأقنانِ إنْ كانَ عجينًا بالعرقِ سيفرّقه عليكُمْ ابْنُ الخطّابِ في السّوقِ البيضاءِ بلا استثناءٍ/ سيأتي سبارتاكوس من روما الزّانيةِ ليأخذَ حصّتَهُ المغموسةَ بالقهرِ المرِّ وطعمِ الرّائحةِ الدّمويّةِ/ فالأمّةُ في أحيانٍ لا شيءَ/ لا أكثرَ منْ قفّةِ زبلٍ/ لكنْ قدْ تنفعُ سمادًا للأرض أو صنعِ الصّابونِ/ والخنجرُ مسمومًا يأتي من خلفِ الصّفّ الثّاني بلا إنذارٍ يرسو في صدرِ العدلِ أثناءَ صلاةِ الصّبحِ/ قبلَ صياحِ الدّيكِ في موقعةٍ أخرى انغرسَ الإنكارُ / وثلاثونَ من الفضّةِ غيّرَتِ التّاريخَ وماتَ الفضلُ الأبيضُ ذو الطّوقِ/ وجعلَتْ بعضَ القدّيسينَ الأنصارِ بلا طُهرٍ وكانَ الصَّلبُ المعكوسُ كذلكَ/ فماذا لديْكَ تقولُ يا ربَّ الأرضِ/ علّمْنا كيفَ على الدّنسِ نثورُ ثورةَ سيزيفَ على صخرتِهِ وعلى حُكمِ الذّلِّ الأولمبيّ/ علّمْنا كيفَ نحرّقُ معابدَنا التّالدةَ ونمضي في السّاريةِ لنعرفَ/ واللهِ لنعرفَ لماذا ألقوا الصّدّيقَ في عزلةِ جبِّ مغمومٍ/ لماذا لم يخطئْ خنجرُ فيروزَ توسّطَ مقبضُهُ مرمى الخاصرةِ والصّدرِ الفاروقيَّ/ عرفَ الخنجرُ من أينَ تموتُ الكتفُ حينَ رفضَ البطنُ مكوثَ التّمرِ المنقوعِ واللّبنَ الصّحيَّ/ لماذا يجوعُ العربيُّ في هذي الأرباعِ الطّافحةِ بالنّفطِ وبخلوِّ كرامتِها/ كانَ يرتعُ بالخيرِ قبلَ غريقِ النّفطِ/ علّمْنا لماذا قتلَ قابيلُ أخاهُ أعلى قطعةِ أرضٍ حقًّا/ كيفَ سلّمَ نوحٌ كلَّ النّاسِ لطوفانٍ حاقدٍ مكتفيًا ذاك الرّبُّ بزوجيْنِ بهيجيْنِ/ لماذا تريدُ النّعجةَ يا كلبُ/ لماذا يسرقُ الأخُ الإنسانيُّ المتكالبُ أخاهُ الأصغرَ نعجتَهُ يا ربّ العصرِ/ يا ربًّ العصرِ فيمَ تفكّرُ/ فيمَ تنتظرُ/ هلْ غُمَّ عليْكَ/ استفتِ قناديلَ القلبِ السّاطعةَ الغضبِ/ علّ شراراتِ الغضبِ السّاطعِ تندلعُ لهيبًا ثوريًّا يعرفُ دربَهُ نحوَ الشّمسِ/ لماذا يساوي أميرٌ كذّابٌ للمؤمنينَ يومَ البدرِ الطّالعِ بيوم بلاءٍ كرّت فيهِ الخيلُ على حزبِ اللهِ المفلحينَ/ ويزيدُ الدّجّالُ الأصغرُ بنُ الدّجّالِ الأوسطِ بنِ الدّجّالِ الأكبرِ يتباهى بالثّأرِ القرشيِّ/ فما هوَ إلّا الكلبُ وابْنُ الكلبِ والكلبُ جدُّهُ ولا خيرَ في كلبٍ تناسلَ من كلبِ/ يا ربَّ العصرِ ماذا يفيدُ اللّطمُ فقدْ سبقَ السّيفُ الملكيُّ الأمويُّ الإسلاميُّ الفاسدُ كلَّ نصوصِ اللّطمِ/ لماذا يأتي العبدُ الأسودُ ليقاتلَ في جنحِ اللّيلِ ويأتي ابْنُ الجوشنِ ليحزَّ أطهرَ رأسٍ قبّلَها اللهُ/ هذا القاتلُ موصومٌ بالقتلِ وموسومٌ بالصّفةِ العليا أميرُ المؤمنينَ/ فلتسخرْ يا سيزيفُ/ فلتضحكْ يا ابْنَ الخطّابِ/ فلتلطمْ يا شيعيُّ لماذا تقاعسْتَ لدى ساعةِ كرٍّ/ فلتفعلْ شيئًا يا ربَّ العصرِ/ ماذا تنتظرُ/ ألمْ يحنِ الوقتُ لتعلنَ رفضَكَ/ تعلنَ اشمئزازًا يهدّم مبنيًّا قامَ على قِدَمٍ مأزومٍ/ هلْ كانَ على ابْنِ الخطّابِ أنْ يقفَ أمامَ الخلقِ جميعًا بعلوٍّ لا باستعلاءٍ يصرخُ كيفَ استعبدَني النّاسُ/ كيفَ يكونُ استعلاءٌ والمرقوعةُ فوقَ الأكتافِ لا تسترُ ظهرًا ولا تمنعُ بردًا/ وليسَ متى استعبدْتُمْ النّاسَ يا ذا الوالي العاصي أمورَ العدلِ وسواسيةَ أسنانِ المُشطِ وعرقَ الفقراءِ الأكرمينَ/ في تلكَ الحالِ النّادرةِ كمسؤولٍ أعلى فوقَ العادة/ كانَ الحاكمُ محكومًا بعدَ الرّدّةِ/ كنْتَ بلا صخرةٍ وبلا صنمٍ معبودٍ تحملُ درّتَكَ المشهورةَ تقيمُ جسدَ العدلِ على الأرضِ/ وتزهقُ روحَ الباطلِ وصخرةَ سيزيفَ والآلهةَ المتخمةَ بالأغلالِ ونواقيسِ الدّجلِ/ يا ابْنَ الخطّابِ هذا سيزيفُ الجائعُ ينتظرُ لعشاءٍ آخرَ/ دعْ صخرتَهُ هويّتَكَ وامضِ نحوَ النّورِ والخبزِ المتكاثرِ وسمكِ الفقراءِ المنسيّينَ/ ثريدًا ستأكلُ المعدُ الخاويةُ بألمِ السّجنِ وعرقِ الشّرفِ الثّائرِ قدّامَ قديدِ الخبزِ السّلطانيِّ/ والشّارعُ خلفَ الميدانِ يتململُ مجروحَ الرّوحِ/ يتململُ موبوءًا بحمّى ساخنةٍ حمراءَ تتدفّقُ حدَّ الغليانِ/ والأيّامُ تدولُ والدّولُ تدولُ كما الأيّامُ هيَ الأخرى/ لا مأمنَ للأيّامِ ستدولُ الدّولُ وستذهبُ كأوراقٍ صفراءَ تذروها الرّيحُ القاصفةُ الأعمارِ/ بريحٍ صرصرٍ وجرادٍ ينذرُها/ يتلفُها/ يأكلها/ يبدّد كلَّ حزامٍ أمنيٍّ/ كلّ جداراتِ الفصلِ/ وستأتي الأيّامُ بشوارعِها الخلفيّةِ بكثيفٍ يغلي/ ستأتي بولاداتٍ قاتلةٍ يا سيزيفُ/ ستبقى الصّخرةُ في الهوّةِ تسحقُها عتماتُ اللّيلِ الرّاحلةُ وأنوارُ الفجرِ الطّالعِ/ وسينتظرُ ابْنُ الخطّابِ هويّتَهُ على خرزاتِ البئرِ الزّرقاءِ/ ينتشلُ الماءَ ويسقي الظّمأى في أرضِ اللهِ الكبرى/ ويكونُ يومٌ أسودُ وربيعٌ أخضرُ ونورٌ أحمرُ وفؤادُ أبيضُ وجَنينٌ يتململُ في سحر حامل زالَ ظلامُهُ ومدينةٌ جديدةٌ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة