على أعتاب مرحلة جديدة

تاريخ النشر: 30/07/21 | 9:35

بقلم: شاكر فريد حسن

يمكن القول ان إسرائيل استفادت إلى حد أقصى من تلك السنوات التي أعقبت التوقيع على أتفاق أوسلو المشؤوم، بل نجحت في تحقيق ما تريد وترغب به، بإجهاض الانتفاضة الباسلة وتصفية المقاومة الشعبية، ومنع تحقيق أي هدف من أهدافها. كذلك استفادت من الحالة الانقسامية في الساحة الفلسطينية والفصل بين شقي الوطن.

وعلى امتداد ثلاثة عقود حققت المؤسسة الاحتلالية الإسرائيلية أهدافًا عديدة، ضمن استراتيجيتها خلال الانتفاضة قبل اتفاق أوسلو وقبل مؤتمر مدريد وبعده. فقد أفرغت منظمة التحرير الفلسطينية من مضمونها ومحتواها كثورة تحرر وطني وقائدة نضال الشعب الفلسطيني، وزعزعت ثقة الناس بها، وتمكنت من فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية لتسهيل عملية السيطرة الكاملة على الضفة الغربية وتوسيع أعمال الاستيطان فيها، كما غيرت ثقافة المجتمع الفلسطيني الثورية المعادية والمناهضة للاحتلال، وتنمية ثقافة المصالح الشخصية والفردية، وغذت الفساد في النظام السياسي الفلسطيني ممثلًا بالسلطة، وعمقت أزمة الثقة بين الشعب وقيادته السياسية.

وبالترافق مع ذلك استفادت من الوضع القائم، بإطالة عمر الاحتلال وكرسته، وعمقت التناقضات الفلسطينية- الفلسطينية، ومنعت إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

لقد اتسمت مرحلة ما بعد عرفات، بالتعاون بين أمريكا وإسرائيل من جهة، وبين أبو مازن ومن حوله من القيادة المتنفذة، بتصفية المقاومة الشعبية وتهدئة الوضع في الضفة الغربية، حيث اقتنع أبو مازن برؤيته ونظرته البراغماتية ومن معه، بأن إنهاء كل أشكال المقاومة والحفاظ على أمن إسرائيل، ووضع كل الأوراق في السلة الأمريكية، سيؤدي إلى تحقيق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.

ومع تحول السلطة في السنوات الأخيرة إلى الحكم البوليسي وقمع الحريات الديمقراطية، وخنق صوت المقاومة، ومنع أي نشاط نضالي مقاوم ضد الاحتلال، وفي ظل استمرارية الانقسام المعيب والمدمر، واقتسام المناطق المحتلة بين امارة غزة وسلطة رام اللـه، وغياب أي مبادرة حقيقية لحل سياسي ينهي الاحتلال، بعد موت وقبر حل الدولتين، في خضم كل ذلك وجد الشعب الفلسطيني نفسه في وضع معقد وصعب للغاية. ففي الوقت الذي من واجبه الوطني مواجهة ومقاومة الاحتلال، والتصدي للاستيطان والتهجير القسري في القدس، وجد نفسه مضطرًا لمواجهة سلطة محمود عباس، حامية الاحتلال وقامعة الغاضبين ضد سياستها بشراسة، وانتهاج نظام حكم استبدادي قهري ظالم أشد من حكم سلطات الاحتلال، دون أفق للتغيير وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية، والتخلي عن اتفاق أوسلو، الذي لم يحقق أي شيء لشعبنا الفلسطيني وحركة تحرره الوطني، بل كرس الاحتلال وزاد من توغل الاستيطان.

شعبنا الفلسطيني الذي ناضل كثيرًا وقدم التضحيات وقوافل الشهداء، ودفع ثمنًا غاليًا دفاعًا عن الحرية وفي سبيل الخلاص من الاحتلال، هو شعب حي ومناضل، فقد الثقة بالقيادة السياسية الفلسطينية، ويشهد في الوقت الراهن حراكًا شبابيًا وشعبيًا، وفعاليات جماهيرية وتحركات تطالب برحيل عباس وسلطته، يقودها جيل جديد من الشباب الفلسطيني لديه من الوعي والإرادة لقيادة الثورة ونفض غبار العفن عنها، والنهوض بالحركة الوطنية الفلسطينية، ومواصلة النضال والكفاح المقنن المشروع في سبيل التخلص من الاحتلال وتحقيق الحلم الفلسطيني بالتحرر والاستقلال، وإقامة الدولة الفلسطينية الحرة الديمقراطية والمدنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة