تصريحات عباس بين الأمس واليوم… مدى تأثيرها على الإسلامية الجنوبية – أحمد حازم

تاريخ النشر: 21/05/21 | 12:45

المتعارف عليه في كل حزب يحترم نفسه عربياً كان أم غير عربي وجود مبدأ عام وسياسة عامة للحزب لا يمكن القفز عنها. والملاحظ في تصريحات عباس الحالية وجود فوارق وتشابهات عن تصريحاته السابقة. فهناك مواقف بقيت على حالها قيما يتعلق بالسلبيات ومواقف تغيرت بالنسبة للإيجابيات.

ظهر أمامي فجأة وأنا أبحث في محرك حوجل، مقابلة للدكتور منصور عباس منشورة في الثالت والعشرين من شهر كانون ثاني عام 2019. ومن اب الفضول الصحفي قرأت تصريحات رئيس “القائمة العربية الموحدة” وقارنت بها مع تصريحاته الحالية بعد انفصاله عن المشتركة، فوجدت تشابها وفرقاً. فقد قال على سبيل المثال:” أن المشتركة هامة للعرب في إسرائيل”. فهل هي بالفعل لا تزال هامة اليوم في نظره ، أم أن صياح الديك ينسي ما قيل قي ذلك اليوم قبل الصياح.”
صحيح أن عباس اعتبر “المشتركة” مهمة للمجتمع العربي في البلاد، لكنه لا يستطيع “الخروج من جلده السياسي ” فهو يدخل الصياغة الإسرائيلية اللئيمة “عرب إسرائيل” في كل حديث له عن المجتمع العربي، وهو في هذه النقطة لم يتغير.. والواضح وجود إصرار من القيادي في الإسلامية الجنوبية على اعتماد مفردات صهيونية في السياسة، وقد تكون مقصودة لإرضاء بعض الجهات. لأن الإصرار له أسبابه.

ومن المفترض من ناحية منطقية وسياسية خصوصاً أن عباس يرى في نفسه”قائداً” إسلامياً كما يدعي، أن يدوس على هذه التسمية من ناحية وطنية ويسمي المولود باسمه:”نحن الفلسطينيون” الذين بقينا في أراضينا، لأننا ننتمي لفلسطين في الأساس، ولسنا عرب (لمم) كما (لملموا) يهودهم من كل العالم وجاؤوا بهم إلى الدولة التي أسسوها عام 48. وصياغة “عرب إسرائيل” هي في الحقيقة تجريد للفلسطيني من فلسطينيته باعتباره عربياً يعيش في إسرائيل مثل الذين قدموا إليها من العرب وتجنسوا (أردنيون،مصريون،وغيرهم). فهل نحن كذلك يا سعادة الدكتور؟ التاريخ إيها النائب لا يزوّر، بل يحفظ ويعلّم.
سعادة النائب قال في تصريحاته:” إن خوض ال انتخابات بأكثر من قائمة واحدة سيضر بالتمثيل البرلماني العربي، وأن الحركة الإسلامية تتمسك بالقائمة المشتركة وأنها لا تفضل خوض الانتخابات بقائمتين “. برافو عليك دكتور، في ذلك العام كنت أكثر عقلانية من اليوم: فقد عرفت بوجود ضرر في خوض الانتخابات بقائمتين، وأعلنت صراحة التمسك بالقائمة المشتركة.. ولكن ما الذي جرى؟ الذي حصل يا دكتور هو العكس تماما وعملت في الاتجاه المعاكس لما قلته. يعني (كلام النهار محاه صياح الديك في الليل). فقد قمت بشق المشتركة وخضت الانتخابات بقائمة ثانية.

فلسفتك السياسية يا دكتور عباس تقول حسب تصريحاتك:” أننا نريد مواطنة حقيقية وعادلة، لأن المواطنة هي الأداة المتاحة لتغيير السياسات؛ والتمسك بالثوابت الفلسطينية”. قد يكون ذلك صحيحاً، لكن المواطنة لا يمكن أن تكون الأداة المتاحة لتغيير السياسات” إلا إذا كانت حقيقية، وأنت وكل فلسطينيو ألـ 48 لا تتمتعوا أبداً بمواطنة حقيقية ولا سيما في ظل “قانون القومية” الذي يعتبر إسرائيل دولة اليهود فقط. فكيف ستعمل على التغيير؟

وفيما يتعلق بالثوابت، فأنا أسألك، قل لي بربك: هل زيارة كنيس، مع يائير رفيفو رئيس بلدية اللد الذي إشعال الاوضاع في المدينة، وعدم زيارة المسجد الأقصى والمقابر التي أحرقت في حيفا ، هل هي من الثوابت؟ وهل المساهمة في ترميم كنيس وإنقاذ نتنياهو من الثوابت؟ وفي الوقت الذي يدعي فيه منصور عباس بأنه “سيبذل جهودًا صادقة لرفع الحظر الظالم والجائر الذي تعرّضت له الإسلامية الشماليّة،”على حدّ تعبيره، فإن أنصاره وأتباعه يرون في الحركة الشمالية حركة متآمرة مع اليمين ضد الإسلامية الجنوبية. فكفى كذبا وخداعاً.

لا أحد ينكر أن الدكتور منصور عباس تمكن من شق “القائمة المشتركة” واتخذ نهجاً سياسيا مغايراً، استطاع أن يقنع الكثير جداً من الناخبين في المجتمع العربي. لكن هذا النهج أصبح موضع تساؤل وشك حتى بين أهل البيت الواحد في الإسلامية الجنوبية. فتصرفات عباس الأخيرة دفعت ببعض القياديين في حزبه إلى إصدار بيانات ضده، مثل البيان الذي أصدره إبراهيم حجازي الأمين العام للقائمة العربية الموحدة ورئيس المكتب السياسي في الحركة الإسلامية الجنوبية والذي أدان فيه “لقاء منصور عباس مع العنصري المحرّض على دماء أبنائنا وأهلنا في مدينة اللد، رئيس البلدية يائير رفيفو، الداعم للعصابات الاستيطانية التوراتية المحرّضة والمعتدية على أهلنا في اللد، ومرافقته لزيارة الكنيس الذي أحرق”.

القائمة الموحدة (فرع اللد) وفي بيان على الفيسبوك استنكر بشدة لقاء منصور عباس مع العنصري رئيس بلدية اللد ، وكوادر مسؤولة أخرى عبرت عن استيائها مثل مسؤول الموحدة في الطيبة. حتى أن البعض طالب باستقالة عباس. فهل هذه التحركات مؤشرات لتغيير مرتقب في القائمة الموحدة أم أنها مجرد “غيمة صيف” مارة لا تقدم ولا تؤخر؟ الأيام القادمة ستكشف لنا ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة