من ابداعات عطا الله شاهين

تاريخ النشر: 19/09/20 | 9:30

صدى امرأة آتٍ من العدم أوقف تفكير عقلي..
عطا الله شاهين
حين كنت سائرا بين حدود المجرات، خيل لي بأنني سمعت صدى لامرأة، لم أفهم ماذا يقول الصدى، صوت امرأة يأتي من لا مكان، وكأنه آت من العدم، لم أعر اهتماما لصداها، وقلت: لعلني أهذي من الفضاء الواسع، وبقيت أحلّق في العتمة، لكن الصدى ظل يرتد عبر الفراغ المعتم، فقلت: ما هذا الصدى؟ فصوت امرأة يأتي من العدم، فأين هي الآن؟ كيف سأجدها؟ أصغيت تماما للصدى، رغم ارتجافي من برْد المجرات، التي تربكني بحجمها، الا أنني وقفت على صخرة محلّقة في مدارها، وأصغيتُ بصمت لصدى المرأة، وفهمت من كلماتها بأنها ترغب في العودة للوجود، فهي في العدم معدمة، فقلت: فكيف سأخرجها من العدم، فأنا ليس لدي فكرة عن ماهية العدم، أدري بأنه نقيض الوجود، فهل سأغيب بوعيي لزمن حتى أعبر العدم لأخرجها من هناك؟.. لا يمكنني أن أغيب بوعيي من برْد المجرات، لكن صداها ظل يرن في أذني، فقلت: سأبتعد عن مصدر صداها، لكن صداها ظل يرن في أذني المتجمدتين من برْد المجرات، فصوت دورانها ظل يربكني حاولت أن أغيب عن وعي لزمن، لكنني فشلت، لأن عقلي كان مشغولا في حل ما وراء ميتافيزيقية الكون، الا أن صدى المرأة شوّش عقلي وأوقفه عن التفكير في ما وراء الكون ..

—————————–
أرتدي العتمة لأهرب مِنّي ..
عطا الله شاهين
حين تعتّم السماء أراني أهرب من نفسي، لكيْ أبتعدَ عن همومي، التي أراها على وجهي كلما أنظر الى المرآة مجبرا لتسريح شعري، ففي العتمة أجلس مع ذاتي بلا رؤية لوجهي الحزين.. هناك أصمت في رداء العتمة، الذي يريح عقلي المتوتر من حياة قاسية ..فما أروع صمتي في عتمة ليل تحت سماء تزينها نجوم متلئلئة كلما أنظر صوبها أرتاح لسيرها في سمائها بكل هدوء.. لا خوف في العتمة، فهناك لا يراني أي أحد، حتى أنا لا أراني، فهروبي مني يبقى بلا حواجز نفسية، فهروبي مني ليس فقط من أجل الهروب، بل لأواجه ذاتي بصمت بعيدا عن وجوه تبتسم لي كلما تراني حزينا، وكأن ابتساماتهم نوع من تخفيف حزني، الذي ما زال في عيني ..
أرتدى العتمة بهدوء دون أن أراني، وكأني أدخل في حياة أخرى بلا ضوضاء.. هناك أراني دون حزن لزمن، فهروبي لا يأتي من فراغ، لكنه مجرد هروب نحو نسيان الهموم على الأقل لزمن .. فلا يمكن أن أراني بوجه حزين، فلا بد أن أهرب نحو العتمة بردائها لأعيش صمتا بلا أية هموم..

————————-
أتّخذ حطبك ناراً للاسترخاء
عطا الله شاهين
أيقنتُ عندما لسعني البرْد
في برّيّة موحشة
أنك الآن
وحدك من تجعلينني أسترخي
على أرض باردة
ومن حطبك المشتعل أنام بلا خوف
من وحوش تتربص بأغنامي
فأنا أكون بلا ناركِ متيبّسا من برْدٍ قارص
ومن وحشة المكان..
…..
الحطب تأكله النار بهدوء
نارك تخمد شيئا فشيئا
وأنا أسترخي بابتسامة على وجهي، وعلى وشك النوم من دفء ساحر
فما أروع دفء لهبك!
فأنتِ بحطبك المشتعل تبعدين البرْد عن جسدي المرتعش
تجعلينني أنام مسترخيا
على أرض باردة..
يلسعني ترابها منذ زمن، ولكنني أحِبّ النوم على أرض لا تُحِبّ الغرباء
عُرفَ عنّي بأنني أتّخذ حطبكِ للاسترخاء
فمن لهبك أراني انسانا عاشقا للحياة وللوحدة مع أغنامي الذين ينظرون لي بابتسامات على وجوههم
عفوا لن أبقيكِ بلا أغصانٍ
فبعد زمن ستأتي حبيبتي لتدفّئني بنارِ شفتيها..
———————

أرتدي روبَكِ ليدفئّني برائحة أنوثتكِ العالقة به
عطا الله شاهين
علمت بعدما بدأتُ أرتجف من برْد قارص
في حجرة رطبة
أن جسدك
وحده من يجعليني دافئا
على أريكة تحبينها
ومن روبك العالقة به رائحتك أنام هادئا
فلا شيء يدفّئني سوى روبك، الذي نسيته هنا معلقاً على باب حجرة يقتلها البرْد
فأنا أكون بلا روبك جسدا يميته البرْد المجنون..
فأين أنت في وقت أحتاجك فيه لا لشيء فقط لتدفّئيني..
…..
الرّوب فيه كل دفئك؛ لكنْ مع اختلاف بسيط
روبكِ يعبق برائحة أنوثتك، التي تهدئني
وأنا داخل روبك لا شيء ينقصني سوى دفء عينيك
فما أروع دفءُ رائحة أنوثتك!
فأنتِ بروبك تمنحينني دفئا مغايرا وتبعدين البرْد لزمن عن جسدي المرتعش
تجعلينني أنام هادئا
على أريكة الحُبّ..
تذكّرني بمشاغباتك في الحُبّ، ولكنني أحِبّ النوم على أريكة تعبق منها رائحتك
عُرفَ عنّي بأنني عاشق لامرأة لم تمنحني سوى الحُبّ
فمن روبكِ أراني عاشقا لك، لكنّ غيابك عني يجعلني بلا دفءٍ حقيقي
عفوا لن أدعكِ تغادرين لزمن
كوني واثقة بأنني لن أنعم إلا بدفئكِ..
——————-

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة