سَلْمى البِدايَةُ وَالنِّهايَة- شعر: محمود مرعي

تاريخ النشر: 01/07/19 | 9:49

بَيْنَ المَداركِ وَالأرواحِ تَنْعَقِدُ.. أَقْوى الرَّوابِطِ لا تَبْلى لَها عُقَدُ

تَظَلُّ مَعْقودَةً وَالعِتْقُ جَوْهَرُها.. وَلا يُقارِبُها وَهْنٌ وَلا كَمَدُ

تَظَلُّ سارِحَةً كَالرُّوحِ مُطْلَقَةً.. وَلا يُقَيِّدُها عَصْرٌ وَلا أَمَدُ

حَمَّالَةٌ شَوْقَها وَالشَّوْقُ حامِلُها.. أَنْعِمْ بِحَمَّالَةٍ مَحْمولَةٍ تَقِدُ

خَوالِجَ النَّفْسِ تُبْقيها مُجَمَّرَةً.. لا يَعْتَريها كُمونٌ أَوْ لَها نَفَدُ

يَزيدُ وَقْدَتَها مَرُّ الزَّمانِ شَذا.. كَالعُودِ بِالحَرْقِ نَفْحُ الطِّيبُ يَطَّرِدُ

يَخِفُّ في أَضْلُعِ الـمَلْهوفِ مَحْمَلُها.. إِذا تَراءَى خَلِيًّا هَمُّهُ الرَّغَدُ

لكِنَّها النَّارُ في صَدْرِ الشَّجي أَبَدًا.. تُصْليهِ حَرَّ هَجيرٍ ساقَهُ الوَجِدُ

وحاملُ الشَّوقِ لا تُقْصيهِ واقِصَةٌ.. لكِنْ يُجالِدُ حَتَّى يَخْضَعَ الجَلَدُ

وحاملُ الشَّوقِ لا تَخبو حرائقهُ.. يظلُّ في طَفَراتِ الطَّيفِ يبتَرِدُ

وَلا يُغادِرُ مَهْما جَدَّ مَسْرَحَهُ.. وَيَرْتَدي لَيْلَهُ، فَاللَّيْلُ مُنْجَرِدُ

لكنْ يَظَلُّ وَلَوْ فاضَتْ مواجِدُهُ.. نَهْرًا، يُصَبِّرُهُ ما فيهِ يَعْتَقِدُ

وَيَحْسُنُ الشِّعْرُ إِيحاءً وَتَوْرِيَةً.. وَيَرْذُلُ الشِّعْرُ تَصْريحًا وَيُنْتَقَدُ

يَذْوي الجَمالُ وَما تَذْوي مَخايِلُهُ.. تَعيشُ في الـمَرْءِ ذِكْرى جَنَّها الخَلَدُ

إِلَّا سُلَيْمى تَجَلَّتْ وَالأُفولُ نَبا.. لَمْ تَذْوِ مُذْ أَزْهَرَتْ وَاشْتارَها الـمَلَدُ

وَاللهُ زَيَّنَها في عَيْنِ ناظِرِها.. وَالحُسْنُ مِنْ حاسِدٍ شانٍ لَها، رَصَدُ

في عَيْنِها لُغَةٌ وَالطَّرْفُ شِفْرَتُها.. وَفَكُّها عَنَتٌ ما اسْطاعَ مُجْتَهِدُ

وَالبَحْرُ فيها امْتِداداتُ السَّماءِ بِهِ.. بِكُلِّ زُرْقَتِها في الرَّأْدِ تَطَّرِدُ

في خَدِّها ضَرَجٌ ما كانَ مِنْ قَوَدٍ.. لكِنْ تَفَتَّحَ فيهِ الوَرْدُ لا السَّبَدُ

في ثَغْرِها مِقَةٌ في رَسْمِهِ ثِقَةٌ.. وَهاجَ جَمْرَتَهُ في وَقْدِها البَرَدُ

وَلِلْحِجابِ أَفاعيلٌ عَلى قَمَرٍ.. إِذا تَكَوَّرَ فَالتَّعْويذَةُ الصَّمَدُ

وَزانَهُ أَشْرَفُ الأَلْوانِ مُنْسَدِلًا.. وَزادَهُ أَلَقًا، فَالشَّانِئُ الحَسَدُ

تَرى الحِجابَ كَمِشْكاةٍ تَوَسَّطَها.. مِصْباحُ نورٍ بِنورِ اللهِ يَتَّقِدُ

إِذا تَهادَتْ تَهادى ناعِمٌ شَبِمُ.. بِالرَّوْحِ يَفْهَقُ بِالرَّيْحانِ يَحْتَشِدُ

مُعَطَّرًا بِشَميمٍ غَيْرِ ما عَهِدَتْ.. أَيْفاعُ نَجْدٍ أَوِ الفَيْحاءُ وَالنُّجُدُ

تُصْبي الحَليمَ وَتُصْبي الشَّيْخَ تُرْجِعُهُ.. إِلى خَيالِ صِبًا أَوْدَتْ بِهِ العُهُدُ

ظِباءُ مَكَّةَ لَوْ فاضَلْنَها فَضَلَتْ.. بِخُصْلَتَيْنِ، وَلا تَشْبيهَ يُعْتَمَدُ

وَلَوْ طَلَبْتَ لَها التَّفْسيرَ لَامْتَنَعَتْ.. كَغامِضِ الشِّعْبِ لا تَهْديكَهُ الجُدَدُ

مَنْ ذا يُفَسِّرُ ما اسْتَعْصَتْ قِراءَتُهُ.. وَالنَّقْدُ فيهِ عَقيمُ ما لَهُ وَلَدُ

مُقَدَّسٌ حُبُّها مَجْرَى وَقابَ دَمٍ.. مَسيرُهُ رَحْبُ عَيْنٍ يَفْتَدي تَلِدُ

مُدِلَّةٌ حَفَّها ميراثُ وارِفَةٍ.. دَليلُها مَنْ رَوى عِشْقًا، يُضيءُ غَدُ

وَتِلْكَ سَلْمى تُخومُ الخُلْدِ شُرْفَتُها.. وَالرُّوحُ مَطْلَعُها وَالـمَرْتَعُ الكَبِدُ

قَدْ كِدْتُ في مَوْرَةٍ صَمَّاءَ غاشِيَةٍ.. أَطْوي كِتابَ زَمانٍ، طَيُّهُ بَدَدُ

أَرَدْتُ قِتْلَتَها وَالـمَوْتُ قاتَلَني.. ثُمَّ اسْتَحالَ خَيالًا رُكْنُهُ الرَّقَدُ

حَتَّى الفَناءُ فَني حالًا وَتَحْسَبُهُ.. تَوَهُّمَ الخَلْقِ، لَمْ يُخْلَقْ لَهُ أَحَدُ

وَمَرَّتِ الحالُ وَانْجابَتْ عَوارِضُها.. وَالحِلْمُ مَدَّ رُواقًا، مَدُّهُ مَدَدُ

وَعُدْتُ أَسْتَرْجِعُ الأَحْداثَ غَرْبَلَةً.. حَتَّى يُزايِلَها التَّشْكيكُ وَالفَنَدُ

أَتَيْتُها وَعَجاجُ الوَهْمِ يَكْنُفُها.. تَرَكْتُها وَقَراحُ الحَقِّ مُلْتَبِدُ

وَصَرَّحَ الحالُ عَنْ لا شَيْءَ غَيْرِ غِشا.. عَلى الحِجى رانَ حَتَّى اسْتَفْحَلَ الكَنَدُ

لَوْلا مَضَيْتُ بِشِعْبِ الغَيِّ وَهْوَ يَدٌ.. لَذُقْتُ مَنْدَمَةَ الكُسْعِيِّ، بِئْسَ يَدُ

لٰكِنْ عَدَلْتُ وَقَدْ هاجَتْ مَآثِرُها.. ضَجَّتْ مَحاسِنُها وَاسْتُنْفِرَ الغَيَدُ

شَكَرْتُ سَلْمى عَلى ما أَسْلَفَتْ، وَهَمى.. بَخورُ حُجْرَتِها رَيْثًا وَيَتَّئِدُ

يُنْبي بِأَنَّ سُلَيْمى غَيْرُ راضِيَةٍ.. عَنِّي وَمُحْبَطَةٌ في نَفْسِها تَجِدُ

وَما دَرَتْ بِالَّذي أَوْرَتْهُ غَيْبَتُها.. وَما تَوَقَّدَ أَوْ مَنْ مَسَّهُ الكَبَدُ

وَإِنَّ سَلْمى لَتَأْتَمُ الحَياةُ بِها.. بِكُلِّ ما تَحْتَوي، فَالأَصْلُ مُعْتَقَدُ

سَلْمى الحَضارَةُ وَالتَّاريخُ مُذْ بَزَغَتْ.. سَلْمى اكْتِمالُ جَمالٍ، صاغَهُ الأَحَدُ

سَلْمى الرَّبيعُ وَقِدْمًا هاجَ زاهِرُهُ.. وَأَشْرَقَتْ رَوْضُهُ وَالصَّادِحُ الغَرِدُ

سَلْمى الأَصالَةُ لَمْ تُلْبَسْ بِمُحْدَثَةٍ.. مِنَ الصِّناعَةِ مِمَّا أَنْتَجَ الرُّبُدُ

سَلْمى الـمَحاسِنُ ما احْتاجَتْ لِتَطْرِيَةٍ.. وَلا يُقالُ عَلَيْها الحُسْنُ مُرْتَفَدُ

سَلْمى الرِّوايَةُ ما شيبَتْ بِبَهْرَجَةٍ.. وَفي الرِّواياتِ ذِرْوُ الحَبْكَةِ العُقَدُ

سَلْمى القَصيدُ ذُرى الإِبْداعِ نَهْدَتُها.. فَلا تُطاوِلُها لَيْلى وَلا رَغَدُ

سَلْمى البِدايَةُ لا قَبْلٌ تُضافُ لَهُ.. وَهْيَ النِّهايَةُ لا بَعْدٌ لَها يَفِدُ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة