بَعْضُ ادِّكارٍ – شعر: محمود مرعي

تاريخ النشر: 06/06/19 | 14:49

بَعْضُ ادِّكارِ الـمَرْءِ كَالقَوَدِ.. إِنْ كانَ فَوْقَ الوُسْعِ وَالجَلَدِ

وَبَعْضُهُ غَيْثٌ أَصابَ رُبًى.. بَعْدَ انْقِطاعٍ طالَ في الأَمَدِ

فَآتَتِ الضِّعْفَيْنِ مِنْ ثَمَرٍ.. وَأَمْرَعَ التَّخْييلُ في الخَلَدِ

وَالـمَرْءُ بَيْنَ ذا وَذاكَ جَنى.. مَواسِمِ الإِقْبالِ وَالصَّدَدِ

وَالـمَرْءُ مِنْ لَحْمٍ يُرى وَدَمٍ.. وَسِرُّهُ في الرُّوحِ لا القُدُدِ

إِنْ فارَقَتْهُ عادَ ثَمَّ لَقًى.. إِكْرامُهُ التَّعْجيلُ لِلَّحِدِ

وَالحِسُّ في الإِنْسانِ قَنْطَرَةٌ.. تُفْضي إِلى الإِدْراكِ وَالرَّشَدِ

فَإِنْ غَدا لِلْحِسِّ مُفْتَقِرًا.. كَفِّنْ، وَلا تَسْأَلْ عَنِ السَّنَدِ

فَلَيْسَ في الأَحْياءِ طَنْجَرَةٌ.. وَإِنْ حَكى التَّجْسيدَ بِالجَسَدِ

*****

بَعْضُ ادِّكارِ القَلْبِ يُوجِعُهُ.. وَالبَعْضُ عيدٌ فاضَ بِالسَّعَدِ

وَالبَعْضُ لَحْنٌ شابَهُ شَجَنٌ.. فَاحْتاجَ لِلتَّطْريبِ وَالغَيَدِ

وَالبَعْضُ فَأْلٌ خَيِّرٌ وَجَدًا.. يَحْتاجَ تَعْويذًا مِنَ الحَسَدِ

لِوَرْدَةٍ ما غادَرَتْ خَلَدي.. لِزَهْرَةٍ مَضَتْ وَلَمْ تَعُدِ

لِطِفْلَةٍ كانَتْ تَفيضُ نَقًا.. كَما يَفيضُ الـماءُ فَوْقَ يَدي

مَضَتْ كَطَيْرٍ في مَهاجِرِهِ.. وَلَنْ يَعودَ آخِرَ الأَبَدِ

كانَتْ مَلاكًا طاهِرًا وَمَضى.. كانَتْ رَبيعًا زالَ عَنْ كَبِدي

كَمْ مِنْ ضِياءٍ شَعَّ ثُمَّ خَبَا.. وَما خَبَتْ أَيْقونَةُ البَلَدِ

وَلَيْسَ أَغْلى في فُؤادِ أَبٍ.. في العُمْرِ مِنْ بِنْتٍ وَمِنْ وَلَدِ

وَكُلُّ غالٍ حَلَّ دونَهُما.. وَإِنْ رَبا، كَالنَّقْدِ وَالنَّقَدِ

ضاعَتْ وَضاءَتْ ثُمَّ أَدْرَكَها.. ما أَدْرَكَ الـماضينَ مِنْ نَفَدِ

وَأَعْقَبَتْ في النَّفْسِ حَسْرَتَها.. وَالنَّفْسُ إِنْ تُصْدَعْ فَفي لَدَدِ

رَغْمَ اليَقينِ فَهْيَ في بَدَدٍ .. بَيْنَ اليَقينِ وَسَطْوَةِ الكَمَدِ

تَكادُ لَوْلا أَنْ تَدارَكَها.. هِدايَةُ الرَّحمٰنِ لِلْجَدَدِ

تَهيمُ في شِرْكٍ وَفي شَرَكٍ.. تُوَحِّدُ الآحادَ كَالأَحَدِ

لٰكِنْ تَوَلَّاها مُسَدِّدُها.. وَصانَها عَنْ ضِلَّةِ السَّدَدِ

فَمَرَّتِ الذِّكْرى نَسيمَ صَبَا.. وافى هَجيرَ الرُّوحِ في صَخَدِ

فَانْسابَ في أَثْنائِهِ فَعَفا.. وَعادَ فَيْحُ الصَّهْدِ كَالثَّأَدِ

للهِ أَنْسامٌ تُهَدْهِدُنا.. لَدى الحَرورِ الصَّاخِدِ الوَقِدِ

تُزيلُ عَنَّا كُلَّ مُرْهِقَةٍ.. وَتَتْرُكُ الأَرْواحَ في رَغَدِ

فَتَحْسَبُ الإِرْهاقَ رَجْعَ صَدًى.. مِنْ غابِرِ الأَيَّامِ وَالعُقُدِ

أَوْ أَنَّ ما أَعْياكَ حُلْمُ كَرى.. يُنْسى بِالِاسْتيقاظِ مِنْ رَقَدِ

للهِ نَفْحاتٌ إِذا عَمِيَتْ.. عَلى السُّراةِ الدَّرْبُ لِلرَّفَدِ

كَالفَيْءِ في تَيْهاءَ مُنْكَرَةٍ.. غِبَّ الصَّدى وَفَوْرَةِ الصَّهَدِ

أَتَيْتَهُ وَالآلُ مَقْبَرَةٌ.. نَجَّتْكَ مِنْها عَيْنُ ذي الـمَدَدِ

أَلْفَيْتَ أَمْواهًا مُكَوْثَرَةً.. في الظِّلِّ، فَاسْتَشْفَيْتَ مِنْ كَبَدِ

وَفاقِدٍ في البيدِ ضالَتَهُ.. أَغْفى عَلى يَأْسٍ، عَلى حَرَدِ

وَحينَما أَفاقَ أَبْصَرَها.. أَمامَهُ بالـماءِ وَالزَّوَدِ

فَأَخْطَأَ التَّوْحيدَ مِنْ فَرَحٍ.. لَفْظًا وَمَعْنًى، غَيْرَ مُعْتَقِدِ

وَالدَّهْرُ كَرُّ الدَّائِبَيْنِ وَكَمْ.. وافى بِأَضْدادٍ بِلا عَدَدِ

بِالسَّعْدِ في الشَّقاءِ مُحْتَشِدًا.. وَالنَّحْسِ يَنْفي السَّعْدَ بِالنَّكَدِ

بِاليُسْرِ جَوْفَ العُسْرِ يَنْفُثُهُ.. يَنْفي بِهِ نَفَّاثَةَ العُقَدِ

طَعْمُ الحَيا رَيْثٌ عَلى عَجَلٍ.. وَعَيْشُ فَقْرٍ مُدْقِعٍ وَنَدي

وَالـمَرْءُ يَقْضي عُمْرَهُ أَمَلًا.. بِالخَيْرِ وَالنَّعْماءِ طَيَّ غَدِ

وَقَدْ يَنالُ ما رَجاهُ وَقَدْ.. يَنالُ فيهِ حَظَّ مُقْتَصِدِ

وَقَدْ يَجِدُّ في تَطَلُّبِها.. وَيَخْذُلُ التَّطْلابُ ذا الجُدَدِ

وَقَدْ يُوارى الرَّمْسَ في غَسَقٍ.. وَيُصْبِحُ الـمَأْمولُ كَالزَّبَدِ

وَالعُمْرُ يَوْمانِ وَما اجْتَمَعَا.. إِنْ هَلَّ ذا فَذاكَ في بَدَدِ

فَاعْبُرْهُما يا صاحِ في دَعَةٍ.. فَما بَقاهُما سِوى فَنَدِ

وَاحْسِبْهُما دُخانَ أَرْجَلَةٍ.. مَتى عَلَا في الجَوِّ يُفْتَقَدِ

وَثِقْ بِما عِنْدَ الإِلٰهِ تَكُنْ.. أَرْضى الأَنامِ بِقَضا الصَّمَدِ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة