حوار مع الشاعرة السورية فاديه عريج

تاريخ النشر: 17/05/18 | 18:12

فاديه عريج، ابنة جبل الريان ، سويداء الكرم، شاعرة مبدعة أنيقة الحرف والحضور، تتعربش كلماتها على قلب المتلقي وأفكاره، ولطالما خبأ حرفها في عمق الروح ليستحوذ قلمها على شفرة البوح، وحين تقرأ نصوصها تقف مندهشا أمام فعل الحلم والحس والتأمل والخيال.

كان لي الحوار التالي معها:

من هي فاديه عريج؟

-أنا ابنة الطبقة الكادحة المثقفة المتعلمة، مربية أجيال، نهمة للمطالعة متذوقة للفن والإبداع والجمال الروحي أينما وجد، يعتصر قلبي حزنا لمشهد طفل متسول وام ثكلى وكل أنواع المعاناة الإنسانية على وجه الأرض، لا فرق عندي بين عربي او غربي الإنسان هو الإنسان أينما كان.

أنا عضو في منتديات أدبية وثقافية في المحافظة، عضو في الرابطة العربية للآداب والثقافة، عضو في المركز العراقي للأدباء والفنانين الشباب وفي الكثير من المنتديات الثقافية والأدبية الالكترونية على مساحة الوطن العربي.

لي مؤلفان مطبوعان صدرا هذا العام أحدهما بعنوان (قلبي يحدثني) ونصوصه تتغنى للإنسانية والوطن والسلام وغيرها من المواضيع الاجتماعية، والثاني

بعنوان (عارية الحواس) ونصوصه تتغنى للحب والمحبة لذاك الذي تصنعه المخيلة، وقد نشرت جريدة الدستور في العراق قراءة نقدية لمؤلفي عارية الحواس بقلم الناقد العراقي الأديب وجدان عبد العزيز بتاريخ 20/12/2017 وهي قراءة موثقة في ديواني المطبوع.

وهناك ديوان ثالث صدر الكترونيا بعنوان (يشبهك هذا المطر) مترجم في الجزائر الشقيق الى اللغة الأمازيغية وقد تمت ترجمته على يد الأديب الجزائري مازيغ يدار وموثق في دار كتابات جديدة الالكترونية ضمن سلسلة دواوين مترجمة شرق أوسطية وسيصدر قريبا ورقيا.

نشرت لي العديد من المجلات الأدبية والثقافية الورقية في سورية والعراق والأردن ومجلة السلام الدولية في السويد وغيرها.

كما أن معظم نصوصي موثقة الكترونيا في الكثير من المواقع الأدبية.

تم تكريمي من جهات ومنتديات كثيرة لا مجال لذكرها وأهمها مجلس الكتاب والأدباء والمثقفين العرب. وجمعية أصدقاء مرضى السرطان الذي كان ريع حفل توقيع ديوانيّ لصالح عملها الخيري في محافظتي.

هواياتي المطالعة والكتابة مذ كنت في المرحلة الإعدادية وأحب الرسم والموسيقى

ولي بعض التجارب القديمة في الرسم، يسمونني شاعرة ولا أجد نفسي استحق هذا اللقب بعد. إحساسي يكتبني ولكني مازلت عاجزة عن التعبير عما يجول في أعماقي بالصورة والمشهد الذي أحب.

ماذا يعني لك الشعر؟

– الشعر هو هذه المعجزة التي تسمح للناس بالمشاركة فيما يوحد بينهم رمزيا وينقذهم من الوحدة والتناهي أحيانا، هو ذاك الجمال الذي يتجلى ويؤثر فينا حيث يوّن سعادة دائمة للروح، يعبر عن أحزاننا أتراحنا وأفراحنا وما يعتري القلوب والأرواح، يعبر بنا حدود الخيال يأخذنا الى عوالم لا حدود لها يصور همومنا وهموم الوطن فالشعر والقصيدة ليسا غريبين عن أي فعل خلاّق، هو ضوء نقرا بفضله العالم ويقرأنا.البعض ينظر للشعراء على أنهم يمثلون الإنسانية.

كيف ترين قصيدتك عند كتابتها، بعد كتابتها، وبعد مرور فترة عليها؟

– أرى قصيدتي عند كتابتها كمن تنتظر مولودا جديد وبعد كتابتها ينتابني شعور بالارتياح كوني سكبتُ ما يخالجني من شعور فوق الورق ولكني لا البث أن أعود إليها بعد فترة من الزمن وأراني أعدل فيها الكثير من التعبير والصور، مع بقاء ذاك المعنى الموجود فيها سابقا، ولو سألتني عن قصائدي المطبوعة في الديوانين خاصتي لقلت لك ربما لو تركتها الى اليوم لعدلت على بعضها الكثير، لكني أحبها جدا.

كيف ترين الوطن من خلال فاديه عريج؟

-الوطن هو الأم انتمائي له كانتمائي لأمي، نحيا فوق ترابه ونحمله في القلب أينما حللنا ورحلنا، هو الشجرة المعطاء التي تثمر بتضحيات شعبه، لا أجمل من أن يجاهد المرء في سبيل الوطن ويعمل على بنائه وتطوره فكريا وحضاريا وماديا والأجمل أن يدافع عنه بكل ما أوتي من وسيلة والقلم هو وسيلتي.

وقد كتبت عدة نصوص للوطن وأنا التي قلتُ فيه:

أنينك هويتي

انتصارك أنشودتي

ياسمينك يزهر بدمي أنجما

لا وطن غيرك يعمر ذاكرتي

وقلتُ في نص آخر:

وطني..

يا طعم السّواقي الحزينة

وغربة الأيام

كم عَذبَتْ شجونك دمي

ورقصَ فوق جراحك

الخونة واللئام

دروبك مقفرةٌ عتيقة

تموت فيها الأماني

وتغرق الأحلام

هل لي من نبيذ شمسك

رشفةٌ أصحو بها

تبددُ عتمةَ الأيام

ومن ضجيج قهرك بلسما

يبردُ الجراح والآلام

انهض

انفض عنك غبار الظلم

إن تجرأ عليك كائن من كان

علّم الغزاة أنّا متجذرون في الأرض

ونحن أسياد الزمان والمكان

لله درك …كلنا أملٌ

سيورق فيك العود الأخضر

ويعود الحمام ينشد أهازيج السلام

فوق سطوح الشام

هل تملكين السيطرة على قصيدتك؟

-عندما تعتلي صهوة الجواد يجب أن تحكم سيطرتك عليه، لكن عندما تشعرانك وهو روحا واحدة ستترك له العنان بأن يأخذك حيث يشاء وتستمتع برحلته، هي القصيدة في كثير من الأحيان لا تمتلك القدرة على السيطرة عليها تكتبك ترسمك تأخذك الى عوالم ليس لها حدود بلا إذن منك وتحلق معها بلا إجنحة.

ما هي مصادر الإلهام لفاديه عريج؟

– مصادر إلهامي وبوحي متعددة يُبكي قلمي مشهد طفل متشرد أو متسول وتنزف حروفي ألما لمآسي شعبي والوطن ومعاناة الإنسانية المصلوبة على أبواب الريح، وتزغرد كرامة وكبرياء وشمم لانتصار الحق ويرقص الحرف نشوانا ينثر العبير للمحبة والسلام والطفولة كما أن الطبيعة هي الملهم الأجمل للبوح…البحر والسماء والنجوم والقمر…المطر…والطبيعة صديقة بوحي تتغلغل في ثنايا حرفي فأنا كتبتُ وهذا مقطع من نص أنتظر:

أنتظرُ

كعصفورٍ مبللِ بالمطر

الدفء من عينيك

أنتظرُ…طلوع شمسك

كي تتلاشى غيوم أحزاني

وقلت في نص آخر:

أنا والبحر

وصوت فيروز.. وطيفك

لا صوت الا صوتك

كل الغيم يرقص حالما بالمطر

يغار البحر من طيفك يا حبيبي!

يطوف الشاطئ.. يعانقه

يمسح مرور العابرين

وكأنه يقول: الشاطئ لي وحدي

ويشرب قهوته على نوافذ

ذكرياتي المعتقة بالرحيق

هل تعتمدين شكلا شعريا واحدا؟

كي تسكب عواطفك ومشاعرك وما يخالج الوجدان بصور أكثر تنوعا وبه تكون أقرب لروح القارىء، بما تحققه من مداعبة فكرية للأحاسيس والمشاعر الإنسانية، وهو ما يتماشى مع روح العصر والتفكير الإنساني اليوم، فانا لا أستطيع متابعة القصائد الموزونة دائما لأني اشعر أحيانا انها تقيد روحي، عن نفسي اتحدث وربما يخالفني الراي كثيرون، وأحترم ذائقة القارىء ورأيه أبدا.

مع إيماني العميق أن القصائد الموزونة تمتلك المقومات الإبداعية بما يكفي كي ترسو بالقارىء على شواطئ الألق.

أول قصيدة كتبتها كنت في المرحلة الإعدادية وكانت محاولة جميلة في التعبير عن الخداع والظلم بين البشر، حيث كان الثعلب والحمل شخوصا في قصيدتي، وكنت سعيدة عندما أثنى عليها مدرسي في اللغة العربية آنذاك، مع أنها كانت محاولة خجولة ولكني كنت سعيدة بها. وأول قصيدة غزلية كانت وأنا في مرحلة التعليم الثانوي، ولم أنشر ما أكتب لأني كنت ومازلت أكتب لنفسي واحتفظ بكتاباتي في مدونات قديمة حديثة، لكن وسائل التواصل الاجتماعي هي التي ساهمت بنشر كتاباتنا وتشجيع ممن هم حولنا، وتشجيع الأصدقاء المتذوقين للشعر والكثير ممن هم نخب أدبية وثقافية في محيطنا وفي هذا العالم الالكتروني كأمثالك أستاذ شاكر فريد حسن إغبارية مشكورا.

وعن سؤالك أي قصيدة أحببت أكثر.. أنا يا سيدي أعتبر نصوصي أبناء لي ولا يمكن لأم أن تحب ولد أكثر من الآخر، لأن كل قصيدة لها مضمون خاص بها ولها حالة وجدانية في روحي ساهمت بولادتها، ولكل قصيدة وقعها الخاص في قلبي، ولكن لو سألتني أي القصائد أقرب للقلب أقول هي تلك التي تتحدث عن الحب والمحبة، نعم لأن المحبة وحدها قادرة على خلق الإبداع والتعبير عن كل القضايا البشرية وأجدها الأقرب لروحي، ولأنها تجعلني أحلق بلا أجنحة.

هل هنالك طقوس معينة للكتابة لديك ؟

– طقوس الكتابة التي تساهم في انهمار حرفي متعددة ولا مكان أو زمان محدد لها، أحيانا الوحدة والتأمل وأحيانا الطبيعة بجمالها وثورتها، وربما وأنا أحتسي قهوتي وأتصفح في كتاب، ولن تصدق إن قلت لك أنني أكثر مرة وأنا أقود سيارتي تعصف بمخيلتي ذكريات فيبدأ الحرف ينهمر انهمار الضوء أركن سيارتي جانبا وأقوم بتدوين حروفي في مذكرة جوالي لأنني أنساها إن لم أدونها ،وأحيانا عندما أخلد للنوم ليلا…أتقلب على هسيس الحرف أنهض وتراني أكتب ما يجول في خاطري وأشعر وكأني مسلوبة الإرادة بلا شعور مني أدون على الورق وربما تكون خاطرة أو غيرها وفي أحيان كثيرة سماعي لأغنية يثير بي الشجن ينهمر بوحي وأسافر معه حدود الخيال .

ما هو طموحك على المستوى العام؟

– طموحي على المستوى العام الأمن والأمان والسلام لوطني وأبناء وطني سوريا أولا، وللعالم والإنسانية كافة، والتحرر من كافة أشكال التخلف والجهل التي تقيد الفكر الإنساني والسمو بأفعالنا وأقوالنا وتعاملنا مع ذواتنا ومع الآخرين بما يليق بنا كبشر، وعدم التفريق بين إنسان وآخر الا بالعلم والعمل.

حيث قلت في هذا:

أحلمُ بالإنسانية ينصهرُ

في داخلها الإنسان

ويولدُ من جديدٍ

إنساناً يحبُ أخاه الإنسان

وتهدلُ أنفاسه هديل الحمام واليمام

سجعاً من أجلِ المحبة السلام

كما أتمنى من كل المنظمات العالمية لحقوق الإنسان تبني الأطفال الموهوبين في كل المجالات لأنهم الأجدر بالعناية والاهتمام، لأنهم غد الإنسانية الواعد وخاصة الأطفال المتواجدين في مسرح الصراع والحروب.

ما هي مشاريعك الأدبية الحالية؟

– مشاريعي الأدبية بسيطة خجولة، لي محاولة في كتابة القصص القصيرة الموجهة للأطفال، وأتمنى أن تجد النور بطباعتها ولو بعد حين، أرغب بإنشاء منتدى ثقافي صغير يساهم فيه عدد من الأقلام الواعدة وخاصة جيل الشباب.

هل حقا حقل الأدب يتسع لجميع الأزهار؟

– الأدب يتسع لجميع الأزهار ولكن الأزهار تفنى ولن يبقى في الذاكرة إلا الأزهار التي تحمل العطر الذي يترك بصمته في القلوب والعقول والأرواح، وبعض الأزهار في الطبيعة كما الأدب لا تمتلك عطرا.

كيف ترين حركة الإبداع والنشر في سورية حاليا؟

– لست في موقع يخولني تقييم حركة النشر والحركة الإبداعية في سوريا، لكني أقول إن سوريا مهد الحضارة وموطن الإبداع والمبدعين كانت وما زالت وستبقى مدرسة لكل شعوب الأرض.

هل كتابتك التزام إبداعي أم طرح سياسي؟

– الكتابة التزام إبداعي، ويجب أن لا تخلو من الطرح السياسي لأن الكتابة وليدة الواقع الذي يحياه الكاتب ولا يمكن أن ينفصل عن واقعه ابدا، ولكني لم أكتب في السياسة أبدا، كتبت للوطن وصورت همومه ومعاناته وهموم المواطن، لإيماني بأن السياسة ذات معطيات متغيرة أبدا.

هل تناولك النقاد بالنقد؟وهل أنصفوك؟

– تناول نصوصي بعض النقاد وأظنهم أغدقوا الكثير مما أفخر وأعتز به، منهم الناقد العراقي الأديب وجدان عبد العزيز والناقد الفلسطيني الشاعر وليد دويكات وصديقتي الناقدة الكردية المقيمة في باريس نجاح هوفاك وغيرهم لا مجال لذكر أسماء. وأنت أستاذ شاكر فريد حسن إغبارية كان لك اضاءة نقدية أفخر بها جدا، وأعتبر كل الإضاءات النقدية التي تناولت نتاجي الأدبي وساما على صدري. وإذ سألتني هل أنصفوني بالنقد أقول: أغدقوا الكثير مما أعتز به، مع إيماني أنني مازلت طفلة أحبو في ميدان الشعر والشعراء.

الكلمة الأخيرة التي توجهيها للقراء؟

– كلمتي الأخيرة للقارىء: أتمنى أن أكون عند حسن ظنك وترقى كتاباتي لمستوى الذائقة الأدبية لك، كما أتمنى من كل قارىء أن يوجه النقد البناء لكل عمل أدبي مما يساهم في تطوير النتاج الفكري أدبيا وصقل موهبة الكاتب بطرق وأساليب حضارية بنّاءة تعزز ثقته بنفسه ومحيطه ونتاجه لا أساليب هدامة الهدف من خلفها التحطيم والتجريح لأن كل منا يمتلك الروح الخلاقة التي تسمو بالتعزيز الإيجابي والعمل الإنساني الخير.

أخيرا: كل التقدير والاحترام الأديب الصديق شاكر فريد حسن إغبارية هل هذا اللقاء الممتع.. دمتم بكل الألق.

حاورها: شاكر فريد حسن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة