نظرة فموعد فاتفاق خطوبة وزواج… فطلاق

تاريخ النشر: 22/07/10 | 16:24

بقلم يوسف جمل

هذه الظاهرة باتت تقلق الجميع في مدى انتشارها وسرعة حدوثها وتطورها وما تحمله من استهانة واستهتار واستخفاف بقدسية الزواج وعظم ما فيه من أساس وعماد لبناء الأسر وتأسيس العائلة التي بها يتكون المجتمع وتبنى الأمة.

هذه الظاهرة التي نحن بصددها هي ظاهرة الطلاق الذي مهما كان حلاله فهو أبغضه عند الله سبحانه وتعالى وهو الذي يجب أن يقع بعد فشل كل المحاولات واستنفاذ كل طرق التوفيق والمصالحة وليس كحلٍ أولٍ وأخيرٍ عند أول خلاف يحدث أو أول مشاجرة تقع فيركب كل من الطرفين رأسه وتأخذه العزة وتعتريه الكبرياء وتصبح معركة يبحث فيها الطرفان عن انتصارات وهزائم وربح وخسارة وغالب ومغلوب.

صرنا في أيامنا هذه نسمع ونقرأ ونعايش حالات كثيرة من الطلاق والفراق والانفصال وفسخ العهود والعقود فهذا طلق زوجته وهذه تركت خطيبها وهذا تزوج شهراً وهذه خطبت سنة وهذه خطبت ثلاث مرات وهذا فسخ الخطبة وهذه (( دشرت )) خطيبها.

إن تزايد هذه الحالات يستدعي منا البحث والدراسة للأسباب والدواعي التي جعلت الناس تلجأ إلى ذلك بكثرة وبسرعة والوقوف على ذلك لإعادة حساباتنا ومراجعة تصرفاتنا وتعديل طرق اتخاذنا للقرارات التي يكتنفها التسرع والتهور والتحدي وعدم تدخل جهات أو أفراد أو حكم من أهله وحكم من أهلها.

وعلى الغالب يلعب الأهل دوراً كبيراً في هذه القرارات وذلك على الحالتين, إما بالتدخل المبالغ به والتأثير على الطرفين واتخاذ القرار وفرض الرأي على الشاب أو الفتاة بالانفصال ودعم الابن والبنت والتصلب في الرأي وعدم ترك مجال أو بارقة أمل بإصلاح ذات البين وإما بعدم التدخل والاكتفاء بالقول هذه حياته وهذه حياتها وما يقرره أو تقرره هو أمر خاص ليس لنا أن نتدخل به ونتحمل أعباءه فيكون القرار قراراً صبيانياً أو ارتجالياً أو متهوراً وغالباً ما يؤدي إلى الفراق وإلى الانفصال, بل وبعدها المسارعة في الخطوبة أو الزواج من جديد مرة أخرى نكاية بالطرف الآخر فيتكرر الأمر والمشاهد والأحداث.

بينما تجد جميع من حول الحدث من أقرباء أو رجال خير ومؤسسات وهيئات إصلاح ذات البين والأمر بالمعروف يقفون موقف المتفرج أو الحاضر الغائب ويلخصون مواقفهم بالمقولة المعروفة (( التدخل بجنازة وعدم التدخل بجوازة )) أو يقومون بذلك انتقائياً أو تعذراً و(( مالك ومال وجع الراس )) أو يتجنبون التدخل لعدم توفر أسس الاحترام والواجب والتقدير أو قسوة المواقف أو العنف وقراءة الصورة مسبقاً ورؤية النتائج قبل وقوعها.

كما وأن ما يسمى بالحرية والقوانين وفهمها بصورة خاطئة وتوظيف ذلك في خلق أجواء صراعات ومشاحنات وحروب على السلطة والتنازع على جهاز التحكم والمصارعة, كلها أمور لا يبنى عليها بيوت ولا تؤسس عليها عائلات ولا يستقر بها مجتمع من المجتمعات.

كما أن الأوضاع الاقتصادية وارتفاع سقف التوقعات وتضخم الأحلام وزيادة المتطلبات والمحاكاة والـ (مشابهة ) أدت كلها إلى عدم التنازل وما حدا أحسن من حدا.

والغريب أن المجتمع مع كل التطورات والتغييرات والثقافة والوعي الذي من المفروض أن يصب في امتلاك القدرات الايجابية والمهارات وتغيير أساليب وأنماط الحياة للناحية الايجابية وللتفاهم وللمحبة وللتروي والصبر وعدم التهور وحسن الدراسة واتخاذ القرار, صار مجتمعاً لا مبالياً متسرعاً, يختار بسرعة ويحكم بسرعة ويرفض بسرعة ويعود مرة ومرات أخرى ويكرر الأخطاء و لا يتعلم منها, لا يمنح نفسه فرصة الدراسة والاستفسار والسؤال وإعطاء المجال وحق الطرفين في البحث عن انسجام وملائمة فيكون الناتج وليد حماس وبريق وهوى واستعجال سرعان ما يخفت فيكون الناتج وليد أسف وندم وسعي في الخلاص والانفصال ولسان حال الطرفين يقول أول الطريق أو منتصف الطريق ولا آخرها.

لقد شرع الله الزواج وفيه السكن والسكينة والمودة والرحمة والإلفة والخير والمحبة والعِشرة والتزاوج فيه التكاثر والتناسل وإعمار الكون وحفظ الأنساب واستمرارية الحياة على هذه الأرض, فيه الراحة والاستقرار والأمل والعمل وبداية عهد جديد وحياة جديدة تبشر بعهود أخرى وحيوات أخرى وفي ذلك العبرة وفيه العظمة فاعتبروا يا أولي الألباب لعلكم تفلحون!

إن العديد من حالات الانفصال والطلاق والفراق مردها إلى سرعة القرار والقبول والاختيار وعدم التروي والصبر ودراسة الأمور بالشكل الصحيح والخطوبة المبكرة أو السريعة القصيرة التي لا تتيح التعارف بالشكل الكافي وكذلك عدم نضوج الطرفين أو أحدهما لتحمل المسؤولية بالإضافة إلى غياب دور الأهل وأهل الخير وبالتالي تقبل المجتمع لهذه الظاهرة وعدم محاربتها ومحاولة التصدي لها ورفضها من خلال التدخل والتوعية والإرشاد والنصح والتثقيف الأسري جعلها تتفشى وتصبح أمراً عادياً ولا تتعدى كونها مجرد حالات تحدث فيتناقلها الناس من ضمن ما يتناقلون ولا يحركون ساكناً طالما أن الأمور لا تحدث في محيطهم ودوائرهم.

من هنا علينا أن ننظر إلى الزواج ببالغ الأهمية واستشعار قدسيته والسعي في رفعته والعمل على توطيد وتمكين أسسه السليمة التي تثبت أركانه وتعلي عمارته وتجعله في عظمته ورهبته ونبذل كل ما يمكننا من أجل بناء البيوت وعمارتها البشرية والخير فيها والصلاح وما التوفيق إلا من عند الله.

‫6 تعليقات

  1. بارك الله فيك استاذ يوسف على صياغة هذا الموضوع المقلق الذي يقض مضاجع الكثيرين. ففعلا أصبحنا اليوم نسمع خبر الطلاق وفسخ الخطوبة كأنه أمر عادي, وهو أمر جلل عظيم, وأذكر قصة رواها الشيخ ابو اسحاق الحويني حفظه الله(واسمحوا لي أن أدخل بعض العبارات بالمصرية العامية), ان الشيطان يرسل سراياه الى ابن آدم, وفي آخر النهار يجلس على كرسيه ويقف كل الشياطين بالدور يسألهم واحدا واحدا ماذا فعلت في هذا اليوم, يأتي الأول ويقول ما تركته(اي ابن آدم) حتى قتل أباه, فيقول متهكما قتل أباه !!! “بَس” ؟
    دا بيشتغلش دا, صُف صُف عجنب. فيأتي الذي بعده, أنت ماذا فعلت, فيقول: ما تركته حتى زنى , فيقول: “زنى !!! كلكم متستاهلوش الأكل,صُف صُف عجنب ” .
    وأنت ماذا فعلت ؟, يقول :ما تركته حتى قطع زوجته اربا اربا, فيقول:بس !!! صُف صُف عجنب. الشيطان زعلان, هو دا شغل دا لعب عيال. فيأتي واحد, فيقول له وانت كمان اوعى تكولي قتلت وعملت والكلام دا, عايز واحد يفتح نفسي . فيقول له ما تركته حتى فرقت بينه وبين أمرأته, فكنت أوسوس له, ما قيمة رجولتك اذا لم تمشي كلمتك !,طلقها واخلص, لكي تعرف من أنت وما قيمتك, فيطلقها… الشيطان بعد أن سمع هذا الكلام يقف من بعد جلوسه على الكرسي ويأخذه بالحضن ويقول له: نِعمَ أنت, أنت أنت . هوا دا الشغل .
    السؤال هنا, كل المعاصي التي ذكرناها كبائر والطلاق مباح, فكيف الشيطان يفرح بالمباح ويغتبط بالكبائر ؟. يقول الشيطان, الذنب يمكن أن يتوب منه ابن آدم,فتاب الله عليه, فيمسح عمل الشيطان. اما الطلاق فالأولاد سيتشردون ولن يلقوا العناية اللازمة وسيجندهم الشيطان عنده بسبب الاهمال الذي نتج عن الطلاق.
    وأنا أرى أن أنجح زواج على الاطلاق هو الزواج الاسلامي الذي يتقيد كل طرف بحدود الشرع فكل له حقوق وواجبات, وبذلك كل طرف سيحرص على أن لا يظلم الطرف الآخر, فنجد التسامح والعفو وبالتالي ستسود السعادة والطمأنينة, وما ظنك ببيت بني على محبة الله وطاعته.
    وأرى أن الطلاق اذا تم يكون سببه الأساسي عدم اختيارنا السليم لشريك الحياة, فلا بد من يوضح كل طرف للآخر قبل الزواج صفاته ونمط حياته, وأن يتفقا على امور مشتركة يلتزمون بها , فيكون كل شيئ واضح قبل الزواج, ولا تكون صدمة بعد الزواج. فالحياة الزوجية فن جميل وهام قلَّ من يعرفه، فتحدث المشكلات والأزمات بين الزوجين نتيجة الجهل بهذا الفن. والبحث عن أسباب فشل الزواج يحتاج الى مئات الكتب. وفق الله كل المسلمين الشباب في اختيار الزوجات الصالحات, ووفق الله كل المسلمات في اختيار الزوج الصالح . اللهم وفقنا فيما تحبi وترضاه.

  2. أستاذي الكريم ..
    مقالة تصيب “قلب” الهدف كما يقال، تعابير وكلمات عظيمة، أسلوب طرح مميز، والمضمون “ولا أروع” !!
    أحييك أستاذي على هذه المقالة الأكثر من رائعة .
    أما بالنسبة لمضمونها ; جسدت واقعاً نعيشه ونشترك فيه، فالزواج بنظري هو بناء للجتمع، فإذا تضعضع هذا البناء تلف المجتمع ! فالزواج هو العائلة والأسرة والأبناء والتربية الحسنة وتعليم القيم العُليا .
    والطلاق هو أبغض الحلال إلى الله، لكن لا بد منه في حالات تستدعي إلى ذلك .. “بس مش على الطالعة والنازلة” ولا بد من تعلم التعايش وتقبل الآخر مع عيوبه والتسامح والتضحية، فبدون هذه الأشياء لا أتوقع ان تستطيع إكمال درب حياتنا الإجتماعية. لا بد من قدسية الزواج كما ذكرت، ولا بد أيضاً من التخلي عن نظرة التعالي من الرجل ومن المرأة أيضاً فالحياة هي تشاركية وتكاملية .
    برأيي سبب رئيسي لحالنا هذا هو إبتعادنا عن تعاليم الدين الإسلامي التي تنظم الحياة الزوجية والعائلية، فالدين يعلم كل أصول التعامل والتعايش بين الزوجين فهو حسب قوله تعالى “مودة ورحمة وميثاق غليظ بين الزوجين”، فإذا فهمنا معنى الزواج وخطينا على منهج الدين الاسلامي فبالطبع لن نصل الى هذه النسبة العالية من حالات الطلاق وفسخ الخطوبة .
    بارك الله فيك يا استاذي.. وأعزك على هذا الطرح المميز والمنتقى والضروري !

  3. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
    اما بعد..
    بارك الله فيك على هذه المقاله الهادفه والآنيه..
    لكن كثر الحديث عن هذه الظاهره ..وبكل الم يعتصر قلبي اقول لا يوجد وفاق ولا اتفاق بين زوجين إلا بتقوى الله ..وعبادته حق عبادته الزجين معا سوياً..وان يعين منهم الاخر على الطاعه..وان يربوا ابنائهم على هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

    كي يكون عندنا هذين الطرفين ..(الزوج والزوجه الصالحين التقيين) يجب علينا ان نربيهم منذ نعومة اظافرهم..ومن شب على شيء شاب عليه..فعندما نربي اجيال صالحه فتيات طاهرات عفيفات تقيات..حتما ستنجح في حياتها لان هدفها اصبح واضحا ان ترضي ربها وترضي زوجها وتنجب اشبالاً تربيهم تربيه اسلاميه صحيحه وسليمه..(فالحياة السعيده هي زوجه صالحه ، وبيت واسع، ومركبه مريحه،) فهنيئا لمن وجد امرأه صالحه فقد حاز على سعاده دنيا ابديه تكتمل بالاخره
    وايضا كذلك عند الرجال عندما نربيهم تربيه صالحه بكل مفهومها سينتج لدينا شاب صالح نشاء في طاعة الله وسيتزوج حتى ينجب اجيالا تشهد بان لا اله الا الله…ومحمد رسول الله..وتقيم الدين الحق

    اذا الله الله في تربيه الابناء و البنات..هم صلاح المجتمع او فساده.

  4. بارك الله بك استاذ يوسف على هذا المقال العجيب والذي زينوه اسلافي بزهور الكلمات المتفتحه والمبهره لاعين ناظريها .
    لا بد للتنويه ان هذا الوباء ليس الا لمحاربة صلاحية الامه الاسلاميه من خلال ادخال انماط حياه (موديرنيت) هدفها الاول والاخير افساد امتنا من خلال افساد الابناء اولا حتى يكونوا بلا مستقبل

  5. كلمات تصرخ بمأساة اجتماعية تتزايد وتتفاقم في الإنتشار في مجتمعنا وتظهر تأثيراتها السلبية ومخاطرها بصورة مخيفة ومقلقة, تكسر القلوب, وتدمع الأعين وتتحطم النفوس, وتتفكك عائلات لأنه لم يعد هناك قدسية لمؤسسة الزواج. فكما قلت يا استاذ يوسف فان العلاقات الإنسانية الإجتماعية في مفاهيم قدسية الإرتباط الزوجي لم يعد لها قيمة, مجردة من مشاعر المحبة والألفة والإحترام والتوافق فاصبح الطلاق وفسخ الخطبة سهلا لا تقف امامه أي موانع أو أي رادع, فلا العادات والقيم, ولا وجود أطفال وأولاد بأي جيل يردع. كأن الرتباط مجرد خاتم يخلع ويرمى لأي سبب…فالشيطان نال مراده وضحك ويضحك علينا, نحن بني البشر, من يوم “التفاحة” في السموات وحتى يومنا هذا على الأرض…!!!
    “يقول الشيطان, الذنب يمكن أن يتوب منه ابن آدم,فتاب الله عليه, فيمسح عمل الشيطان. اما الطلاق فالأولاد سيتشردون ولن يلقوا العناية اللازمة وسيجندهم الشيطان عنده بسبب الاهمال الذي نتج عن الطلاق”.
    القصة التي ذكرتها يا ابن بلدي محمود عن الشيطان هي كل الحكاية وصدقت بكلماتك فان دخل الشيطان قلبا او نفساً يدمر الكثير الكثير….فكبير الشياطين فرح لفعل آخر الشياطين حين فرق بين اثنين وحدث الطلاق لأنه فكك اسرة كاملة, فتشرد ابناؤها في ألشوارع, وانخرطوا في العالم السفلي, عالم الجرائم والكبائر..عالم الدمار والهلاك…وليس هناك من يردع وينصح…والشيطان يمرح…وسيبقى ما دام العقل البشري متلبد, والقلب خالي من الإيمان والتقوى…

  6. أود نشر هذه القصيدة التي قامت اناملي بنسج خيوطها:

    الى متى
    الى متى ستظل المعاناه تطارد هذا الشعب
    وماذا ستكون نهاية هذة الدرب؟؟
    دمار وموت ومعاناه صباح ومساء
    بحق القدر ورب الارض والسماء
    صرخاتهم من يسمعها
    ودموعهم متى وكيف ومن… سيجففها؟؟
    اي دستور واي قانون
    نص بالحكم عليهم الى الابد بالمعاناة والشجون
    نلهو ونشرب ونسكر
    وهم يتناوبون شرب الاسى واللهو بنقل الجثث
    ما هو موقفنا والى متى سنظل نسخر؟؟؟
    كم نحزن عندما نضيع درهم او دينار
    وماذا عن خسارة ارواح…طفل وشاب وختيار؟؟
    نحن نحلم بالمناصب والاموال
    وهم يصلون للامان وراحة البال
    نحن لا يعجبنا اي شراب او طعام
    وهم يشربون الاسى ولا يعرفون طعم الاستسلام
    نحن نكتب ونخطط ماذا سنفعل بنهاية الاسبوع
    وهم يدعون بكل ثانية ان يخفف عنهم الحصار وتنتهي براكين الدموع
    نحن نسافر من دولة الى اخرى
    وهم ينقلون الجثث من مقبرة الى اخرى
    نحن نشاهد الحلقات والافلام
    وهم ابطال فيلم العذاب والالام
    نحن نعد كم جنينا من النقود نهاية كل شهر
    وهم يعدون كم ضحية وضعوا بهذا او ذاك القبر
    نحن نشاهد الفيلم لنرى النهاية
    وهم من كثرة الظلم والعذاب نسيوا متى كانت البداية
    سؤال صغير
    يريد حل وليس تفكير الى متى؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة