وأنت مازلت متردداً

تاريخ النشر: 04/12/17 | 19:37

العالَمُ من حولِكَ يَمُوجُ بالفِتَن ،
يمتلأ بالعَواصِف ،
واليأسُ يُسيطِرُ على كثيرٍ من الأنفُس ،
والإحباطُ يَغزو كثيرًا من القلوب ،
وأنتَ ما زِلتَ مُتردِّدًا ؟!
ما زِلتَ ساكنًا في مكانِكَ لا تُحَدِّدُ موقِفَكَ ، ولا تَتَّخِذُ قرارًا ؟!

تتساءَلُ في خَوفٍ : كيف النَّجاة ؟!
تُرَدِّدُ في هَمْسٍ : ما أصعَبَ الحَياة !

أَمَا أُخْبِرتَ أنَّ الطريقَ أمامكَ مُمَهَّدٌ ، ولكنَّ عينَكَ لا تراه !
أَمَا عَلِمتَ أنَّ السبيلَ مُيَسَّرٌ إن كُنتَ حقًّا تُريدُ النَّجاة !

لا تُفكِّر كثيرًا ، ولا تبحَث حولَك ،
فأمامكَ كتابُ الله ، فيه الخَيرُ والسَّعادةُ ،
لكنَّ الغُبارَ عَلاه ، فما عُدتَّ تراه :”

أتُراكَ تشعرُ بلَذَّةِ الحَياةِ وأنتَ عنه بعيدٌ !
أتُراكَ تنجو وأنتَ لا تفتحه طِيلةَ العام !
أتُراكَ تسعَدُ وأنتَ لا تعرفُ ما يحويه !

لا تدَّعِ الانشغالَ ،
لا تُبرِّر هَجركَ ببُعْدِ الدار ،
فكُلَّما ابتعدتَّ عنه زادكَ اللهُ بُعدًا .

تلاوةُ القُرآن لم يُخَصُّ بها العُلماءُ والمُقرِئونَ ،
فنبيُّكَ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – يقولُ :
(( اقرأوا القُرآنَ )) رواه مُسلِم .
فلم يَخُصُّ بدَعوتِهِ وحَثِّه على القِراءةِ رَجُلًا ولا امرأةً ،
ولا كبيرًا ولا صغيرًا ، ولا عالِمًا ولا جاهِلًا ،
ولا جِنْسًا ولا لَونًا . لكنَّ الخِطابَ للجميع .

كُلُّ مُسلِمٍ بإمكانه أن يفتحَ المُصحفَ ، أن يقرأ منه .

وإن كُنتَ أُمِّيًا لا تستطيعُ القِراءةَ ،
فعِندكَ القنواتُ تُتلَى فيها الآياتُ ليلَ نهار .
استمِع إليها ، وعِش بقلبِكَ معها ()

لا أُريدُكَ أن تقتصِرَ على القِراءةِ فقط ،
بل أُريدُكَ أن تَتَّخِذَ قرارًا جادًّا بحِفظِ القُرآن .

نعم ، ابدأ من الآن ، ولو حَفِظتَ كُلَّ يومٍ آيةً أو آيتين .

ليس الأمرُ صعبًا .
ليس الأمرُ مُعقَّدًا .
ليس الطريقُ طويلًا .

يقولُ رَبُّكَ سُبحانه :
(( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِر )) القمر/17 .

كم من السَّنواتِ مَرَّت عليكَ دُونَ أن تُحَقِّقَ فيها إنجازًا يُذكَر !
ما رأيُكَ لو كانت تلك السَّنواتِ مع كتاب اللهِ سُبحانه ؟!
مع آياتِهِ وكلماتِهِ ؟!
بالتأكيدِ سيكونُ لها طَعمٌ آخَر ،
سيكونُ لها ذِكرَى طيِّبةٌ عندك ،
ستكونُ في مِيزان حسناتِكَ .

لا تجعَل سِنَّكَ يُعيقُكَ عن الإقبال على حِفظ القُرآن ،
فغَيرُكَ خَتَمَه وهو في السِّتين ، وبعضُهم جَاوَزَها .

لا تجعَل مُستواكَ التَّحصيليّ قَيْدًا يُقيِّدُكَ عن الخير ،
فكم مِن مُعاقٍ إعاقةً ذِهنيَّةً حَفِظَ القُرآنَ وأتقنَه !

تأكَّد أنَّكَ تُؤجَرُ بنِيَّتِكَ ، فلا تحكُم على نَفسِكَ وأنتَ في مكانِكَ .

أقبِل ، تعلَّم ، رَدِّد ، كَرِّر ، حاوِل ،
لا تخَف من الفشل ، لا يُسيطِر عليكَ اليأس ،
جَرِّب ولا تكُن مُتكاسِلًا ،
ولا تُحَدِّد النتيجةَ قبل أن تسيرَ في الطريق .

واصطحِب معكَ حُسنَ الظَّنِّ بالله ،
واسأله سُبحانه التوفيقَ والسَّدادَ
وأن يُيَسِّرَ لكَ حِفظَ كتابِهِ وإتقانَه .

واعلَم أنَّ اللهَ لن يخذلك ،
لن يُضيع جُهدَكَ ،
وسيأجُرَكَ على سَعيكَ ونيَّتِكَ .

فإن وُفِّقتَ فالحَمدُ للهِ ، وإن صَعُبَ عليكَ الأمرُ
فأجرُكَ محفوظٌ بحُسن نيَّتِكَ .

ويكفيكَ شرفًا أنَّكَ ابتغيتَ بسَعيكَ وَجهَ اللهِ ،
وطلبتَ بحِفظِكَ رِضاهُ سُبحانه .

ومِمَّا يَزيدُ في هِمَّتِكَ ويُقَوِّي عَزيمتَكَ :
أن تعلَمَ أنَّ القُرآنَ يشفَعُ لصاحِبِهِ في الآخِرة ليَدخُلَ الجنَّةَ ،
أن تعلَمَ أنَّ قارئَ القُرآن يُقالُ له :
(( اقرأ وارتقِ ورَتِّل كما كُنتَ تُرتِّلُ في الدُّنيا ،
فإنَّ منزلتَكَ عند آخِر آيةٍ تقرأ بها ))
قال الألبانيُّ في صحيح الترمذيِّ : حسنٌ صحيح .

انظُر لأصحابِ الباطِل كيف يُدافعونَ عن باطِلهم ،
وماذا يفعلون لنَصره ولنشره واستمراره ،
وكم يُسخِّرون جُهودَهم وأوقاتَهم وأموالَهم لذلك ،
وهم في ذلك مأزورون .

وأنتَ يا مُسلِم ، يا مَن تسيرُ على طريق الحَقِّ ،
يا مَن رَضِيتَ باللهِ رَبًّا ،
وبالإسلام دِينًا ، وبمُحمَّدٍ – صلَّى اللهُ عليه وسلَّم – نبيًّا ،
ماذا فعلتَ لنصر دِينِكَ ؟! ماذا قَدَّمتَ له ؟!

أراكَ تكاسَلتَ وتأخَّرتَ .

أَمَا فَكَّرتَ أن تنصُرَ دِينَكَ ولو بحِفظ كتاب الله تعالى
ومعرفةِ حُدوده وأحكامه ،
وتحويلها إلى واقعٍ عمليٍّ في حياتِكَ ؟!

أَمَا علِمتَ أنَّ في إقبالِكَ على كتاب اللهِ إغاظَةٌ لأعداءِ دِينِكَ ؟!
لا تَقُل : هكذا الناسُ ، ولستُ الوحيد .
فأنتَ ستموتُ وَحدَكَ ، وستُبعَثُ وَحدكَ ،
وستُحاسَبُ وَحدكَ ، ولن ينفعَكَ إلَّا عملُكَ ،
ولن يبقى إلَّا ما قَدَّمتَ .

فهلَّا أمسكتَ بكتاب رَبَّكَ ، ونفضتَ عنه الغُبارَ ،
وتَلَوْتَ ، وحَفِظتَ ، وتعلَّمتَ ، وعلَّمتَ ، وطبَّقتَ ،
وجعلتَ القُرآنَ نِبراسَ حياتِكَ ، ونُورًا يُضيءُ ظُلُماتِكَ ؛
ليكونَ سببَ هِدايتِكَ وشِفائِكَ ، وفي القبر يُؤنِسُكَ ،
ويَشفَعُ لكَ في آخِرتِكَ ؟!

ابدأ بنَفسِكَ ، وأقبِل على كتاب رَبِّكَ مُخلِصًا للهِ نِيَّتَكَ ،
طالبًا بذلك رِضاهُ وجنَّتَه .

واعلَم أنَّ اللهَ تعالى سيَحفظُكَ ، سيُوفِّقُكَ ،
سيأجُرُكَ ، وأبدأ أبدًا لن يخذلك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة