ناسا تبتكر تقنية لراداراتها

تاريخ النشر: 15/04/17 | 1:21

تعتبر عملية البحث عن المركبات الفضائية وبقايا الصواريخ المفقودة في الفضاء مهمة تقنية بحتة، كما أن عملية البحث عن هذه الأجسام الفضائية صعبة جدا من خلال المراصد الفلكية الأرضية نظرا لأنها قد تختفي خلف لمعان القمر، خاصة تلك التي تدور حول القمر والكواكب الأخرى نفسها، لذلك ولكي تتم مواجهة مثل هذه العقبات فقد ابتكرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا تقنية جديدة لرادار للبحث حول الكواكب interplanetary radar وتمكن علماء ناسا من العثور على مركبتين فضائيتين مفقودتان تدوران حول القمر، واحدة نشطة والأخرى خاملة ومتوقفة عن العمل، وبلا شك فأن هذه التقنية سوف تساعد العلماء على تخطيط رحلات الفضاء في المستقبل.
وقالت العالمة مارينا بروزوفيتش Marina Brozovic المختصة بعلم الفلك الراديوي في معهد الدفع النفاث في كاليفورنيا ورئيسة هذا المشروع العلمي، انهم تمكنوا بواسطة الرادار الفلكي الأرضي ground-based radar من العثور على المركبة القمرية “مستطلع ناسا القمري المداري إل آر أو” NASA’s Lunar Reconnaissance Orbiter [LRO] وكذلك المركبة القمرية الهندية التابعة لمنظمة أبحاث الفضاء الهندية “چاندريان-1” Chandrayaan-1 spacecraft ، مضيفة أن العثور على المركبة الأمريكية كانت عملية سهلة نسبيا، حيث كانت هنالك معلومات سابقة دقيقة عن مكان وجودها، بينما كانت عملية العثور على المركبة الهندية اكثر صعوبة كونها فقدت في شهر أغسطس 2009م.
والمشكلة الأخرى أن المركبة الهندية صغيرة جدا وهي على شكل مكعب يصل قطر كل طرف فيها إلى حوالي 1.5 متر أي أن حجمها يقدر بنصف حجم السيارة الذكية، وبالرغم من أن الرادار بين الكواكب مصمم لكي يكشف عن الكويكبات الصغيرة من مسافات كبيرة تقدر بملايين الكيلومترات، إلا أن الفريق العلمي لم يكن متأكدا فيما إذا كان بإمكانه رصد المركبة القمرية الهندية چاندريان-1 لصغرها مع أنها قريبة من القمر، ومع ذلك فقد تمكن الرادار بين الكواكب من رصدها والعثور عليها.
أن جميع الرادارات تعتمد على موجات المايكروويف إلا أنها ليست متساوية في القوة، فمثلا الرادار الذي يستخدمه رجال الشرطة في ضبط السيارات السريعة لا يمكنه رصد السيارات التي تبتعد مسافة تزيد عن 1.5 كيلومترا فقط، أما الرادار الذي يستخدم في المطارات لرصد الطائرات فيبلغ مداه إلى حوالي 80 كيلومترا، بينما الرادار الذي يستخدم لرصد المركبات الفضائية فيصل مداه إلى ملايين الكيلومترات، وفي هذه البحوث استخدم الفلكيون رادار قطر اللاقط فيه 70 مترا تابع لمجموعة شبكة اتصالات جولد ستون للفضاء العميق في كاليفورنيا NASA’s Goldstone Deep Space Communications Complex وتم اطلاق حزمة مايكروويف قوية نحو القمر، ومن ثم ارتدت الموجات عن المدار القمري (صدى) نحو الأرض من جديد والتقطها تلسكوب غرين بانك Green Bank في غرب ولاية فرجينيا الذي يصل قطره إلى حوالي 100 متر.
أن عملية البحث عن مركبة فضائية تدور حول القمر فقدت منذ سنوات عملية صعبة للغاية، وذلك بسبب التغير في جاذبية القمر أثناء دوران المركبة حوله يمكن أن يؤدي إلى حدوث تغيير مهم في مسار المركبة وبالتالي عدم معرفة المكان الذي توجد فيه حاليا بدقة، ووفقا لحسابات مختبر الدفع النفاث في كاليفورنيا فأن المركبة الهندية چاندريان-1 تدور حول القمر على ارتفاع 200 كيلو مترا فوق سطح القمر، في حين اعتبرت المركبة في عداد المفقودين.
وعلى الرغم من أن الحسابات الفلكية أشارت إلى صعوبة العثور على المركبة القمرية الهندية، إلا أن الباحثين افترضوا أنها تدور حول القمر في مدار قطبي، وعليه فأن المركبة سوف تعبر السماء فوق قطبي القمر في كل دورة، وعليه ففي الثاني من يوليو سنة 2016 وجه الفريق العلمي تلسكوبي غودارد وغرين بان الراديويين لتغطية مسافة 160 كيلومترا فوق القطب الشمالي للقمر، وانتظروا لمعرفة فيما اذا فقدت أو انقطعت الأشعة عند مرور المركبة، وكان الفريق العلمي قد عرف وفقا للحسابات أن المركبة الهندية تكمل دورة واحدة حول القمر كل ساعتين و 8 دقائق، وعليه فأنه من المتوقع أن تنقطع الأشعة مرتين كل حوالي 4 ساعات نتيجة عبور المركبة الهندية، وكذلك العمل على تحديد المدة الفاصلة بين انقطاع الأشعة نتيجة مرور المركبة والوقت الذي تعود فيه إلى نفس النقطة السابقة فوق القطب الشمالي للقمر، وبناء على هذه المعلومات يمكن للعلماء تقدير سرعة المركبة والمسافة بينها وبين القمر، بالإضافة لإجراء عملية تحديث لمدار المركبة چاندريان-1 وفقا للمدار الحديث.
وقال الباحث “رايان بارك” Ryan Park مدير قسم المجموعة الشمسية في مختبر الدفع النفاث، قال إنهم توصلوا إلى انهم بحاجة ماسة إلى تغيير موقع المركبة الهندية بمقدار 180 درجة، أو نصف دورة بالنسبة للمعطيات القديمة الخاصة بمعلومات المدار من سنة 2009، ولكن على الرغم من ذلك فأن المركبة چاندريان-1 لا تزال في نفس المكان الذي توقعناه سابقا.
ووفقا للباحث بارك فقد تم الحصول على صدى موجات الرادار لأكثر من سبع مرات خلال ثلاثة شهور، وهي نتائج تتفق تماما مع حسابات المدار الجديد للمركبة، وقد تابع حركة المركبة أيضا مرصد اريسيبو الراديوي الأمريكي في بورتوريكو وهو أضخم مرصد راديوي في العالم.
نتائج هذه الدراسة من حيث رصد وتتبع المركبتين القمريتين المتتبع المداري القمري وكذلك چاندريان-1 تعتبر مهمة من اجل متابعة المركبات القمرية المأهولة في المستقبل، وقدمت تقنية جديدة مهمة جدا ولأول مرة في البحث عن المركبات القمرية والفضائية المفقودة، وكذلك تفادي خطر ارتطامها بسطح القمر أو انقطاع الاتصال معها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة