كفرقرع: المربي خيري عثامنة يرثي نجله البكر

بسم الله الرحمن الرحيم …..” ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين اماما ” …..في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر كانون ثاني لعام 1956 كانت البشارة في بيتنا لولادة ابننا البكر في مستشفى الولادة في مدينة الخضيرة . ولدى عودتي من زيارة السيدة والدة ابننا الى البيت وجدت العائلة وقد أعدت مائدة على شرف القادم الجديد ، فبعد الغداء أخرج والدي رحمه الله لفافة سيجارة ليلف سيجارته ويدخنها بعد الأكل ، هنا تدخلت أختي لدى والدها وطلبت منه أن يلف سيجارة لي ( حينها لم أكن لأدخن أمام والدي). وذلك من نوع الأحترام وشددت عليه بالطلب وقالت : اليوم أصبح أب لولد فاسمح له بالتدخين. فلم يرد طلبها وقام بما طلب منه ، لكني ومع كل خرجت للتدخين . نعم لقد حظي منذ اللحظات الأولى للتقدير والأحترام
وهكذا ومنذ اللحظات الأولى تلقفتك أيد أمينة أصرت أن تكون هي مربيتك الأولى انها جدتك المرحومة الحاجة عفيفة فقد كنت تبيت معها في البيت الكبير ،نعم هذه الأيدي المباركة الطاهرة التي رعتك حق الرعاية وحنت عليك حنانا لا يقدر وسهرت معك لياليك الطوال والقصار , فقد وقعت على قلبها التي يتدفق حبا وحنانا وملأت عليها معيشتها وشريك حياتها الجد المرحوم الحاج محمد ( أبو شريف) . لقد كنت المرهم الذي أذهب عنهما ألم الوحدة كيف لا ومن أغلى من الولد الا ولد الولد . هكذا وقد ترعرعت في بيت تميز أصحابه بالورع وحسن الخلق ألأمر الذي انعكست نتائجه عليك يا ولدي الحبيب.

ألأيام تمر سراعا ، ترعرعت في بيت لم يتوان عن تقديم ما كنت تطلب من تعليم أو ممارسة أي عمل كنت تميل اليه وهي كثر وقد لبيت جميع الطلبات دون تأخير أو توان لقضاء ما تحتاج . لقد كان منها ما أصاب ومنها لا ! فهذه هي الحياة وأحوالها. وتمر الأيام سراعا حتى أطل عليها رسول من عند الله يدعوك لرد الوديعة ، وقد أديت الأمانة وارتقيت الى الرفيق الأعلى ملبيا دون أذن ولا سابقة أنذار.
لقد كان الخطب جلل والمصيبة ثقيلة يئن بحملها ذلك الأنسان الضعيف الذي لا حول له ولا قوة أمام ارادة الله. ونقول :انا لله وانا اليه راجعون.
فجعنا بوفاتك – وهذه مشيئة الله ، اختارك الكريم لجواره في صبيحة أشرف أيام الأسبوع –يوم الجمعة الكريمة في ساعاتها الأولى من يوم الثلاثين من شهر ايلول سنة 2016 . لقد مرت ستون سنة وثمانية أشهر وسبعة عشر يوما ، عشتها معنا وقد كنت كبيرا في محبتك لأبناء بيتك الكرام ، كنت عطوفا على أخوتك وأخواتك وعلى رحمك ، كنت مواصلا لهم ومهتما بأمور حياتهم .
لقد كنت أحد الشواهد على طول شارعنا ، افتقدك الجميع ،ألحارة والجيران و العائلة فقد كنت الدعامة لهم تشكو لشكواهم وتتالم لألمهم ، انهم لا زالوا يحبون أن تبقى بينهم لتسعدهم وتطمئنهم وتسليهم وتخدمهم قدر المستطاع ، لذلك أحبوك وأجلوك وقدموا خدماتهم لك اعترافا منهم بفضلك عليهم .نعم انه الواجب الذي يقدمه الأب لأبنائه والأبناء لأبيهم .
اللهم يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها أرحمنا وارحم أمة محمد رحمة كافية تغنينا بها عن رحمة عمن سواك .
اللهم ارحم ولدي ابني سمير _ أبو أحمد _ رحمة واسعة وتغمده برحمتك . اللهم نور قلبه ووسع مدخله وآنس وحشته .
اللهم أبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وذرية خيرا من ذريته وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة بغير حساب برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اجمعنا به في الفردوس الأعلى من الجنة مع الأنبياء والصديقين والعلماء والشهداء وحسن أولئك رفيقا .انا لله وانا اليه راجعون.الفاتحة.

الحاج خيري عثامنة (ابو سمير)