شهامة شابّ

تاريخ النشر: 09/11/16 | 6:33

ذات مساءٍ فرّت تلك المرأة بعدما قصفَ بيتها من قصفٍ مجنون، ولمْ تدر إلى أين تتجه، فرأتْ غابةً من بعيد، وسارتْ بخطواتٍ مجنونة، وعندما ولجتْ إلى داخلِ الغابة رأتْ كوخاً، ودنتْ منه، ورأتْ بالقربِ منه شابّاً كان يُقطّع الحطبَ، فقالتْ له: أرجوك ساعدني لقدْ دمّر بيتي قبل قليل، والظّلام بدأ يخيّمُ على المنطقة، وأنا لا أريدُ أنْ أسببَ لكَ أيّة متاعب، لكنني أودُّ المبيتَ هنا حتى الصّباح، فهزّ الشّابُّ رأسه، وقال لها: اعتبري نفسكِ مثل شقيقتي، فيبدو مِنْ وجهكِ بأنكِ متعبةٌ من صعودِ الجبل، كما أنّ بيتكِ كما قلتِ هدمَ، ولهذا أراكِ حزينة، فتعالي إلى داخلِ الكوخ، فأنا مثلكِ هربتُ من جُنونِ الحرب، وبنيتُ كوخاً قبل سنوات، وها أنا أعيشُ هنا بمفردي، بعدما فقدتُ كل أقاربي، وجلسا وشربا الشّاي، وقالَ لها لا تخافي أخذتُ عهداً على نفسي أنْ تكوني مثل شقيقتي، وسأحافظُ عليكِ، فلا تقلقي، فذهبتْ تلك المرأة إلى الطّابقِ الثاني وأغلقتْ البابَ خلفها احتياطا، رغم أنّ الشّابَّ بدا صادقاً من تعابير وجهه، واستلقتْ على السّريرِ، وكانتْ تلك المرأة منهكة، ونامتْ حتى الصّباح، وعندما همّتْ بالخروجِ قالَ لها: إلى أين تذهبين؟ فالطّرقُ هنا خطرة، فماذا لو بقيتِ هنا حتى تتضحَ الأمور، أو أنْ تدخل الهُدنة حيّز التّنفيذ، وعندها باستطاعتكِ التّحرّك إلى المدينة، أو أي إلى أي مكانٍ ترغبين به، فهزّتْ تلك المرأة رأسها وقالتْ: أنت إنسانٌ شهم ويبدو أنّكَ تحبّ مساعدةَ الغرباء، فردّ عليها أنا كنتُ مشرّدا قبل أنْ آتيَ إلى هنا، ولهذا قررتُ بناءَ هذا الكوخ في أرضي، لكي أبتعدَ عن جُنونِ الحرب، وقال لها تعالي نحتسي الشّاي، وتبادلا أطرافَ الحديث في جوٍّ ربيعيٍّ مشمس، وتعرّفا أكثر على بعضهما، وظلّتْ تلك المرأة تعيشُ معه في ذاك الكوخ بكلّ أمن، وشعرتْ بالأمانِ معه، لأنّه قطعَ وعداً بأنّها ستكون مثل شقيقته ..

عطا الله شاهين
3talla7shaheen

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

تمّ اكتشاف مانع للإعلانات

فضلاً قم بإلغاء مانع الإعلانات حتى تتمكن من تصفّح موقع بقجة